عَادَا رَجَعَ حَقُّهُمَا وَبَطَلَ الْأَرْشُ بِذَلِكَ فِيهِمَا.
(وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ): وَلَوْ قَالَ الْغَاصِبُ أَنَا أَشْتَرَيْتهَا مِنْك وَهِيَ فِي يَدِي قَدْ عَرَفْتهَا فَبَاعَهُ إيَّاهَا فَالْبَيْعُ جَائِزٌ.
(قَالَ الْمُزَنِيّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَنَعَ بَيْعَ الْغَائِبِ فِي إحْدَى الْمَسْأَلَتَيْنِ وَأَجَازَهُ فِي الْأُخْرَى.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَوْ بَاعَهُ عَبْدًا وَقَبَضَهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ أَقَرَّ الْبَائِعُ أَنَّهُ غَصَبَهُ مِنْ رَجُلٍ فَإِنْ أَقَرَّ الْمُشْتَرِي نَقَضْنَا الْبَيْعَ وَرَدَدْنَاهُ إلَى رَبِّهِ، وَإِنْ لَمْ يُقِرَّ فَلَا يُصَدَّقُ عَلَى إبْطَالِ الْبَيْعِ، وَيُصَدَّقُ عَلَى نَفْسِهِ فَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ، وَإِنْ رَدَّهُ الْمُشْتَرِي بِعَيْبٍ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُسَلِّمَهُ إلَى رَبِّهِ الْمُقَرِّ لَهُ بِهِ فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَعْتَقَهُ ثُمَّ أَقَرَّ الْبَائِعُ أَنَّهُ لِلْمَغْصُوبِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي رَدِّ الْعِتْقِ وَلِلْمَغْصُوبِ الْقِيمَةُ إنْ شَاءَ أَخَذْنَاهَا لَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي الْمُعْتِقِ، وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْغَاصِبِ بِمَا أَخَذَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ بَاعَهُ مَا لَا يَمْلِكُ.
وَإِنْ كَسَرَ لِنَصْرَانِيٍّ صَلِيبًا فَإِنْ كَانَ يَصْلُحُ لِشَيْءٍ مِنْ الْمَنَافِعِ مُفَصَّلًا فَعَلَيْهِ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ مُفَصَّلًا، وَمَكْسُورًا، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَرَاقَ لَهُ خَمْرًا أَوْ قَتَلَ لَهُ خِنْزِيرًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَلَا قِيمَةَ لِمُحَرَّمٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجْرِي عَلَيْهِ مِلْكٌ وَاحْتَجَّ عَلَى مَنْ جَعَلَ لَهُ قِيمَةَ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ؛ لِأَنَّهُمَا مَالُهُ فَقَالَ أَرَأَيْت مَجُوسِيًّا اشْتَرَى بَيْنَ يَدَيْك غَنَمًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ وَقَذَهَا كُلَّهَا لِيَبِيعَهَا فَحَرَقَهَا مُسْلِمٌ أَوْ مَجُوسِيٌّ فَقَالَ لَك هَذَا مَالِي وَهَذِهِ ذَكَاتُهُ عِنْدِي وَحَلَالٌ فِي دِينِي وَفِيهِ رِبْحٌ كَثِيرٌ وَأَنْتَ تُقِرُّنِي عَلَى بَيْعِهِ وَأَكْلِهِ وَتَأْخُذُ مِنِّي الْجِزْيَةَ عَلَيْهِ فَخُذْ لِي قِيمَتَهُ فَقَالَ أَقُولُ لَيْسَ ذَلِكَ بِاَلَّذِي يُوجِبُ لَك أَنْ أَكُونَ شَرِيكًا لَك فِي الْحَرَامِ، وَلَا حَقَّ لَك قَالَ فَكَيْفَ حَكَمْت بِقِيمَةِ الْخِنْزِيرِ وَالْخَمْرِ وَهُمَا عِنْدَك حَرَامٌ
