للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالشوبك قوم من الديار المصرية في حال الصلح فغدر بهم وقتلهم، فناشدوه الصلح الذي بينه وبين المسلمين (١)، فقال: ما يتضمن الاستخفاف بالنبي، ، وقصد المسير إلى المدينة الشريفة ومكة المشرفة - كما تقدم ذكره - وبلغ ذلك السلطان فحملته حمية دينه (٢) على أن نذر دمه.

ولما فتح الله عليه بنصره وجلس في دهليز الخيمة لأنها لم تكن نصبت بعد، وعرضت عليه الأسارى، فلما حضر بين يديه أجلسه إلى جنب الملك والملك بجنب السلطان، وقرعه على غدره وقصده الحرمين الشريفين، وذكره بذنبه من حلفه وحنثه ونقضه العهود والمواثيق. فقال الترجمان: أنه يقول: قد جرت بذلك عادة الملوك وكان الملك كي يلهث من الظمأ، فآنسه السلطان، وسكن رعبه، وأتى بماء مثلوج فشرب منه، ثم ناوله الإبرنس (٣) فأخذه من يده وشرب، فقال السلطان للملك: إن هذا الملعون لم يشرب الماء بإذني فيكون أمانا له.

ثم نصبت له الخيام، فلما جلس في خيمته أحضر الإبرنس (٤). فلما أقبل عليه أوقفه بين يديه فقال (٥): ها أنا أنتصر لمحمد منك، ثم عرض عليه الإسلام، فلم يفعل (٦) فبادره وضربه بالسيف فصرعه، ثم أمر برأسه فقطع وجر برجله قدام الملك. فارتاع وانزعج، فعرف السلطان منه ذلك فاستدعاه وأمنه وطمنه. وقال:

لما غدر غدرنا به لأنه تجاوز الحد وتجرأ على الأنبياء، صلوات الله عليهم وسلامه (٧)، وكانت هذه النصرة للمسلمين في يوم السبت لخمس بقين من ربيع الآخر، وبات الناس في تلك الليلة على أتم سرور (٨)، وترفع أصواتهم بحمد الله تعالى وشكره وتهليله وتكبيره حتى طلع الفجر.

وأما الصليب الأعظم عندهم فإن المسلمين استولوا عليه يوم المصاف، ولم يؤسر الملك حتى أخذ صليب الصلبوت، وهو الذي إذا رفع ونصب يسجد (٩) له كل نصراني وركع، وهم يزعمون أنه من الخشبة التي صلب عليه معبودهم، وقد غلفوه


(١) ينظر: ابن الأثير، الكامل ٥/ ١٧٨؛ ابن خلكان ٧/ ١٧٦؛ المقريزي، السلوك ٢٠٧.
(٢) حمية دينه أهـ: الحمية الدينية ب: حميته ودينه ج: - د.
(٣) الإبرنس أ ج هـ: البرنس ب: - د وشرب أ: فشربه الملعون ب ج هـ: - د.
(٤) الإبرنس أ ج هـ: البرنس ب: - د.
(٥) فقال أهـ: وقال له ب: قال له ج: - د.
(٦) فلم يفعل أ ج هـ: فلم يقبل ب: - د.
(٧) ينظر: ابن شداد ٦٢؛ ابن أيوب ٢٧٢.
(٨) سرور أ ج هـ: - ب د.
(٩) يسجد أ ج: سجد ب هـ: - د.

<<  <  ج: ص:  >  >>