للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ تَبَايَعَا بِالْخِيَارِ ثَلَاثًا فَفَلِسَا أَوْ أَحَدُهُمَا فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إجَازَةُ الْبَيْعِ وَرَدُّهُ دُونَ الْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِبَيْعٍ مُسْتَحْدَثٍ فَإِنْ أَخَذَهُ دُونَ صِفَتِهِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْغُرَمَاءُ.

وَلَوْ أَسْلَفَهُ فِضَّةً بِعَيْنِهَا فِي طَعَامٍ ثُمَّ فَلِسَ كَانَ أَحَقَّ بِفِضَّتِهِ.

وَلَوْ أَكْرَى دَارًا ثُمَّ فَلِسَ الْمُكْرِي فَالْكِرَاءُ لِصَاحِبِهِ فَإِذَا تَمَّ سُكْنَاهُ بِيعَتْ لِلْغُرَمَاءِ، وَلَوْ أَكْرَاهُ سَنَةً، وَلَمْ يَقْبِضْ الْكِرَاءَ ثُمَّ فَلِسَ الْمُكْتَرِي كَانَ لِلْمُكْرِي فَسْخُ الْكِرَاءِ.

وَلَوْ قَسَمَ الْحَاكِمُ مَالَهُ بَيْنَ غُرَمَائِهِ ثُمَّ قَدِمَ آخَرُونَ رَدَّهُ عَلَيْهِمْ بِالْحِصَصِ وَإِذَا أَرَادَ الْحَاكِمُ بَيْعَ مَتَاعِهِ أَوْ رَهْنَهُ أَحْضَرَهُ أَوْ وَكِيلَهُ لِيُحْصِيَ ثَمَنَ ذَلِكَ فَيَدْفَعَ مِنْهُ حَقَّ الرَّهْنِ مِنْ سَاعَتِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ لِغُرَمَاءِ الْمُفْلِسِ ارْتَضَوْا بِمَنْ يَكُونُ عَلَى يَدَيْهِ الثَّمَنُ وَبِمَنْ يُنَادِي عَلَى مَتَاعِهِ فِيمَنْ يَزِيدُ وَلَا يَقْبَلُ الزِّيَادَةَ إلَّا مِنْ ثِقَةٍ وَأُحِبُّ أَنْ يُرْزَقَ مَنْ وَلِيَ هَذَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ، وَلَمْ يَعْمَلْ إلَّا بِجُعْلٍ شَارَكُوهُ فَإِنْ لَمْ يَتَّفِقُوا اجْتَهَدَ لَهُمْ وَلَمْ يُعْطَ شَيْئًا وَهُوَ يَجِدُ ثِقَةً يَعْمَلُ بِغَيْرِ جُعْلٍ، وَيُبَاعُ فِي مَوْضِعِ سُوقِهِ، وَمَا فِيهِ صَلَاحُ ثَمَنِ الْمَبِيعِ، وَلَا يَدْفَعُ إلَى مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا حَتَّى يَقْبِضَ الثَّمَنَ، وَمَا ضَاعَ مِنْ الثَّمَنِ فَمِنْ مَالِ الْمُفْلِسِ، وَيَبْدَأُ فِي الْبَيْعِ بِالْحَيَوَانِ وَيَتَأَنَّى بِالْمَسَاكِنِ بِقَدْرِ مَا يَرَى أَهْلُ الْبَصَرِ بِهَا أَنَّهَا قَدْ بَلَغَتْ أَثْمَانَهَا، وَإِنْ وَجَدَ الْإِمَامُ ثِقَةً يُسَلِّفُهُ الْمَالَ حَالًّا لَمْ يَجْعَلْهُ أَمَانَةً، وَيَنْبَغِي إذَا رُفِعَ إلَيْهِ أَنْ يُشْهِدَ أَنَّهُ وَقَفَ مَالَهُ عَنْهُ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَبِيعَ، وَلَا يَهَبَ، وَمَا فَعَلَ مِنْ هَذَا فَفِيهِ قَوْلَانِ. أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مَوْقُوفٌ فَإِنْ فَضَلَ جَازَ فِيهِ مَا فَعَلَ. وَالْآخَرُ: أَنَّ ذَلِكَ بَاطِلٌ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) قُلْت أَنَا: قَدْ قَطَعَ فِي الْمُكَاتَبِ إنْ كَاتَبَهُ بَعْدَ الْوَقْفِ فَأَدَّى لَمْ يُعْتَقْ بِحَالٍ.

