بَابُ وُقُوعِ الرَّجُلِ عَلَى الْجَارِيَةِ قَبْلَ الْقَسْمِ أَوْ يَكُونُ لَهُ فِيهِمْ أَبٌ أَوْ ابْنٌ وَحُكْمِ السَّبْيِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - إنْ وَقَعَ عَلَى جَارِيَةٍ مِنْ الْمَغْنَمِ قَبْلَ الْقَسْمِ فَعَلَيْهِ مَهْرُ مِثْلِهَا يُؤَدِّيهِ فِي الْمَغْنَمِ وَيُنْهَى إنْ جَهِلَ وَيُعَزَّرُ إنْ عَلِمَ وَلَا حَدَّ لِلشُّبْهَةِ؛ لِأَنَّ لَهُ فِيهَا شَيْئًا قَالَ: وَإِنْ أَحْصَوْا الْمَغْنَمَ فَعَلِمَ كَمْ حَقُّهُ فِيهَا مَعَ جَمَاعَةِ أَهْلِ الْمَغْنَمِ سَقَطَ عَنْهُ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ مِنْهَا، وَإِنْ حَمَلَتْ فَهَكَذَا وَتُقَوَّمُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ بِهَا حَمْلٌ وَكَانَتْ لَهُ أُمَّ وَلَدٍ، وَإِنْ كَانَ فِي السَّبْيِ ابْنٌ وَأَبٌ لِرَجُلٍ لَمْ يَعْتِقْ عَلَيْهِ حَتَّى يَقْسِمَهُ وَإِنَّمَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ مَنْ اجْتَلَبَهُ بِشِرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ، وَهُوَ لَوْ تَرَكَ حَقَّهُ مِنْ مَغْنَمِهِ لَمْ يَعْتِقْ عَلَيْهِ حَتَّى يُقْسَمَ.
(قَالَ الْمُزَنِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -) وَإِذَا كَانَ فِيهِمْ ابْنُهُ فَلَمْ يَعْتِقْ مِنْهُ عَلَيْهِ نَصِيبُهُ قَبْلَ الْقَسْمِ كَانَتْ الْأَمَةُ تَحْمِلُ مِنْهُ مِنْ أَنْ تَكُونَ لَهُ أُمَّ وَلَدٍ أَبْعَدُ قَالَ: وَمَنْ سُبِيَ مِنْهُمْ مِنْ الْحَرَائِرِ فَقَدْ رُقَّتْ وَبَانَتْ مِنْ الزَّوْجِ كَانَ مَعَهَا أَوْ لَمْ يَكُنْ سَبَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نِسَاءَ أَوْطَاسٍ وَبَنِي الْمُصْطَلِقِ وَرِجَالَهُمْ جَمِيعًا فَقَسَمَ السَّبْيَ وَأَمَرَ أَنْ لَا تُوطَأَ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ وَلَا حَائِلٌ حَتَّى تَحِيضَ وَلَمْ يَسْأَلْ عَنْ ذَاتِ زَوْجٍ وَلَا غَيْرِهَا وَلَيْسَ قَطْعُ الْعِصْمَةِ بَيْنَهُنَّ وَبَيْنَ أَزْوَاجِهِنَّ بِأَكْثَرَ مِنْ اسْتِبَائِهِنَّ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ وَلَدِهَا حَتَّى يَبْلُغَ سَبْعَ أَوْ ثَمَانِ سِنِينَ وَهُوَ عِنْدَنَا اسْتِغْنَاءُ الْوَلَدِ عَنْهَا، وَكَذَلِكَ وَلَدُ الْوَلَدِ فَأَمَّا الْأَخَوَانِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَإِنَّمَا نَبِيعُ أَوْلَادَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ بَعْدَ مَوْتِ أُمَّهَاتِهِمْ إلَّا أَنْ يَبْلُغُوا فَيَصِفُوا الْإِسْلَامَ.
(قَالَ الْمُزَنِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -) وَمِنْ قَوْلِهِ: إذَا سُبِيَ الطِّفْلُ وَلَيْسَ مَعَهُ أَبَوَاهُ وَلَا أَحَدُهُمَا إنَّهُ مُسْلِمٌ وَإِذَا سُبِيَ وَمَعَهُ أَحَدُهُمَا فَعَلَى دِينِهِمَا فَمَعْنَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي قَوْلِهِ أَنْ يَكُونَ سَبْيُ الْأَطْفَالِ مَعَ أُمَّهَاتِهِمْ فَيَثْبُتُ فِي الْإِسْلَامِ حُكْمُ أُمَّهَاتِهِمْ وَلَا يُوجِبُ إسْلَامُهُمْ مَوْتَ أُمَّهَاتِهِمْ.
(قَالَ): وَمَنْ أُعْتِقَ مِنْهُمْ فَلَا يُوَرَّثُ كَمِثْلِ أَنْ لَا تَقُومَ بِنَسَبِهِ بَيِّنَةٌ.
بَابُ الْمُبَارَزَةِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَا بَأْسَ بِالْمُبَارَزَةِ وَقَدْ بَارَزَ يَوْمَ بَدْرٍ عُبَيْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ وَحَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ بِإِذْنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَارَزَ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ مَرْحَبًا يَوْمَ خَيْبَرَ بِأَمْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَارَزَ يَوْمَئِذٍ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ يَاسِرًا وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَوْمَ الْخَنْدَقِ عَمْرَو بْنَ عَبْدِ وُدٍّ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَإِذَا بَارَزَ مُسْلِمٌ مُشْرِكًا أَوْ مُشْرِكٌ مُسْلِمًا عَلَى أَنْ لَا يُقَاتِلَهُ غَيْرُهُ وَفَّى بِذَلِكَ لَهُ فَإِنْ وَلَّى عَنْهُ الْمُسْلِمُ أَوْ جَرَحَهُ فَأَثْخَنَهُ فَلَهُمْ أَنْ يَحْمِلُوا عَلَيْهِ وَيَقْتُلُوهُ؛ لِأَنَّ قِتَالَهُمَا قَدْ انْقَضَى وَلَا أَمَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ إلَّا أَنْ يَكُونَ شَرَطَ أَنَّهُ آمِنٌ حَتَّى يَرْجِعَ إلَى مَخْرَجِهِ مِنْ الصَّفِّ فَلَا يَكُونَ لَهُمْ قَتْلُهُ وَلَهُمْ دَفْعُهُ وَاسْتِنْقَاذُ الْمُسْلِمِ مِنْهُ فَإِنْ امْتَنَعَ وَعَرَضَ دُونَهُ لِيُقَاتِلَهُمْ قَاتَلُوهُ؛ لِأَنَّهُ نَقَضَ أَمَانَ نَفْسِهِ أَعَانَ حَمْزَةُ عَلِيًّا عَلَى عُتْبَةَ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ فِي عُبَيْدَةَ قِتَالٌ وَلَمْ يَكُنْ لِعُتْبَةَ أَمَانٌ يَكُفُّونَ بِهِ عَنْهُ، وَلَوْ أَعَانَ الْمُشْرِكُونَ صَاحِبَهُمْ كَانَ حَقًّا عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُعِينُوا صَاحِبَهُمْ وَيَقْتُلُوا مَنْ أَعَانَ عَلَيْهِ وَلَا يَقْتُلُونَ الْمُبَارِزَ مَا لَمْ يَكُنْ اسْتَنْجَدَهُمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute