(قَالَ الْمُزَنِيّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - إذَا جَعَلَ لِلْمُشْرِكَةِ أَنْ تَحْضُرَهُ فِي الْمَسْجِدِ وَعَسَى بِهَا مَعَ شِرْكِهَا أَنْ تَكُونَ حَائِضًا كَانَتْ الْمُسْلِمَةُ بِذَلِكَ أَوْلَى.
(قَالَ): وَإِنْ كَانَا مُشْرِكَيْنِ وَلَا دِينَ لَهُمَا تَحَاكَمَا إلَيْنَا لَاعَنَ بَيْنَهُمَا فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ
بَابُ سُنَّةُ اللِّعَانِ وَنَفْيُ الْوَلَدِ وَإِلْحَاقُهُ بِالْأُمِّ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ كِتَابَيْ لِعَانٍ جَدِيدٍ وَقَدِيمٍ وَمِنْ اخْتِلَافِ الْحَدِيثِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «أَنَّ رَجُلًا لَاعَنَ امْرَأَتَهُ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَانْتَفَى مِنْ وَلَدِهَا فَفَرَّقَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَهُمَا وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِالْمَرْأَةِ» وَقَالَ سَهْلٌ وَابْنُ شِهَابٍ: فَكَانَتْ تِلْكَ سُنَّةَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَمَعْنَى قَوْلِهِمَا: فُرْقَةٌ بِلَا طَلَاقِ الزَّوْجِ.
(قَالَ): وَتَفْرِيقُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَيْرُ فُرْقَةِ الزَّوْجِ إنَّمَا هُوَ تَفْرِيقُ حُكْمٍ.
(قَالَ): وَإِذَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ؟» فَحَكَمَ عَلَى الصَّادِقِ وَالْكَاذِبِ حُكْمًا وَاحِدًا وَأَخْرَجَهُمَا مِنْ الْحَدِّ وَقَالَ «وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أُدَيْعِجَ فَلَا أُرَاهُ إلَّا قَدْ صَدَقَ عَلَيْهَا فَجَاءَتْ بِهِ عَلَى النَّعْتِ الْمَكْرُوهِ فَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إنَّ أَمْرَهُ لَبَيِّنٌ لَوْلَا مَا حَكَمَ اللَّهُ» فَأَخْبَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ لَمْ يَسْتَعْمِلْ دَلَالَةَ صِدْقِهِ عَلَيْهَا وَحَكَمَ بِالظَّاهِرِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا فَمَنْ بَعْدَهُ مِنْ الْوُلَاةِ أَوْلَى أَنْ لَا يَسْتَعْمِلَ دَلَالَةً فِي مِثْلِ هَذَا الْمَعْنَى وَلَا يَقْضِيَ إلَّا بِالظَّاهِرِ أَبَدًا.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): فِي حَدِيثٍ ذَكَرَهُ أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ الْمُتَلَاعِنَيْنِ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَيُّمَا امْرَأَةٍ أَدْخَلَتْ عَلَى قَوْمٍ مَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ فَلَيْسَتْ مِنْ اللَّهِ فِي شَيْءٍ وَلَنْ يُدْخِلَهَا اللَّهُ جَنَّتَهُ وَأَيُّمَا رَجُلٍ جَحَدَ وَلَدَهُ وَهُوَ يَنْظُرُ إلَيْهِ احْتَجَبَ اللَّهُ مِنْهُ وَفَضَحَهُ عَلَى رُءُوسِ الْأَوَّلِينَ وَالْآخَرِينَ».
بَابُ كَيْفَ اللِّعَانُ
مِنْ كِتَابِ اللِّعَانِ وَالطَّلَاقِ وَأَحْكَامِ الْقُرْآنِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَمَّا حَكَى سَهْلٌ شُهُودَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ مَعَ حَدَاثَتِهِ وَحَكَاهُ ابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - اسْتَدْلَلْنَا عَلَى أَنَّ اللِّعَانَ لَا يَكُونُ إلَّا بِمَحْضَرٍ مِنْ طَائِفَةٍ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْضُرُ أَمْرًا يُرِيدُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سِتْرَهُ وَلَا يَحْضُرُهُ إلَّا وَغَيْرُهُ حَاضِرٌ لَهُ، وَكَذَلِكَ جَمِيعُ حُدُودِ الزِّنَا يَشْهَدُهَا طَائِفَةٌ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ أَقَلُّهُمْ أَرْبَعَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي شَهَادَةِ الزِّنَا أَقَلُّ مِنْهُمْ وَهَذَا يُشْبِهُ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى فِي الزَّانِيَيْنِ {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} وَفِي حِكَايَةِ مَنْ حَكَى اللِّعَانَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جُمْلَةً بِلَا تَفْسِيرٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا نَصَبَ اللِّعَانَ حِكَايَةً فِي كِتَابِهِ فَإِنَّمَا لَاعَنَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ بِمَا حَكَى اللَّهُ تَعَالَى فِي الْقُرْآنِ وَاللِّعَانُ أَنْ يَقُولَ الْإِمَامُ لِلزَّوْجِ قُلْ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْت بِهِ زَوْجَتِي فُلَانَةَ بِنْتَ فُلَانٍ مِنْ الزِّنَا وَيُشِيرُ إلَيْهَا إنْ كَانَتْ حَاضِرَةً ثُمَّ يَعُودُ فَيَقُولُهَا حَتَّى يُكْمِلَ ذَلِكَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ ثُمَّ يَقِفُهُ الْإِمَامُ وَيُذَكِّرُهُ اللَّهَ تَعَالَى وَيَقُولُ إنِّي أَخَافُ إنْ لَمْ تَكُنْ صَدَقْت أَنْ تَبُوءَ بِلَعْنَةِ اللَّهِ فَإِنْ رَآهُ يُرِيدُ أَنْ يُمْضِيَ أَمَرَ مَنْ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى فِيهِ وَيَقُولُ إنَّ قَوْلَك وَعَلَيَّ لَعْنَةُ اللَّهِ إنْ كُنْت مِنْ الْكَاذِبِينَ مُوجِبَةٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute