للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيها في يوم الثلاثاء تاسع عشري ربيع الأول، الموافق لسابع كانون الثاني، وقع الثلج بالقدس واستمر ينزل من ظهر يوم الثلاثاء إلى عشية يوم الخميس مستهل ربيع الآخر ليلا ونهارا حتى امتلأت الشوارع والأسطحة والأماكن، وحكى الكبار (١) أنهم لم يروا مثل ذلك في هذه الأزمنة من نحو سبعين سنة، وكان حجمه فوق الأرض في بعض الأماكن أكثر من أربعة أذرع، وأخبرت أنه كان في بعض الأماكن أكثر من خمسة أذرع، وتقطعت السبل وسدت الشوارع، وأصبح الناس يوم الجمعة ثاني ربيع الآخر في شدة شديدة، وأقيمت صلاة الجمعة بالمسجد الأقصى فلم يحضرها من أهل بيت المقدس النصف بل ولا الثلث، ووقع الثلج بمدينة الرملة، ولم يعهد وقوعه بها في هذه الأزمنة، إلا ما يحكى أنه من مدة طويلة نحو ثمانين سنة، وقع بها الثلج في سنة من السنين فسماها أهل الرملة سنة الثلجة (٢)، ولم يعلم أنه بلغ قدر ما بلغ في هذه المرة، فإنه وصل إلى البحر واستمر في الشوارع أكثر من عشرين يوما، واشتد حتى صار كالأحجار، ثم وقع البرد الشديد بعد وقوع الثلج بنحو خمسة عشر يوما حتى جمد الماء وصار جليدا.

ثم عشية الخميس ليلة الجمعة السادس عشر من ربيع الآخر عاد الثلج ونزل حتى عم الأرض لكنه كان خفيفا، ومن الاتفاق (٣) أن الثلج كان قد وقع بالقدس في السنة الماضية، وهي سنة ٨٩٨ هـ (٤) في يوم تاسع عشري ربيع الأول، ثم وقع في السنة وفي هذا العام في يوم الثلاثاء.

ثم وقع بغزة المحروسة ولم يعلم وقوعه بها قبل الآن فسبحان القادر على ما يشاء.

وأما الأمير جان بلاط نائب القدس فقد تقدم توجهه إلى الأبواب الشريفة، والإنعام عليه باستمراره في وظيفته، ثم لبس التشريف المستمر بالحضرة الشريفة، في يوم السبت ثامن عشر ربيع الأول حضر إلى مدينة القدس الشريف، ودخله في بكرة يوم الخميس في عشري ربيع الآخر، وكان يوما كثير المطر، ولم ير مثله في شتاء هذا العام، وركب الناس للقائه من القضاة والأعيان، واستمر المطر ينزل عليهم من عند خان الظاهر إلى دار النيابة، ودخل صحبته القاضي برهان الدين الجوهري


(١) الكبار ب هـ: الأكابر أ: - ج د.
(٢) الثلجة أهـ: الثلج ب: - ج د.
(٣) ومن الاتفاق أن الثلج كان قد وقع بالقدس في السنة الماضية … ثم وقع الهدم في الأماكن فسقط كثير من الدور الآيلة أ ب هـ: - ج د.
(٤) ٨٩٨ هـ/ ١٤٩٢ م.

<<  <  ج: ص:  >  >>