للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يَبِينُ لِي أَنْ تَجِبَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا مَفْرُوضَةٌ عَلَى غَيْرِهِ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَهَا بَعْد أَدَائِهَا إذَا كَانَ مُحْتَاجًا وَغَيْرُهَا مِنْ الصَّدَقَاتِ الْمَفْرُوضَاتِ وَالتَّطَوُّعِ.

وَإِنْ زَوَّجَ أَمَتَهُ عَبْدًا، أَوْ مُكَاتَبًا فَعَلَيْهِ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْهَا، فَإِنْ زَوَّجَهَا حُرًّا فَعَلَى الْحُرِّ الزَّكَاةُ عَنْ امْرَأَتِهِ، فَإِنْ كَانَ مُحْتَاجًا فَعَلَى سَيِّدِهَا فَإِنْ لَمْ يُدْخِلْهَا عَلَيْهِ، أَوْ مَنَعَهَا مِنْهُ فَعَلَى السَّيِّدِ.

بَابُ مَكِيلَةِ زَكَاةِ الْفِطْرِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ عَلَى النَّاسِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ» (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَبَيَّنَ فِي سُنَّتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ الْبَقْلِ مِمَّا يَقْتَاتُ الرَّجُلُ وَمَا فِيهِ الزَّكَاةُ (قَالَ): وَأَيُّ قُوتٍ كَانَ الْأَغْلَبُ عَلَى الرَّجُلِ أَدَّى مِنْهُ زَكَاةَ الْفِطْرِ كَانَ حِنْطَةً، أَوْ ذُرَةً أَوْ عَلَسًا، أَوْ شَعِيرًا، أَوْ تَمْرًا، أَوْ زَبِيبًا وَمَا أَدَّى مِنْ هَذَا أَدَّى صَاعًا بِصَاعِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا تُقَوَّمُ الزَّكَاةُ وَلَوْ قُوِّمَتْ كَانَ لَوْ أَدَّى ثَمَنَ صَاعِ زَبِيبٍ ضُرُوعٍ أَدَّى ثَمَنَ آصُعَ حِنْطَةً (قَالَ): وَلَا يُؤَدِّي إلَّا الْحَبَّ نَفْسَهُ لَا يُؤَدِّي دَقِيقًا وَلَا سَوِيقًا وَلَا قِيمَةً وَأَحَبُّ إلَيَّ لِأَهْلِ الْبَادِيَةِ أَنْ لَا يُؤَدُّوا أَقِطًا؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ لَهُمْ قُوتًا فَالْفَثُّ قُوتٌ وَقَدْ يُقْتَاتُ الْحَنْظَلُ وَاَلَّذِي لَا أَشُكُّ فِيهِ أَنَّهُمْ يُؤَدُّونَ مِنْ قُوتِ أَقْرَبِ الْبُلْدَانِ بِهِمْ إلَّا أَنْ يَقْتَاتُوا ثَمَرَةً لَا زَكَاةَ فِيهَا فَيُؤَدُّونَ مِنْ ثَمَرَةٍ فِيهَا زَكَاةٌ، وَلَوْ أَدَّوْا أَقِطًا لَمْ أَرَ عَلَيْهِمْ إعَادَةً (قَالَ الْمُزَنِيّ): قِيَاسُ مَا مَضَى أَنْ يَرَى عَلَيْهِمْ إعَادَةً؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْهَا فِيمَا يُقْتَاتُ إذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَرَةً فِيهَا زَكَاةٌ، أَوْ يُجِيزُ الْقُوتَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ زَكَاةٌ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُخْرِجَ الرَّجُلُ نِصْفَ صَاعٍ حِنْطَةً وَنِصْفَ صَاعٍ شَعِيرًا إلَّا مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ وَإِنْ كَانَ قُوتُهُ حِنْطَةٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُخْرِجَ شَعِيرًا وَلَا يُخْرِجُهُ مِنْ مُسَوَّسٍ وَلَا مَعِيبٍ، فَإِنْ كَانَ قَدِيمًا لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَلَا لَوْنُهُ أَجْزَأَهُ، وَإِنْ كَانَ قُوتُهُ حُبُوبًا مُخْتَلِفَةً فَاخْتَارَ لَهُ خَيْرَهَا وَمِنْ أَيْنَ أَخْرَجَهُ أَجْزَأَهُ.

وَيُقَسِّمُهَا عَلَى مَنْ تُقَسَّمُ عَلَيْهِ زَكَاةُ الْمَالِ وَأَحَبُّ إلَيَّ ذَوُو رَحِمِهِ إنْ كَانَ لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ بِحَالٍ.

وَإِنْ طَرَحَهَا عِنْدَ مَنْ تُجْمَعُ عِنْدَهُ أَجْزَأَهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

سَأَلَ رَجُلٌ سَالِمًا فَقَالَ أَلَمْ يَكُنْ ابْنُ عُمَرَ يَدْفَعُهَا إلَى السُّلْطَانِ؟ فَقَالَ: بَلَى، وَلَكِنْ أَرَى أَنْ لَا يَدْفَعَهَا إلَيْهِ.

بَابُ الِاخْتِيَارِ فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «خَيْرُ الصَّدَقَةِ عَنْ ظَهْرِ غِنًى وَلْيَبْدَأْ أَحَدُكُمْ بِمَنْ يَعُولُ» (قَالَ): فَهَكَذَا أُحِبُّ أَنْ يَبْدَأَ بِنَفْسِهِ، ثُمَّ بِمَنْ يَعُولُ؛ لِأَنَّ نَفَقَةَ مَنْ يَعُولُ فَرْضٌ وَالْفَرْضُ أَوْلَى بِهِ مِنْ النَّفْلِ، ثُمَّ قَرَابَتُهُ، ثُمَّ مَنْ شَاءَ وَرُوِيَ «أَنَّ امْرَأَةَ ابْنِ مَسْعُودٍ كَانَتْ صَنَاعًا وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ فَقَالَتْ لَقَدْ شَغَلْتنِي أَنْتَ وَوَلَدُك عَنْ الصَّدَقَةِ فَسَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ لَك فِي ذَلِكَ أَجْرَانِ فَأَنْفِقِي عَلَيْهِمْ»، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. .

<<  <   >  >>