للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لك شاكرا، اللهم فارحمه في كربته وغربته (١)، قال الله تعالى: ﴿وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنادى فِي الظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظّالِمِينَ﴾ (٨٧) (٢) يعني ظلمة الليل، وظلمة البحر، وظلمة بطن الحوت، قال الله تعالى: ﴿فَلَوْلا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (١٤٣) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (١٤٤)(٣). وروي أنه ما قرأ هذه الآية مكروب إلازال كربه (٤) وهي سورة الأنبياء. واختلف (٥) في مدة لبثه، فمنهم من قال: أربعين يوما، وقيل: ثلاثة أيام، فلما انقضت المدة التي قدرها الله تعالى (٦) له أمر الحوت، أن يرده إلى الموضع الذي أخذه منه. فشق ذلك على الحوت لاستثناسه بذكر الله تعالى، فقيل له: اقذفه، فقذفه في الساحل، فذلك قوله تعالى: ﴿فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ وَهُوَ سَقِيمٌ﴾ (١٤٥) (٧) واسم الحوت: النون.

وخرج يونس مثل الفرخ المنتوف وقد ذهب بصره وهو لا يقدر على القيام فأنبت الله شجرة من يقطين لها أربعة آلاف غصن، فكانت فراشه وغطاءه، وأمر الله الظبية فجاءته وأرضعته حتى قوي، وهبط جبريل، ، فسلم عليه وأمرّ يده على رأسه وجسده، فأنبت الله لحيته، ورد عليه بصره، وأوحى الله بإيمان قومه حين رأوا العذاب، ثم هبط إليه ملك ودفع إليه حلتين وقال: سر إلى قومك فإنهم يتمنوك (٨)، فاتزر بواحدة وارتدي بالأخرى، وسار يونس، ، واجتمع بزوجته وولديه قبل وصوله إلى قومه، ثم وصل الخبر إلى قومه بوصوله، فوثب الملك عن سريره وخرجوا كلهم إلى يونس، ، وسلموا عليه، وفرحوا به، فحملوه (٩) إلى المدينة. وأقام فيهم يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر، فمات الملك وماتت زوجة يونس وأولاده (١٠).

ومات يونس (١١) في سنة خمس عشر وثمانمائة لوفاة موسى، ،


(١) في كربته وغربته أهـ: في غربته وكربته ب د: من كربته وغربته ج.
(٢) الأنبياء: [٨٧].
(٣) الصافات: [١٤٤].
(٤) ينظر: ابن كثير، البداية ١/ ٢٣٤.
(٥) واختلف أ ج هـ: واختلفوا ب د.
(٦) قدرها الله تعالى له أ ج هـ: قدرها الله له ب د.
(٧) الصافات: [١٤٥].
(٨) يتموك أ ج هـ: يتمونك ب د.
(٩) فحملوه أهـ: وحملوه ب ج د وأقام أ ج هـ: فأقام ب د.
(١٠) وماتت زوجة يونس أ ج هـ: وماتت زوجة ب د.
(١١) ومات يونس أ: وكانت وفاة يونس ب ج د هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>