للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قاضي القضاة، الإمام العالم المحقق، شمس الدين أبو عبد الله محمد بن علي بن الأزرقي المغربي الأندلسي المالكي، كان من أهل العلم والصلاح، حسن الشكل، منور الشيبة، عليه الأبهة والوقار، وكان قاضيا بمدينة غرناطة (١) بالأندلس، فلما استولى عليها الإفرنج خرج يستنفر ملوك الأرض لنجدة صاحب غرناطة، فتوجه لملوك الغرب ولم يحصل منهم نتيجة (٢)، فحضر إلى السلطان الملك الأشرف قايتباي، نصره الله تعالى، وكان مشتغلا بقتال ملك الروم بايزيد (٣) ابن عثمان، فتوجه إلى مكة المشرفة، وجاور بها وزار النبي، ، ورجع إلى القاهرة المحروسة في أول سنة ٨٩٦ هـ، فتكلم له في شيء يحصل له منه ما يستعين به على القوت (٤)، فولاه السلطان قضاء المالكية بالقدس الشريف في رابع رمضان من السنة المذكورة، عوضا عن القاضي شمس الدين محمد بن مازن المغربي، وقدم إلى القدس في يوم الاثنين سادس عشر شوال سنة ٨٩٦ هـ، وأقام بها نحو شهر وهو يتعاطى الأحكام الشرعية بعفة ونزاهة من غير تناول شيء من الناس.

ثم حصل له توعك، واستمر إلى أن توفي في يوم الجمعة بعد فراغ الصلاة سابع عشر ذي الحجة سنة ٨٩٦ هـ، وصلي عليه من يومه (٥) بعد صلاة العصر بالمسجد الأقصى، ودفن بماملا إلى جانب حوش البسطامية من جهة الغرب، وكانت إقامته بالقدس واحدا وستين يوما، وله خمس وستون سنة، .

وهو شيخ القاضي شرف الدين يحيى الأندلسي، المتقدم ذكره، وقد كان من قضاة العدل، ومما يستدل به على حسن خاتمته سرعة وفاته قبل توغله في الأحكام ودخوله في الأمور المشكلة، فإنه باشر الحكم دون الشهر بعفة وتقوى وسيرة محمودة، ثم لحق بالله ، والناس راضون منه.


(١) غرناطة: مدينة بالأندلس سابقا (اسبانيا حاليا) من مدن البيرة، وهي مشهورة باليهود لكثرتهم فيها، ينظر: الحموي، معجم البلدان ٤/ ٢٢١؛ Huici Miranda، Gharnata II/ ١٠١٠.
(٢) نتيجة أ ب: نجده هـ: - ج د.
(٣) بايزيد بن محمد، كان حاكما على أماسيا، وتولى حكم البلاد ٨٨٦ هـ/ ١٤٨١ م - ٩١٨/ ١٥١٢ م، وذلك بمساعدة الانكشارية الذين عزلوه فيما بعد، ينظر: الشناوي ١/ ٥٠٥؛ هيوار، بايزد الثاني ٣/ ٣٢٩؛ Parry، Bayazid III/ ١٩١٩.
(٤) القوت ب: القوة أ: - ج د هـ.
(٥) وصلي عليه من يومه … والناس راضون من أ ب ج: - ج د هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>