بَابُ كَيْفَ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي يَحْيَى عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةُ عَنْ كَاتِبِ الْمُغِيرَةِ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَسَحَ أَعْلَى الْخُفِّ وَأَسْفَلَهُ» وَاحْتَجَّ بِأَثَرِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَمْسَحُ أَعْلَى الْخُفِّ وَأَسْفَلَهُ.
(قَالَ): وَأُحِبُّ أَنْ يَغْمِسَ يَدَيْهِ فِي الْمَاءِ، ثُمَّ يَضَعَ كَفَّهُ الْيُسْرَى تَحْتَ عَقِبِ الْخُفِّ وَكَفَّهُ الْيُمْنَى عَلَى أَطْرَافِ أَصَابِعِهِ، ثُمَّ يُمِرُّ الْيُمْنَى إلَى سَاقِهِ وَالْيُسْرَى إلَى أَطْرَافِ أَصَابِعِهِ.
(قَالَ): فَإِنْ مَسَحَ عَلَى بَاطِنِ الْخُفِّ وَتَرَكَ الظَّاهِرَ أَعَادَ وَإِنْ مَسَحَ عَلَى الظَّاهِرِ وَتَرَكَ الْبَاطِنَ أَجْزَأَهُ وَكَيْفَمَا أَتَى بِالْمَسْحِ عَلَى ظَهْرِ الْقَدَمِ بِكُلِّ الْيَدِ أَوْ بِبَعْضِهِ أَجْزَأَهُ
بَابُ الْغُسْلِ لِلْجُمُعَةِ وَالْأَعْيَادِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَالِاخْتِيَارُ فِي السُّنَّةِ لِكُلِّ مَنْ أَرَادَ صَلَاةَ الْجُمُعَةِ الِاغْتِسَالُ لَهَا؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الْغُسْلُ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ» يُرِيدُ وُجُوبَ الِاخْتِيَارِ لِأَنَّهُ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ تَوَضَّأَ فَبِهَا وَنِعْمَتْ وَمَنْ اغْتَسَلَ فَالْغُسْلُ أَفْضَلُ» وَقَالَ عُمَرُ لِعُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - حِينَ رَاحَ وَالْوُضُوءُ أَيْضًا؟ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَأْمُرُ بِالْغُسْلِ، وَلَوْ عَلِمَا وُجُوبَهُ لَرَجَعَ عُثْمَانُ وَمَا تَرَكَهُ عُمَرُ (قَالَ): وَيَجْزِيهِ غُسْلُهُ لَهَا إذَا كَانَ بَعْدَ الْفَجْرِ وَإِنْ كَانَ جُنُبًا فَاغْتَسَلَ لَهُمَا جَمِيعًا أَجْزَأَهُ (قَالَ): وَأَحَبُّ الْغُسْلِ مِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ (قَالَ): وَكَذَلِكَ الْغُسْلُ لِلْأَعْيَادِ سُنَّةٌ اخْتِيَارًا وَإِنْ تَرَكَ الْغُسْلَ لِلْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ أَجْزَأَتْهُ الصَّلَاةُ وَإِنْ نَوَى الْغُسْلَ لِلْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ لَمْ يَجْزِهِ مِنْ الْجَنَابَةِ حَتَّى يَنْوِيَ الْجَنَابَةَ وَأَوْلَى الْغُسْلِ أَنْ يَجِبَ عِنْدِي بَعْدَ غُسْلِ الْجَنَابَةِ الْغُسْلُ مِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ وَالْوُضُوءُ مِنْ مَسِّهِ مُفْضِيًا إلَيْهِ، وَلَوْ ثَبَتَ الْحَدِيثُ بِذَلِكَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قُلْت بِهِ ثُمَّ غُسْلُ الْجُمُعَةِ وَلَا نُرَخِّصُ فِي تَرْكِهِ وَلَا نُوجِبُهُ إيجَابًا لَا يُجْزِئُ غَيْرُهُ.
(قَالَ الْمُزَنِيّ): إذَا لَمْ يَثْبُتْ فَقَدْ ثَبَتَ تَأْكِيدُ غُسْلِ الْجُمُعَةِ فَهُوَ أَوْلَى وَأَجْمَعُوا إنْ مَسَّ خِنْزِيرًا أَوْ مَسَّ مَيْتَةً أَنَّهُ لَا غُسْلَ وَلَا وُضُوءَ عَلَيْهِ إلَّا غَسْلَ مَا أَصَابَهُ فَكَيْفَ يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ فِي أَخِيهِ الْمُؤْمِنِ؟،.
بَابُ حَيْضِ الْمَرْأَةِ وَطُهْرِهَا وَاسْتِحَاضَتِهَا
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} (قَالَ الشَّافِعِيُّ): مِنْ الْمَحِيضِ {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} (قَالَ الشَّافِعِيُّ): تَطَهَّرْنَ بِالْمَاءِ (قَالَ): وَإِذَا اتَّصَلَ بِالْمَرْأَةِ الدَّمُ نَظَرَتْ، فَإِنْ كَانَ دَمُهَا ثَخِينًا مُحْتَدِمًا يَضْرِبُ إلَى السَّوَادِ لَهُ رَائِحَةٌ فَتِلْكَ الْحَيْضَةُ نَفْسُهَا فَلْتَدَعْ الصَّلَاةَ فَإِذَا ذَهَبَ ذَلِكَ الدَّمُ وَجَاءَهَا الدَّمُ الْأَحْمَرُ الرَّقِيقُ الْمُشْرِقُ فَهُوَ عِرْقٌ وَلَيْسَتْ الْحَيْضَةُ وَهُوَ الطُّهْرُ وَعَلَيْهَا أَنْ تَغْتَسِلَ كَمَا وَصَفْت وَتُصَلِّيَ، وَيَأْتِيهَا زَوْجُهَا وَلَا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَسْتَظْهِرَ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «فَإِذَا ذَهَبَ قَدْرُهَا - يُرِيدُ الْحَيْضَةَ - فَاغْسِلِي الدَّمَ عَنْك وَصَلِّي» وَلَا يَقُولُ لَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا ذَهَبَ قَدْرُهَا إلَّا وَهِيَ بِهِ عَارِفَةٌ (قَالَ): وَإِنْ لَمْ يَنْفَصِلْ دَمُهَا بِمَا وَصَفْت ثَمَّ فَتَعْرِفُهُ وَكَانَ مُشْتَبِهًا نَظَرَتْ إلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ حَيْضَتُهَا فِيمَا مَضَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute