للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم في سنة إحدى عشرة، وقيل: ٥١٤ هـ قصد الديار المصرية ليأخذها، فانتهى إلى غزة ودخلها وأخربها (١) وأحرق مساجدها، ورحل عنها وهو مريض، فهلك في الطريق قبل وصوله إلى العريش. فشق أصحابه بطنه ورموا حشوته هناك، فهي ترجم إلى اليوم ورحلوا بجثته، فدفنوها بكنيسة قمامة بالقدس الشريف.

وسبخة بردويل هي التي في سبخة الرمل على طريق الشام وهي مما يلي العريش إلى جهة مصر منسوبة إلى بردويل المذكور (٢) والحجارة الملقاة هناك، والناس يقولون هذا قبر بردويل وإنما هي الحشوة لعنة الله عليه.

ولما أخذ بيت المقدس وغيره من المسلمين قال في ذلك أبو المظفر (٣) الأبيوردي (٤):

مزجنا دماء بالدموع السواجم … فلم يبق منا عرضة للمزاحم

وشر سلاح المرء دمع يفيضه … إذا الحرب شبت نارها بالصوارم

فإيها بني الإسلام إن وراءكم … وقائع يلحقن الذرى بالمناسم

وكيف تنام العين ملأ جفونها … على هفوات أيقظت كل نائم

فإخوانكم بالشام يضحي قتيلهم … ظهور المذاكي أو بطون القشاعم (٥)

تسومهم الروم الهوان وأنتم … تجرون ذيل الخفض فعل المسالم

وكم من دماء قد أبيحت ومن دمي … توارى حياء حسنها بالمعاصم

وبين اختلاس الطعن والضرب وقعة … يظل لها الولدن شيب القوادم

وتلك حروب من يغب عن غمارها … ليسلم يقرع بعدها سن نادم

سللنا بأيدي المشركين قواضبا … ستعمل منهم في الطلى والجماجم

يكاد لهن المستكن بطيبة … ينادي بأعلى الصوت يا آل هاشم

أرى أمتي لا يشرعون إلى العدى … رماحهم والدين واهي الدعائم (٦)


(على القدس مدة سبعة عشرة سنة، ينظر: ابن تغري بردي، النجوم ٥/ ١٤٧؛ رنسيمان ١/ ٢٩٦.
(١) وأخربها أ ج هـ: وخربها ب: - د.
(٢) المذكور … هي الحشوة أ ب ج: - د هـ.
(٣) أبو المظفر أ ج هـ: مظفر ب: - د.
(٤) محمد بن أبي العباس أحمد بن إسحاق الأموي الأبيوردي، لغوي، شاعر، نسابة، وهو من الأدباء المشاهير له ديوان شعر، توفي سنة ٥٠٧ هـ/ ١١١٣ م، ينظر: ياقوت، معجم الأدباء ١٧/ ٢٣٤ - ٢٦٦؛ ابن خلكان ٤/ ٤٤٤.
(٥) فإخوانكم أ ج هـ: وإخوانكم ب: - د.
(٦) يشرعون أ ب ج: يسرعون هـ: - د.

<<  <  ج: ص:  >  >>