للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كَذَا لِاخْتِلَافِهِ فِي الْبُلْدَانِ وَيُسَمِّي لَوْنًا لِاخْتِلَافِ أَلْوَانِهَا، وَيَقُولُ جَيِّدًا نَقِيًّا وَمَغْسُولًا لِمَا يَعْلَقُ بِهِ فَيَثْقُلُ فَيُسَمِّي قِصَارًا أَوْ طِوَالًا بِوَزْنٍ، وَإِنْ اخْتَلَفَ صُوفُ فُحُولِهَا مِنْ غَيْرِهَا وَصْفًا مَا يَخْتَلِفُ وَكَذَلِكَ الْوَبَرُ وَالشَّعْرُ وَيَقُولُ فِي الْكُرْسُفِ: كُرْسُفُ بَلَدِ كَذَا وَيَقُولُ جَيِّدًا أَبْيَضَ نَقِيًّا أَوْ أَسْمَرَ، وَإِنْ اخْتَلَفَ قَدِيمُهُ وَجَدِيدُهُ سَمَّاهُ، وَإِنْ كَانَ يَكُونُ نَدِيًّا سَمَّاهُ جَافًّا بِوَزْنٍ.

(قَالَ إبْرَاهِيمُ): وَحَدَّثَنَا الرَّبِيعُ قَالَ سَمِعْت الشَّافِعِيَّ يَقُولُ وَلَا يَجُوزُ السَّلَفُ فِيهَا حَتَّى يُسَمِّيَ أَخْضَرَ أَوْ أَبْيَضَ أَوْ زبيريا أَوْ سِيلَانِيًّا وَبِأَنْ لَا يَكُونَ فِيهِ عِرْقٌ وَلَا كُلِّي وَيَقُولُ فِي الْحَطَبِ سُمْرٌ أَوْ سَلَمٌ أَوْ حَمْضٌ أَوْ أَرَاكٌ أَوْ عَرْعَرٌ وَيَقُولُ فِي عِيدَانِ الْقِسِيِّ عُودُ شَوْحَطَةٍ جَدْلٌ مُسْتَوِي الْبِنْيَةِ.

(قَالَ): وَلَا بَأْسَ أَنْ يُسَلِّفَ فِي الشَّيْءِ كَيْلًا، وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ وَزْنًا، وَيُسَلِّفُ فِي لَحْمِ الطَّيْرِ بِصِفَةٍ وَوَزْنٍ غَيْرَ أَنَّهُ لَا سِنَّ لَهُ يَعْنِي يُعْرَفُ فَيُوصَفُ بِصَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ وَمَا احْتَمَلَ أَنْ يُبَاعَ مُبَعَّضًا وُصِفَ مَوْضِعُهُ، وَكَذَلِكَ الْحِيتَانُ وَمَا ضُبِطَتْ صِفَتُهُ مِنْ خَشَبِ سَاجٍ أَوْ عِيدَانِ قِسِيٍّ مِنْ طُولٍ أَوْ عَرْضٍ جَازَ فِيهِ السَّلَمُ وَمَا لَمْ يَكُنْ لَمْ يَجُزْ، وَكَذَلِكَ حِجَارَةُ الْأَرْحَاءِ وَالْبُنْيَانِ وَالْآنِيَةِ.

(قَالَ): وَيَجُوزُ السَّلَفُ فِيمَا لَا يَنْقَطِعُ مِنْ الْعِطْرِ فِي أَيْدِي النَّاسِ بِوَزْنٍ وَصِفَةٍ كَغَيْرِهِ وَالْعَنْبَرُ مِنْهُ الْأَشْهَبُ وَالْأَخْضَرُ وَالْأَبْيَضُ وَلَا يَجُوزُ حَتَّى يُسَمَّى، وَإِنْ سَمَّاهُ قِطْعَةً أَوْ قِطَعًا صِحَاحًا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ مُفَتَّتًا وَمَتَاعُ الصَّيَادِلَةِ كَمَتَاعِ الْعَطَّارِينَ وَلَا خَيْرَ فِي شِرَاءِ شَيْءٍ خَالَطَهُ لُحُومُ الْحَيَّاتِ مِنْ الدرياق؛ لِأَنَّ الْحَيَّاتِ مُحَرَّمَاتٌ وَلَا مَا خَالَطَهُ لَبَنُ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ مِنْ غَيْرِ الْآدَمِيِّينَ.

