للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْفَرْضِ لِجَهْلِهِمْ بِهِ كَمَا لَا يُجْزِئُ مَنْ تَوَضَّأَ بِغَيْرِ مَاءٍ طَاهِرٍ لِجَهْلِهِ بِهِ ثُمَّ اسْتَيْقَنَ أَنَّهُ غَيْرُ طَاهِرٍ فَتَفَهَّمْ - رَحِمَك اللَّهُ -، (قَالَ الْمُزَنِيّ) وَدَخَلَ فِي قِيَاسِ هَذَا الْبَابِ أَنَّ مَنْ عَجَزَ عَمَّا عَلَيْهِ مِنْ نَفْسِ الصَّلَاةِ، أَوْ مَا أُمِرَ بِهِ فِيهَا أَوْ لَهَا أَنَّ ذَلِكَ سَاقِطٌ عَنْهُ لَا يُعِيدُ إذَا قَدَرَ وَهُوَ أَوْلَى بِأَحَدِ قَوْلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ فِيمَنْ صَلَّى فِي ظُلْمَةٍ أَوْ خَفِيَتْ عَلَيْهِ الدَّلَائِلُ، أَوْ بِهِ دَمٌ لَا يَجِدُ مَا يَغْسِلُهُ بِهِ، أَوْ كَانَ مَحْبُوسًا فِي نَجِسٍ أَنَّهُ يُصَلِّي كَيْفَ أَمْكَنَهُ وَيُعِيدُ إذَا قَدَرَ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ دَخَلَ غُلَامٌ فِي صَلَاةٍ فَلَمْ يُكْمِلْهَا أَوْ صَوْمِ يَوْمٍ فَلَمْ يُكْمِلْهُ حَتَّى اسْتَكْمَلَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً أَحْبَبْت أَنْ يُتِمَّ وَيُعِيدَ وَلَا يَبِينُ أَنَّ عَلَيْهِ إعَادَةً (قَالَ الْمُزَنِيّ) لَا يُمْكِنُهُ صَوْمُ يَوْمٍ هُوَ فِي آخِرِهِ غَيْرُ صَائِمٍ وَيُمْكِنُهُ صَلَاةٌ هُوَ فِي آخِرِ وَقْتِهَا غَيْرُ مُصَلٍّ أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْعَصْرِ قَبْلَ الْغُرُوبِ أَنَّهُ يَبْتَدِئُ الْعَصْرَ مِنْ أَوَّلِهَا وَلَا يُمْكِنُهُ فِي آخِرِ يَوْمٍ أَنْ يَبْتَدِئَ صَوْمَهُ مِنْ أَوَّلِهِ فَيُعِيدُ الصَّلَاةَ لِإِمْكَانِ الْقُدْرَةِ وَلَا يُعِيدُ الصَّوْمَ لِارْتِفَاعِ إمْكَانِ الْقُدْرَةِ وَلَا تَكْلِيفَ مَعَ الْعَجْزِ.

بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ وَمَا يَجُوزُ مِنْهَا وَمَا يُفْسِدُهَا وَعَدَدُ سُجُودِ الْقُرْآنِ وَغَيْرِ ذَلِكَ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا أَحْرَمَ إمَامًا، أَوْ وَحْدَهُ نَوَى صَلَاتَهُ فِي حَالِ التَّكْبِيرِ لَا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ وَلَا يُجْزِئُهُ إلَّا قَوْلُهُ: اللَّهُ أَكْبَرُ، أَوْ: اللَّهُ الْأَكْبَرُ فَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ بِالْعَرَبِيَّةِ كَبَّرَ بِلِسَانِهِ.

