للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْأَمَةُ تُعْتَقُ وَزَوْجُهَا عَبْدٌ

مِنْ كِتَابٍ قَدِيمٍ وَمِنْ إمْلَاءٍ وَكِتَابِ نِكَاحٍ وَطَلَاقٍ إمْلَاءٌ عَلَى مَسَائِلِ مَالِكٍ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ رَبِيعَةَ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «أَنَّ بَرِيرَةَ أُعْتِقَتْ فَخَيَّرَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» (قَالَ): وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لَيْسَ بَيْعُهَا طَلَاقَهَا إذْ خَيِّرْهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ بَيْعِهَا فِي زَوْجِهَا وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ عَبْدًا «وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ عَبْدًا يُقَالُ لَهُ مُغِيثٌ كَأَنِّي أَنْظُرُ إلَيْهِ يَطُوفُ خَلْفَهَا يَبْكِي وَدُمُوعُهُ تَسِيلُ عَلَى لِحْيَتِهِ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْعَبَّاسِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: يَا عَبَّاسُ أَلَا تَعْجَبُ مِنْ حُبِّ مُغِيثٍ بَرِيرَةَ وَمِنْ بُغْضِ بَرِيرَةَ مُغِيثًا؟ فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَوْ رَاجَعْته فَإِنَّمَا هُوَ أَبُو وَلَدِك فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَمْرِك؟ قَالَ: إنَّمَا أَنَا شَفِيعٌ قَالَتْ: فَلَا حَاجَةَ لِي فِيهِ» وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ قَالَ: كَانَ عَبْدًا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَا يُشْبِهُ الْعَبْدُ الْحُرَّ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ نَفْسَهُ وَلِأَنَّ لِلسَّيِّدِ إخْرَاجَهُ عَنْهَا وَمَنْعَهُ مِنْهَا وَلَا نَفَقَةَ عَلَيْهِ لِوَلَدِهَا وَلَا وِلَايَةَ وَلَا مِيرَاثَ بَيْنَهُمَا فَلِهَذَا - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - كَانَ لَهَا الْخِيَارُ إذَا أُعْتِقَتْ مَا لَمْ يُصِبْهَا زَوْجُهَا بَعْدَ الْعِتْقِ وَلَا أَعْلَمُ فِي تَأْقِيتِ الْخِيَارِ شَيْئًا يُتْبَعُ إلَّا قَوْلَ حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا لَمْ يَمَسَّهَا.

(قَالَ): فَإِنْ أَصَابَهَا فَادَّعَتْ الْجَهَالَةَ فَفِيهَا قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ لَا خِيَارَ لَهَا. وَالْآخَرُ: لَهَا الْخِيَارُ وَهَذَا أَحَبُّ إلَيْنَا (قُلْت أَنَا) وَقَدْ قُطِعَ بِأَنَّ لَهَا الْخِيَارَ فِي كِتَابَيْنِ وَلَا مَعْنَى فِيهَا لِقَوْلَيْنِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَإِنْ اخْتَارَتْ فِرَاقَهُ وَلَمْ يَمَسَّهَا فَلَا صَدَاقَ لَهَا فَإِنْ أَقَامَتْ مَعَهُ فَالصَّدَاقُ لِلسَّيِّدِ؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ بِالْعَقْدِ، وَلَوْ كَانَتْ فِي عِدَّةِ طَلْقَةٍ فَلَهَا الْفَسْخُ، وَإِنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَهِيَ عَلَى وَاحِدَةٍ وَعَلَى السُّلْطَانِ أَنْ يُؤَجِّلَهَا أَكْثَرَ مِنْ مُقَامِهَا فَإِنْ كَانَتْ صَبِيَّةً فَحَتَّى تَبْلُغَ وَلَا خِيَارَ لِأَمَةٍ حَتَّى تَكْمُلَ فِيهَا الْحُرِّيَّةُ، وَلَوْ أُعْتِقَ قَبْلَ الْخِيَارِ فَلَا خِيَارَ لَهَا.

أَجَلُ الْعِنِّينِ وَالْخَصِيِّ غَيْرِ الْمَجْبُوبِ وَالْخُنْثَى

مِنْ الْجَامِعِ مِنْ كِتَابٍ قَدِيمٍ وَمِنْ كِتَابِ التَّعْرِيضِ بِالْخِطْبَةِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ أَجَّلَ الْعِنِّينَ سَنَةً.

(قَالَ): وَلَا أَحْفَظُ عَمَّنْ لَقِيته خِلَافًا فِي ذَلِكَ فَإِنْ جَامَعَ وَإِلَّا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ قُطِعَ مِنْ ذَكَرِهِ فَبَقِيَ مِنْهُ مَا يَقَعُ مَوْقِعَ الْجِمَاعِ أَوْ كَانَ خُنْثَى يَبُولُ مِنْ حَيْثُ يَبُولُ الرِّجَالُ أَوْ كَانَ يُصِيبُ غَيْرَهَا وَلَا يُصِيبُهَا فَسَأَلَتْ فِرْقَتَهُ أَجَّلْته سَنَةً مِنْ يَوْمِ تَرَافَعَا إلَيْنَا.

(قَالَ): فَإِنْ أَصَابَهَا مَرَّةً وَاحِدَةً فَهِيَ امْرَأَتُهُ وَلَا تَكُونُ إصَابَتُهَا إلَّا بِأَنْ يُغَيِّبَ الْحَشَفَةَ أَوْ مَا بَقِيَ مِنْ الذَّكَرِ فِي الْفَرْجِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا خَيَّرَهَا السُّلْطَانُ فَإِنْ شَاءَتْ فِرَاقَهُ فُسِخَ نِكَاحُهَا بِغَيْرِ طَلَاقٍ؛ لِأَنَّهُ إلَيْهَا دُونَهُ فَإِنْ أَقَامَتْ مَعَهُ فَهُوَ تَرْكٌ لِحَقِّهَا فَإِنْ فَارَقَهَا بَعْدَ ذَلِكَ ثُمَّ رَاجَعَهَا فِي الْعِدَّةِ ثُمَّ سَأَلَتْ أَنْ يُؤَجَّلَ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهَا.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) وَكَيْفَ يَكُونُ عَلَيْهَا عِدَّةٌ وَلَمْ تَكُنْ إصَابَةٌ وَأَصْلُ قَوْلِهِ لَوْ اسْتَمْتَعَ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ وَقَالَتْ: لَمْ يُصِبْنِي وَطَلَّقَ فَلَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ

<<  <   >  >>