(قَالَ): وَإِذَا أَقَرَّ بِدَيْنٍ زَعَمَ أَنَّهُ لَزِمَهُ قَبْلَ الْوَقْفِ فَفِيهَا قَوْلَانِ. أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ جَائِزٌ كَالْمَرِيضِ يَدْخُلُ مَعَ غُرَمَائِهِ وَبِهِ أَقُولُ. وَالثَّانِي: أَنَّ إقْرَارَهُ لَازِمٌ لَهُ فِي مَالٍ إنْ حَدَثَ لَهُ أَوْ يَفْضُلُ عَنْ غُرَمَائِهِ، وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ الْمُفْتِينَ إلَى أَنَّ دُيُونَ الْمُفْلِسِ إلَى أَجَلٍ تَحِلُّ حُلُولُهَا عَلَى الْمَيِّتِ، وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يُؤَخِّرَ الْمُؤَخَّرُ عَنْهُ؛ لِأَنَّ لَهُ ذِمَّةً، وَقَدْ يَمْلِكُ وَالْمَيِّتُ بَطَلَتْ ذِمَّتُهُ، وَلَا يَمْلِكُ بَعْدَ الْمَوْتِ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) قُلْتُ أَنَا: هَذَا أَصَحُّ وَبِهِ قَالَ فِي الْإِمْلَاءِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ جَنَى عَلَيْهِ عَمْدًا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَخْذُ الْمَالِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ.

(قَالَ): وَلَيْسَ عَلَى الْمُفْلِسِ أَنْ يُؤَاجِرَ وَذُو الْعُسْرَةِ يُنْظَرُ إلَى مَيْسَرَةٍ، وَيُتْرَكُ لَهُ مِنْ مَالِهِ قَدْرَ مَا لَا غِنَى بِهِ عَنْهُ وَأَقَلُّ مَا يَكْفِيهِ وَأَهْلُهُ يَوْمَهُ مِنْ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، وَإِنْ كَانَ لِبَيْعِ مَالِهِ حُبِسَ أُنْفِقَ مِنْهُ عَلَيْهِ، وَعَلَى أَهْلِهِ كُلَّ يَوْمٍ أَقَلَّ مَا يَكْفِيهِمْ مِنْ نَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ كَانَ ذَلِكَ فِي شِتَاءٍ أَوْ صَيْفٍ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ قَسْمِ مَالِهِ بَيْنَ غُرَمَائِهِ، وَإِنْ كَانَتْ ثِيَابُهُ كُلُّهَا عَوَالِيَ مُجَاوَزَةَ الْقَدْرِ اُشْتُرِيَ لَهُ مِنْ ثَمَنِهَا أَقَلُّ مَا يَلْبَسُ أَقْصِدُ مَا يَكْفِيهِ فِي مِثْلِ حَالِهِ، وَمَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ.

وَإِنْ مَاتَ كُفِّنَ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ قِبَلَ الْغُرَمَاءِ وَحُفِرَ قَبْرُهُ، وَمُيِّزَ بِأَقَلَّ مَا يَكْفِيهِ وَكَذَلِكَ مَنْ يَلْزَمُهُ أَنْ يُكَفِّنَهُ ثُمَّ قُسِّمَ الْبَاقِي بَيْنَ غُرَمَائِهِ، وَيُبَاعُ عَلَيْهِ مَسْكَنُهُ وَخَادِمُهُ؛ لِأَنَّ مِنْ ذَلِكَ بُدًّا.

وَإِنْ أَقَامَ شَاهِدًا عَلَى رَجُلٍ بِحَقٍّ وَلَمْ يَحْلِفْ مَعَ شَاهِدِهِ فَلَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ أَنْ يَحْلِفُوا لَيْسَ لَهُمْ إلَّا مَا تَمَّ مِلْكُهُ عَلَيْهِ دُونَهُمْ.

بَابُ الدَّيْنِ عَلَى الْمَيِّتِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): مَنْ بِيعَ عَلَيْهِ فِي دَيْنٍ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ فِي حَيَاتِهِ أَوْ تَفْلِيسِهِ فَهَذَا كُلُّهُ سَوَاءٌ وَالْعُهْدَةُ فِي مَالِ الْمَيِّتِ كَهِيَ فِي مَالِ الْحَيِّ لَا اخْتِلَافَ فِي ذَلِكَ عِنْدِي، وَلَوْ بِيعَتْ دَارُهُ بِأَلْفٍ وَقَبَضَ أَمِينُ الْقَاضِي الثَّمَنَ فَهَلَكَ مِنْ يَدِهِ وَاسْتُحِقَّتْ الدَّارُ فَلَا عُهْدَةَ عَلَى الْغَرِيمِ الَّذِي بِيعَتْ لَهُ وَأَحَقُّ النَّاسِ بِالْعُهْدَةِ الْمَبِيعُ عَلَيْهِ فَإِنْ وُجِدَ لَهُ مَالٌ بِيعَ ثُمَّ رُدَّ عَلَى الْمُشْتَرِي مَالُهُ؛ لِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْهُ بِبَيْعٍ وَلَمْ يُسَلَّمْ لَهُ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ لَهُ شَيْءٌ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْقَاضِي، وَلَا أَمِينِهِ، وَيُقَالُ لِلْمُشْتَرِي أَنْتَ غَرِيمُ الْمُفْلِسِ أَوْ الْمَيِّتِ كَغُرَمَائِهِ سَوَاءٌ.

<<  <   >  >>