وَلَوْ أَقَالَهُ بَعْضَ السَّلَمِ، وَقَبَضَ بَعْضًا فَجَائِزٌ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ذَلِكَ الْمَعْرُوفُ وَأَجَازَهُ عَطَاءٌ.

(قَالَ): وَإِذَا أَقَالَهُ فَبَطَلَ عَنْهُ الطَّعَامُ وَصَارَ عَلَيْهِ ذَهَبًا تَبَايَعَا بَعْدُ بِالذَّهَبِ مَا شَاءَا وَتَقَابَضَا قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا مِنْ عَرْضٍ وَغَيْرِهِ وَلَا يَجُوزُ فِي السَّلَفِ الشَّرِكَةُ وَلَا التَّوْلِيَةُ؛ لِأَنَّهُمَا بَيْعٌ وَالْإِقَالَةُ فَسْخُ بَيْعٍ وَلَوْ عَجَّلَ لَهُ قَبْلَ مَحَلِّهِ أَدْنَى مِنْ حَقِّهِ أَجَزْتُهُ وَلَا أَجْعَلُ لِلتُّهْمَةِ مَوْضِعًا.

بَابُ مَا لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي النَّبْلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْدَرُ عَلَى ذَرْعِ ثَخَانَتِهَا لِرِقَّتِهَا وَلَا وَصْفِهِ مَا فِيهَا مِنْ رِيشٍ وَعَقِبٍ وَغَيْرِهِ، وَلَا فِي اللُّؤْلُؤِ، وَلَا فِي الزَّبَرْجَدِ وَلَا الْيَاقُوتِ مِنْ قِبَلِ أَنَّى لَوْ قُلْت لُؤْلُؤَةٌ مُدَحْرَجَةٌ صَافِيَةٌ صَحِيحَةٌ مُسْتَطِيلَةٌ وَزْنُهَا كَذَا فَقَدْ تَكُونُ الثَّقِيلَةُ الْوَزْنِ وَزْنَ شَيْءٍ وَهِيَ صَغِيرَةٌ وَأُخْرَى أَخَفُّ مِنْهَا وَهِيَ كَبِيرَةٌ مُتَفَاوِتَتَيْنِ فِي الثَّمَنِ وَلَا أَضْبِطُ أَنْ أَصِفَهَا بِالْعِظَمِ وَلَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي جَوْزٍ وَلَا رَانِجٍ وَلَا قِثَّاءٍ وَلَا بِطِّيخٍ وَلَا رُمَّانٍ وَلَا سَفَرْجَلٍ عَدَدًا؛ لِتَبَايُنِهَا إلَّا أَنْ يُضْبَطَ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ فَيُوصَفُ بِمَا يَجُوزُ.

(قَالَ): وَأَرَى النَّاسَ تَرَكُوا وَزْنَ الرُّءُوسِ؛ لِمَا فِيهَا مِنْ الصُّوفِ وَأَطْرَافِ الْمَشَافِرِ وَالْمَنَاخِرِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ فَلَوْ تَحَامَلَ رَجُلٌ فَأَجَازَ السَّلَفَ فِيهِ لَمْ يَجُزْ إلَّا مَوْزُونًا.

(قَالَ): وَلَا يَجُوزُ السَّلَفُ فِي جُلُودِ الْغَنَمِ وَلَا جُلُودِ غَيْرِهَا وَلَا إهَابٍ مِنْ رِقٍّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ فِيهِ الذَّرْعُ لِاخْتِلَافِ خِلْقَتِهِ وَلَا السَّلَفُ فِي خُفَّيْنِ وَلَا نَعْلَيْنِ وَلَا السَّلَفُ فِي الْبُقُولِ جَزْمًا حَتَّى يُسَمِّيَ وَزْنًا وَجِنْسًا وَصَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا وَأَجَلًا مَعْلُومًا.

<<  <   >  >>