وَكَذَلِكَ الذِّكْرُ وَعَلَيْهِ أَنْ يَتَعَلَّمَ، وَلَا يُكَبِّرُ إنْ كَانَ إمَامًا حَتَّى تَسْتَوِيَ الصُّفُوفُ خَلْفَهُ، وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ إذَا كَبَّرَ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ وَيَأْخُذُ كُوعَهُ الْأَيْسَرَ بِكَفِّهِ الْيُمْنَى وَيَجْعَلُهَا تَحْتَ صَدْرِهِ، ثُمَّ يَقُولُ: " وَجَّهْت وَجْهِي لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ إنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْت وَأَنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ " ثُمَّ يَتَعَوَّذُ فَيَقُولُ: " أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ " ثُمَّ يَقْرَأُ مُرَتِّلًا بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَيَبْتَدِئُهَا بِ " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ "؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَعَدَّهَا آيَةً فَإِذَا قَالَ {وَلا الضَّالِّينَ} قَالَ: آمِينَ فَيَرْفَعُ بِهَا صَوْتَهُ لِيَقْتَدِيَ بِهِ مَنْ خَلْفُهُ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ فَأَمِّنُوا» وَبِالدَّلَالَةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ جَهَرَ بِهَا وَأَمَرَ الْإِمَامَ بِالْجَهْرِ بِهَا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَلْيُسْمِعْ مَنْ خَلْفَهُ أَنْفُسَهُمْ، ثُمَّ يَقْرَأُ بَعْدَ أُمِّ الْقُرْآنِ بِسُورَةٍ فَإِذَا فَرَغَ مِنْهَا وَأَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ ابْتَدَأَ التَّكْبِيرَ قَائِمًا فَكَانَ فِيهِ وَهُوَ يَهْوِي رَاكِعًا وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ حِينَ يَبْتَدِئُ التَّكْبِيرَ وَيَضَعُ رَاحَتَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَيُفَرِّقُ بَيْنَ أَصَابِعِهِ وَيَمُدُّ ظَهْرَهُ وَعُنُقَهُ وَلَا يَخْفِضُ عُنُقَهُ عَنْ ظَهْرِهِ وَلَا يَرْفَعُهُ وَيَكُونُ مُسْتَوِيًا وَيُجَافِي مُرْفَقَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ وَيَقُولُ إذَا رَكَعَ: " سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمُ " ثَلَاثًا وَذَلِكَ أَدْنَى الْكَمَالِ وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْفَعَ ابْتَدَأَ قَوْلَهُ مَعَ الرَّفْعِ: " سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ " وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ فَإِذَا اسْتَوَى قَائِمًا قَالَ أَيْضًا " رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَوَاتِ وَمِلْءَ الْأَرْضِ وَمِلْءَ مَا شِئْت مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ " وَيَقُولُهَا مَنْ خَلْفُهُ وَرُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِذَا هَوَى لِيَسْجُدَ ابْتَدَأَ التَّكْبِيرَ قَائِمًا ثُمَّ هَوَى مَعَ ابْتِدَائِهِ حَتَّى يَكُونَ انْقِضَاءُ تَكْبِيرِهِ مَعَ سُجُودِهِ فَأَوَّلُ مَا يَقَعُ مِنْهُ عَلَى الْأَرْضِ رُكْبَتَاهُ ثُمَّ يَدَاهُ، ثُمَّ جَبْهَتُهُ وَأَنْفُهُ وَيَكُونُ عَلَى أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ وَيَقُولُ فِي سُجُودِهِ: " سُبْحَان رَبِّي الْأَعْلَى " ثَلَاثًا وَذَلِكَ أَدْنَى الْكَمَالِ وَيُجَافِي مِرْفَقَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ حَتَّى إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ مَا يَسْتُرُهُ رِيئَتْ عُفْرَةُ إبْطَيْهِ وَيُفَرِّجُ بَيْنَ رِجْلَيْهِ وَيُقِلُّ بَطْنَهُ عَنْ فَخْذَيْهِ وَيُوَجِّهُ أَصَابِعَهُ نَحْوَ الْقِبْلَةِ، ثُمَّ يَرْفَعُ مُكَبِّرًا كَذَلِكَ حَتَّى يَعْتَدِلَ جَالِسًا عَلَى رِجْلِهِ الْيُسْرَى، وَيَنْصِبُ رِجْلَهُ الْيُمْنَى وَيَسْجُدُ سَجْدَةً أُخْرَى كَذَلِكَ فَإِذَا اسْتَوَى قَاعِدًا نَهَضَ مُتَعَمِّدًا عَلَى الْأَرْضِ بِيَدَيْهِ حَتَّى يَعْتَدِلَ قَائِمًا وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي السُّجُودِ وَلَا فِي الْقِيَامِ مِنْ السُّجُودِ ثُمَّ يَفْعَلُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ ذَلِكَ وَيَجْلِسُ فِي الثَّانِيَةِ عَلَى رِجْلِهِ

<<  <   >  >>