مُخْتَصَرُ الشُّفْعَةِ مِنْ الْجَامِعِ مِنْ ثَلَاثَةِ كُتُبٍ مُتَفَرِّقَةٍ مِنْ بَيْنِ وَضْعٍ وَإِمْلَاءٍ عَلَى مُوَطَّإِ مَالِكٍ، وَمِنْ اخْتِلَافِ الْأَحَادِيثِ، وَمِمَّا أَوْجَبْت فِيهِ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ وَأَبِي سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «الشُّفْعَةُ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ فَإِذَا وَقَعَتْ الْحُدُودُ فَلَا شُفْعَةَ» وَوَصَلَهُ مِنْ غَيْرِ حَدِيثِ مَالِكٍ أَيُّوبُ وَأَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِثْلَ مَعْنَى حَدِيثِ مَالِكٍ وَاحْتَجَّ مُحْتَجٌّ بِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي رَافِعٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «الْجَارُ أَحَقُّ بِصَقَبِهِ» وَقَالَ فَأَقُولُ لَلشَّرِيك الَّذِي لَمْ يُقَاسِمْ وَلِلْمُقَاسِمِ شُفْعَةٌ كَانَ لَصِيقًا أَوْ غَيْرَ لَصِيقٍ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدَّارِ طَرِيقٌ نَافِذَةٌ قُلْت لَهُ: فَلِمَ أَعْطَيْت بَعْضًا دُونَ بَعْضٍ وَاسْمُ الْجِوَارِ يَلْزَمُهُمْ فَمَنَعْت مَنْ بَيْنَك وَبَيْنَهُ ذِرَاعٌ إذَا كَانَ نَافِذًا وَأَعْطَيْت مَنْ بَيْنَك وَبَيْنَهُ رَحْبَةٌ أَكْثَرُ مِنْ أَلْفِ ذِرَاعٍ إذَا لَمْ تَكُنْ نَافِذَةً؟ فَقُلْت لَهُ فَالْجَارُ أَحَقُّ بِسَبْقِهِ لَا يَحْتَمِلُ إلَّا مَعْنَيَيْنِ لِكُلِّ جَارٍ أَوْ لِبَعْضِ الْجِيرَانِ دُونَ بَعْضٍ فَلَمَّا ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا شُفْعَةَ فِيمَا قُسِمَ دَلَّ عَلَى أَنَّ الشُّفْعَةَ لِلْجَارِ الَّذِي لَمْ يُقَاسِمْ دُونَ الْجَارِ الَّذِي قَاسَمَ وَحَدِيثُك لَا يُخَالِفُ حَدِيثَنَا؛ لِأَنَّهُ مُجْمَلٌ وَحَدِيثُنَا مُفَسِّرٌ وَالْمُفَسِّرُ يُبَيِّنُ الْمُجْمَلَ قَالَ وَهَلْ يَقَعُ اسْمُ الْجِوَارِ عَلَى الشَّرِيكِ؟ قُلْت نَعَمْ امْرَأَتُك أَقْرَبُ إلَيْك أَمْ شَرِيكُك؟ قَالَ بَلْ امْرَأَتِي؛ لِأَنَّهَا ضَجِيعَتِي قُلْت فَالْعَرَبُ تَقُولُ امْرَأَةُ الرَّجُلِ جَارَتُهُ قَالَ وَأَيْنَ؟ قُلْت قَالَ الْأَعْشَى:
أَجَارَتَنَا بِينِي فَإِنَّك طَالِقَةٌ … وَمَوْمُوقَةٌ مَا كُنْت فِينَا وَوَامِقَةٌ
أَجَارَتَنَا بِينِي فَإِنَّك طَالِقَةٌ … كَذَاك أُمُورُ النَّاسِ تَغْدُو وَطَارِقَةٌ
وَبِينِي فَإِنَّ الْبَيْنَ خَيْرٌ مِنْ الْعَصَا … وَأَنْ لَا تَزَالِي فَوْقَ رَأْسِك بَارِقَةٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute