للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتبعهم المسلمون حتى كلت سيوفهم (١)، وقتل من الفرنج نحو خمسة آلاف فارس، وقتل مقدم الداوية.

وحكي عنه أنه قال: عرضنا في مائة ألف وعشرة آلاف ومن العجب أن الذين ثبتوا من المسلمين لم يبلغوا ألفا فردوا مائة ألف. فكان الواحد من المسلمين يقتل من الكفار ثلاثين وأربعين.

وأرسل السلطان (٢) البشائر إلى دمشق بهذا النصر، وعاد السلطان إلى مكانه وعزم على أنه يصالح العدو، وتفقد العسكر فإذا هو قد غاب، وذلك أن بعض الغلمان والأوباش لما وقعت الوقعة ظنوا أن عسكر الإسلام انهزم، فنهبوا الأثقال وذهبوا (٣)، وانهزم جماعة من الجند. فمضى العسكر وراء الغلمان فتأخر من أجل ذلك العزم على المسير، فانتعش (٤) الفرنج لذلك.

وكثر جيف الفرنج المقتولين، فشكى المسلمون نتن رائحتها. فرسم السلطان بحملها على العجل ورميها في النهر، فحمل أكثر من خمسة آلاف جثة. ثم في يوم الخميس التاسع والعشرين من شعبان حضر أكابر الأمراء عند السلطان، ودار الكلام بينهم في المشهورة، فأشاروا بالانصراف لهجوم البرد والشتاء وأن أبدانهم وخيولهم قد ضعفت، وأن السلطان يراسل (٥) البلاد ويجمع الجموع، ثم يحضر للجهاد في سبيل الله تعالى. هذا والسلطان متكره من هذه المقولات (٦)، وليس عنده ملل، وفي كل يوم يطوف على العسكر ويقوي عزمه (٧).

فانتقل ليلة الثلاثاء رابع شهر رمضان إلى الخروبة عند الأثقال وأمر من بعكا بغلق الباب، وشرع الفرنج في حفر خندق على معسكرهم حوالي عكا من البحر (٨) إلى البحر وتحصنوا وتستروا، وأقام السلطان بالمخيم وهو متوعك، فمنّ الله تعالى عليه بالعافية، وصرف الأجناد الغرباء ليرجعوا في الربيع، وأقام بمماليكه، فما مضى يوم إلا وفيه وقعة والمماليك ظافرون بالفرنج. وفي يوم الاثنين ثالث شهر رمضان


(١) حتى كلت سيوفهم أ ب د: - ج هـ.
(٢) وأرسل السلطان البشائر إلى دمشق بهذا النصر أهـ: وأرسل السلطان بهذا النصرة البشائر إلى دمشق ب د: - ج.
(٣) وذهبوا أ: فانهزموا ب د هـ: - ج انهزم أ د هـ: وانهزموا ب: - ج.
(٤) فانتعش أ د هـ: وانتعش ب: - ج.
(٥) يراسل ب د هـ: يراس أ: - ج.
(٦) المقولات أ د هـ: المقالات ب: - ج.
(٧) عزمه أ د هـ: عزمهم ب هـ: - ج.
(٨) من البحر إلى البحر أ ب د: من البحر إلى البر هـ: - ج.

<<  <  ج: ص:  >  >>