للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يَحْمِلْ النَّخْلُ سِنِينَ، وَقَدْ نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْعِ السِّنِينَ.

(قَالَ): وَكُلُّ ثَمَرَةٍ وَزَرْعٍ دُونَهَا حَائِلٌ مِنْ قِشْرٍ أَوْ كِمَامٍ وَكَانَتْ إذَا صَارَتْ إلَى مَا يُكِنُّهَا أَخْرَجُوهَا مِنْ قِشْرِهَا وَكِمَامِهَا بِلَا فَسَادٍ عَلَيْهَا إذَا ادَّخَرُوهَا فَاَلَّذِي أَخْتَارُ فِيهَا أَنْ لَا يَجُوزَ بَيْعُهَا فِي شَجَرِهَا وَلَا مَوْضُوعَةً بِالْأَرْضِ لِلْحَائِلِ وَقِيَاسُ ذَلِكَ عَلَى شِرَاءِ لَحْمِ شَاةٍ مَذْبُوحَةٍ عَلَيْهَا جِلْدُهَا لِلْحَائِلِ دُونَ لَحْمِهَا.

(قَالَ): وَلَمْ أَجِدْ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَأْخُذُ عُشْرَ الْحُبُوبِ فِي أَكْمَامِهَا وَلَا يُجِيزُ بَيْعَ الْحِنْطَةِ بِالْحِنْطَةِ فِي سُنْبُلِهَا فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَأَنَا أُجِيزَ بَيْعَ الْحِنْطَةِ فِي سُنْبُلِهَا لَزِمَهُ أَنْ يُجِيزَهُ فِي تِبْنِهَا أَوْ فِضَّةً فِي تُرَابٍ بِالتُّرَابِ وَعَلَى الْجَوْزِ قِشْرَتَانِ وَاحِدَةٌ فَوْقَ الْقِشْرَةِ الَّتِي يَرْفَعُهَا النَّاسُ عَنْهَا فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَعَلَيْهِ الْقِشْرَةُ الْعُلْيَا؛ لِأَنَّهُ يَصْلُحُ أَنْ يُرْفَعَ بِدُونِ الْعُلْيَا. وَكَذَلِكَ الرَّانِجُ وَمَا كَانَتْ عَلَيْهِ قِشْرَتَانِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَثْنِيَ مِنْ التَّمْرِ مُدًّا؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي كَمْ الْمُدُّ مِنْ الْحَائِطِ أَسَهْمٌ مِنْ أَلْفِ سَهْمٍ أَوْ مِنْ مِائَةٍ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ فَهَذَا مَجْهُولٌ وَلَوْ اسْتَثْنَى رُبُعَهُ أَوْ نَخَلَاتٍ بِعَيْنِهَا فَجَائِزٌ.

وَإِنْ بَاعَ ثَمَرَ حَائِطٍ وَفِيهِ الزَّكَاةُ فَفِيهَا قَوْلَانِ. أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ فِي أَنْ يَأْخُذَ مَا جَاوَزَ الصَّدَقَةَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ الرَّدُّ. وَالثَّانِي: إنْ شَاءَ أَخَذَ الْفَضْلَ عَنْ الصَّدَقَةِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ أَوْ الرَّدَّ وَلِلسُّلْطَانِ أَخْذُ الْعُشْرِ مِنْ الثَّمَرَةِ. (قَالَ الْمُزَنِيّ): هَذَا خِلَافُ قَوْلِهِ فِيمَنْ اشْتَرَى مَا فِيهِ الزَّكَاةُ أَنَّهُ يَجْعَلُ أَحَدَ الْقَوْلَيْنِ أَنَّ الْبَيْعَ فِيهِ بَاطِلٌ وَلَمْ يَقُلْهُ هَا هُنَا

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَا يَرْجِعُ مَنْ اشْتَرَى الثَّمَرَةَ وَسُلِّمَتْ إلَيْهِ بِالْجَائِحَةِ عَلَى الْبَائِعِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ سُفْيَانُ وَهَنَ حَدِيثَهُ فِي الْجَائِحَةِ لَصِرْت إلَيْهِ فَإِنِّي سَمِعْته مِنْهُ وَلَا يَذْكُرُ الْحَائِجَةَ ثُمَّ ذَكَرَهَا، وَقَالَ كَانَ كَلَامٌ قَبْلَ وَضْعِ الْجَوَائِحِ لَمْ أَحْفَظْهُ وَلَوْ صِرْت إلَى ذَلِكَ لَوَضَعْت كُلَّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ أُصِيبَ مِنْ السَّمَاءِ بِغَيْرِ جِنَايَةِ أَحَدٍ فَأَمَّا أَنْ يُوضَعَ الثُّلُثُ فَصَاعِدًا وَلَا يُوضَعُ مَا دُونَهُ فَهَذَا لَا خَبَرَ وَلَا قِيَاسَ وَلَا مَعْقُولَ.

. بَابُ الْمُحَاقَلَةِ وَالْمُزَابَنَةِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْمُحَاقَلَةِ وَالْمُزَابَنَةِ» وَالْمُحَاقَلَةُ أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ الزَّرْعَ بِمِائَةِ فَرَقِ حِنْطَةٍ وَالْمُزَابَنَةُ أَنْ يَبِيعَ التَّمْرَ فِي رُءُوسِ النَّخْلِ بِمِائَةِ فَرَقِ تَمْرٍ.

(قَالَ): وَعَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قُلْت لِعَطَاءٍ مَا الْمُحَاقَلَةُ؟ قَالَ: الْمُحَاقَلَةُ فِي الْحَرْثِ كَهَيْئَةِ الْمُزَابَنَةِ فِي النَّخْلِ سَوَاءٌ بَيْعُ الزَّرْعِ بِالْقَمْحِ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ فَقُلْت لِعَطَاءٍ أَفَسَّرَ لَكُمْ جَابِرٌ الْمُحَاقَلَةَ كَمَا أَخْبَرْتَنِي؟ قَالَ نَعَمْ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَبِهَذَا نَقُولُ إلَّا فِي الْعَرَايَا، وَجِمَاعُ الْمُزَابَنَةِ: أَنْ يَنْظُرَ كُلُّ مَا عَقَدَ بَيْعَهُ مِمَّا الْفَضْلُ فِي بَعْضِهِ عَلَى بَعْضٍ يَدًا بِيَدٍ رِبًا فَلَا يَجُوزُ مِنْهُ شَيْءٌ يُعْرَفُ بِشَيْءٍ مِنْهُ جُزَافًا وَلَا جُزَافًا بِجُزَافٍ مِنْ صِنْفِهِ فَأَمَّا أَنْ يَقُولَ أَضْمَنُ لَك صُبْرَتَك هَذِهِ بِعِشْرِينَ صَاعًا فَمَا زَادَ فَلِي وَمَا نَقَصَ فَعَلَيَّ تَمَامُهَا فَهَذَا مِنْ الْقِمَارِ وَالْمُخَاطَرَةِ وَلَيْسَ مِنْ الْمُزَابَنَةِ.

بَابُ الْعَرَايَا

أَخْبَرَنَا الْمُزَنِيّ قَالَ الشَّافِعِيُّ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ دَاوُد بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ مَوْلَى ابْنِ أَبِي أَحْمَدَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْخَصَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ أَوْ فِي

<<  <   >  >>