للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بَابُ مَا يُوجِبُ الْغُسْلَ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ هُوَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ «إذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ فَعَلْته أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فاغتسلناه». وَرَوَاهُ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ وَجَبَ الْغُسْلُ» (قَالَ): حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عَامِرٍ الدِّمَشْقِيُّ وَغَيْرُهُ قَالُوا حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِثْلَهُ.

(قَالَ): وَإِذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ وَالْتِقَاؤُهُمَا أَنْ تَغِيبَ الْحَشَفَةُ فِي الْفَرْجِ فَيَكُونُ خِتَانُهُ حِذَاءَ خِتَانِهَا فَذَاكَ الْتِقَاؤُهُمَا كَمَا يُقَالُ الْتَقَى الْفَارِسَانِ إذَا تَحَاذَيَا وَإِنْ لَمْ يَتَضَامَّا فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ عَلَيْهِمَا (قَالَ الْمُزَنِيّ): الْتِقَاءُ الْخِتَانَيْنِ أَنْ يُحَاذِيَ خِتَانُ الرَّجُلِ خِتَانَ الْمَرْأَةِ لَا أَنْ يُصِيبَ خِتَانُهُ خِتَانَهَا وَذَلِكَ أَنَّ خِتَانَ الْمَرْأَةِ مُسْتَعْلٍ وَيَدْخُلُ الذَّكَرُ أَسْفَلَ مِنْ خِتَانِ الْمَرْأَةِ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ): وَسَمِعْت الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: الْعَرَبُ تَقُولُ إذَا حَاذَى الْفَارِسُ الْفَارِسَ الْتَقَى الْفَارِسَانِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِنْ أَنْزَلَ الْمَاءَ الدَّافِقَ مُتَعَمِّدًا أَوْ نَائِمًا أَوْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ الْمَرْأَةِ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ عَلَيْهِمَا وَمَاءُ الرَّجُلِ الَّذِي يُوجِبُ الْغُسْلَ هُوَ الْمَنِيُّ الْأَبْيَضُ الثَّخِينُ الَّذِي يُشْبِهُ رَائِحَةَ الطَّلْعِ فَمَتَى خَرَجَ الْمَنِيُّ مِنْ ذَكَرِ الرَّجُلِ أَوْ رَأَتْ الْمَرْأَةُ الْمَاءَ الدَّافِقَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ وَقَبْلَ الْبَوْلِ وَبَعْدَهُ سَوَاءٌ، (قَالَ): وَتَغْتَسِلُ الْحَائِضُ إذَا طَهُرَتْ وَالنُّفَسَاءُ إذَا ارْتَفَعَ دَمُهَا.

بَابُ غُسْلِ الْجَنَابَةِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): يَبْدَأُ الْجُنُبُ فَيَغْسِلُ يَدَيْهِ ثَلَاثًا قَبْلَ إدْخَالِهِمَا الْإِنَاءَ، ثُمَّ يَغْسِلُ مَا بِهِ مِنْ الْأَذَى، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ يُدْخِلُ أَصَابِعَهُ الْعَشْرَ فِي الْإِنَاءِ يُخَلِّلُ بِهَا أُصُولَ شَعْرِهِ، ثُمَّ يَحْثِي عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ، ثُمَّ يُفِيضُ الْمَاءَ عَلَى جَسَدِهِ حَتَّى يَعُمَّ جَمِيعَ جَسَدِهِ وَشَعْرِهِ وَيُمِرُّ يَدَيْهِ عَلَى مَا قَدَرَ عَلَيْهِ مِنْ جَسَدِهِ وَرُوِيَ نَحْوُ هَذَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَالَ): فَإِنْ تَرَكَ إمْرَارَ يَدَيْهِ عَلَى جَسَدِهِ فَلَا يَضُرُّهُ وَفِي إفَاضَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَاءَ عَلَى جِلْدِهِ دَلِيلٌ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُدَلِّكْهُ أَجْزَأَهُ وَبِقَوْلِهِ «إذَا وَجَدْت الْمَاءَ فَأَمْسِسْهُ جِلْدَك» (قَالَ): وَفِي أَمْرِهِ الْجُنُبَ الْمُتَيَمِّمَ إذَا وَجَدَ الْمَاءَ اغْتَسِلْ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِوُضُوءٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْوُضُوءَ لَيْسَ بِفَرْضٍ.

(قَالَ): وَإِنْ تَرَكَ الْوُضُوءَ لِلْجَنَابَةِ وَالْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ فَقَدْ أَسَاءَ وَيُجْزِئُهُ وَيَسْتَأْنِفُ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ وَقَدْ فَرَضَ اللَّهُ - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - غَسْلَ الْوَجْهِ مِنْ الْحَدَثِ كَمَا فَرَضَ غَسْلَهُ مَعَ سَائِرِ الْبَدَنِ مِنْ الْجَنَابَةِ فَكَيْفَ يُجْزِئُهُ تَرْكُ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَا يُجْزِئُهُ مِنْ الْآخَرِ، وَكَذَلِكَ غُسْلُ الْمَرْأَةِ إلَّا أَنَّهَا تَحْتَاجُ مِنْ غَمْرِ ضَفَائِرِهَا حَتَّى يَبْلُغَ الْمَاءُ أُصُولَ الشَّعْرِ إلَى أَكْثَرَ مِمَّا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الرَّجُلُ. وَرُوِيَ «أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ سَأَلَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ إنِّي امْرَأَةٌ أَشُدُّ ضَفْرَ رَأْسِي أَفَأَنْقُضُهُ لِلْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ؟ فَقَالَ لَا إنَّمَا يَكْفِيك أَنْ تَحْثِي عَلَيْهِ ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ مِنْ مَاءٍ تُفِيضِي عَلَيْك الْمَاءَ» (قَالَ): وَأُحِبُّ أَنْ يُغَلْغِلَ الْمَاءَ فِي أُصُولِ الشَّعْرِ وَكَمَا وَصَلَ الْمَاءُ إلَى شَعْرِهَا وَبَشَرِهَا أَجْزَأَهَا، وَكَذَلِكَ غُسْلُهَا مِنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَلَمَّا أَمَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْغُسْلِ مِنْ الْحَيْضِ قَالَ «خُذِي فِرْصَةً - وَالْفِرْصَةُ الْقِطْعَةُ مِنْ مَسْكٍ - فَتَطْهُرِي بِهَا» فَقَالَتْ عَائِشَةُ تَتَبَّعِي بِهَا أَثَرَ الدَّمِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فَطِيبًا فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَالْمَاءُ كَافٍ وَمَا بَدَأَ بِهِ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ فِي الْغُسْلِ أَجْزَأَهُمَا (قَالَ): وَإِنْ أَدْخَلَ الْجُنُبُ أَوْ الْحَائِضُ أَيْدِيَهُمَا فِي الْإِنَاءِ وَلَا نَجَاسَةَ فِيهَا لَمْ يَضُرَّهُ

<<  <   >  >>