للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتقاعد الناس في الشراء فابتاعوها بأرخص الأثمان (١)، وكان ما يساوي أكثر من عشرة دنانير يباع بأقل من دينار، وأخذوا ما في كنائسهم من أواني الذهب والفضة والستور، وجمع البطرك كل ما كان على القبر من صفائح الذهب والفضة وجميع ما كان في قمامة (٢)، فقال العماد الكاتب للسلطان: هذه أموال جزيلة تبلغ مائتي ألف دينار والأمان في أموالهم لا على أموال الكنائس والديارات فلا نتركها لهم. فقال السلطان: إذا تأولنا عليهم نسبونا إلى الغدر فنحن نجريهم على ظاهر الأمان ولا ندعهم يتكلمون في حق المسلمين وينسبونهم إلى الغدر والنكث بل ندعهم يثنون عنا الجميل، فأخذ الفرنج ما خف حمله وتركوا ما ثقل.

وانتقل بعضهم إلى صور وبقي منهم زهاء خمسة عشر ألفا لم يؤدوا ما شرط عليهم فدخلوا في الرق (٣)، وكان الرجال نحو سبعة آلاف، فاقتسمهم المسلمون، وأحصيت النساء والصبيان ثمانية آلاف نسمة.

وما أصيب الفرنج من حين خرجوا إلى الشام في سنة ٤٩٠ هـ (٤)، إلى الآن بمصيبة مثل هذه الواقعة (٥)، ووصل المستنفرون من الكفار إلى أقصى بلاد الفرنج.

ومثلوا صورة المسيح، ، وصورة النبي، ، وبيده عصا (٦) وهو يقصد المسيح ليضربه والمسيح منهزم منه، وأقاموا الشناع والغوغاء في بلادهم لذلك، واشتد ملوكهم واعتدوا وجهزوا العساكر لقصد بلاد الإسلام ومحاربة الملك صلاح الدين، (٧).

ولما استقر بيت المقدس مع المسلمين وطهره الله من المشركين سأل النصارى في الإقامة به ببذل الجزية، وأن يدخلوا في الذمة، فأجيبوا إلى ذلك.

ولما تسلم السلطان القدس أمر بإظهار المحراب، وكان الداوية قد بنوا في وجهه جدارا وتركوه هويا، وقيل: اتخذوه مستراحا، وبنوا غربي القبلة دارا وسيعة وكنيسة. فهدم ما قدم المحراب من الأبنية، ونصب المنبر، وأظهر المحراب، ونقض ما أحدثوه بين السواري وفرش المسجد بالبسط وعلقت


(١) الأثمان أهـ ك ثمن ب ج: - د.
(٢) قمامة أ ج هـ: القمامة ب: - د.
(٣) ينظر: أبو شامة، الروضتين ٢/ ١١٥.
(٤) ٤٩٠ هـ/ ١١٩٠ م.
(٥) الواقعة أ ب: الوقعة ج هـ: - د.
(٦) وبيده عصا أ: وهو بيده عصا ب ج هـ: - د.
(٧) الله أ: + تعالى ب ج هـ: - د.

<<  <  ج: ص:  >  >>