للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من قلة الماء، ثم حصل الغلاء العظيم في جميع المملكة، واشتد الأمر ببيت المقدس وقلت الأقوات فيه، ووصل سعر القمح كل مد بدينار، والشعير كل مد بعشرين درهما، ووقع الغلاء في كل الأصناف من الأرز والزيت والبصل وغير ذلك، حتى الخضراوات، وضج الناس إلى الله .

وفيها كثرت الفتن بين ناظر الحرمين بردبك التاجي ونائب السلطة دمرداش العثماني، ووقع الخلاف بينهما، وكثر القيل والقال، وانتهى الحال إلى أن ناظر الحرمين كان بظاهر المدينة عند بركة السلطان، وكانت قناة السبيل هناك محتاجة إلى عمارة، وقد شرع الصناع في ذلك العمل، فخرج الناظر للإشراف عليهم وهو في جمع قليل من حاشيته، فسلط النائب جماعة من أعوانه فخرجوا إلى الناظر إلى ذلك المكان على بغتة، وضربوه ضربا مؤلما، وأغلظوا عليه في الكلام، وشتموه وأفحشوا له في القول، فأقيمت الثائرة لذلك، ووصل المستنفرون إلى داخل المدينة، فبادر قاضي القضاة الحنفي جمال الدين عبد الله بن الديري (١)، وركب معه جماعة إلى ظاهر البلد، ودخل الناظر (٢) إلى المدينة على هيئة قبيحة، مما حصل في حقه، وعقد بالمسجد مجلس، وكتب ما وقع وجهز إلى السلطان، فحضر من القاهرة خاصكي سلطانه للكشف على ذلك، وبقي بعض أهل القدس في جهة الناظر، وبعضهم في جهة النائب، واشتد الأمر في وقوع الفتن والاختلاف بين الأكابر، وحصل للقاضي الحنفي ضرر لكونه ركب إلى ظاهر البلد في يوم ضرب الناظر، وغرم مالا بسبب ذلك، ثم حصل الخلل في نظام الوقفين المبررين بالقدس والخليل لسوء تدبر الناظر بردبك التاجي (٣) وعدم توفيقه، وتلاشت الأحوال وفحشت، وكثرت المناحيس من الأشرار (٤) وقطاع الطرق.

وفيها استقر القاضي كمال الدين النابلسي الحنبلي في قضاء الحنابلة بالقدس الشريف والرملة، عوضا عن القاضي شمس الدين العلمي، وتقدم ذكر (٥) ذلك، وكتب توقيعه في ثاني جمادى الأولى، ودخل إلى القدس في أواخر شهر جمادى الآخرة.

وفيها اهتم الأمير بردبك التاجي ناظر الحرمين بإكمال عمارة المدرسة التي


(١) عبد الله بن الديري، ينظر: السخاوي، الضوء ٥/ ٦٤.
(٢) الناظر ب ج د هـ: - أ.
(٣) بردبك التاجي … وقطاع الطريق أ ب د: - ج هـ.
(٤) الأشرار د: الأشراف أ: السراق ب: - ج هـ.
(٥) وتقدم ذكر … شهر جمادى الآخرة أ ب د: - ج هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>