لَهُ شُغْلٌ عَنْهُ فِي وَقْتِ الْجُمُعَةِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَدَعَ لَهُ الْجُمُعَةَ تَرَكَهَا ابْنُ عُمَرَ لِمَنْزُولٍ بِهِ وَمَنْ طَلَعَ لَهُ الْفَجْرُ فَلَا يُسَافِرُ حَتَّى يُصَلِّيَهَا. .
بَابُ الْغُسْلِ لِلْجُمُعَةِ وَالْخُطْبَةِ وَمَا يَجِبُ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَالسُّنَّةُ أَنْ يَغْتَسِلَ لِلْجُمُعَةِ كُلُّ مُحْتَلِمٍ وَمَنْ اغْتَسَلَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ أَجْزَأَهُ وَمَنْ تَرَكَ الْغُسْلَ لَمْ يُعِدْ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ تَوَضَّأَ فَبِهَا وَنَعِمَتْ وَمَنْ اغْتَسَلَ فَالْغُسْلُ أَفْضَلُ» فَإِذَا زَالَتْ الشَّمْسُ وَجَلَسَ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ وَأَذَّنَ الْمُؤَذِّنُونَ فَقَدْ انْقَطَعَ الرُّكُوعُ فَلَا يَرْكَعُ أَحَدٌ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ رَجُلٌ لَمْ يَكُنْ رَكَعَ فَيَرْكَعُ.
وَرُوِيَ «أَنْ سُلَيْكًا الْغَطَفَانِيُّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْطُبُ فَقَالَ لَهُ أَرَكَعْت؟ قَالَ: لَا قَالَ: فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ» وَأَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رَكَعَهُمَا وَمَرْوَانُ يَخْطُبُ وَقَالَ مَا كُنْت لِأَدَعَهُمَا بَعْدَ شَيْءٍ سَمِعْته مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
(قَالَ): " وَيُنْصِتُ النَّاسُ وَيَخْطُبُ الْإِمَامُ قَائِمًا خُطْبَتَيْنِ يَجْلِسُ بَيْنَهُمَا جِلْسَةً خَفِيفَةً " إلَّا أَنْ يَكُونَ مَرِيضًا فَيَخْطُبُ جَالِسًا وَلَا بَأْسَ بِالْكَلَامِ مَا لَمْ يَخْطُبْ وَيُحَوِّلُ النَّاسُ وُجُوهَهُمْ إلَى الْإِمَامِ وَيَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ فَإِذَا فَرَغَ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَيُصَلِّي بِالنَّاسِ رَكْعَتَيْنِ يَقْرَأُ فِي الْأُولَى بِأُمِّ الْقُرْآنِ يَبْتَدِئُهَا بِ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} وَبِسُورَةِ الْجُمُعَةِ وَيَقْرَأُ فِي الثَّانِيَةِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَ {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ} ثُمَّ يَتَشَهَّدُ وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَجْهَرُ الْإِمَامُ بِالْقِرَاءَةِ وَلَا يَقْرَأُ مَنْ خَلْفَهُ وَمَتَى دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ الْإِمَامُ مِنْ الْجُمُعَةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُتِمَّهَا ظُهْرًا وَمَنْ أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْنِ أَتَمَّهَا جُمُعَةً وَإِنْ تَرَكَ سَجْدَةً فَلَمْ يَدْرِ أَمِنَ الَّتِي أَدْرَكَ أَمْ الْأُخْرَى حَسَبَهَا رَكْعَةً وَأَتَمَّهَا ظُهْرًا؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ أَدْرَكَ مِنْ الصَّلَاةِ رَكْعَةً فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ» وَمَعْنَى قَوْلِهِ إنْ لَمْ تَفُتْهُ وَمَنْ لَمْ تَفُتْهُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَأَقَلُّهَا رَكْعَةٌ بِسَجْدَتَيْهَا «وَحُكِيَ فِي أَدَاءِ الْخُطْبَةِ اسْتِوَاءُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الدَّرَجَةِ الَّتِي تَلِي الْمُسْتَرَاحَ قَائِمًا، ثُمَّ سَلَّمَ وَجَلَسَ عَلَى الْمُسْتَرَاحِ حَتَّى فَرَغَ الْمُؤَذِّنُونَ، ثُمَّ قَامَ فَخَطَبَ الْأُولَى، ثُمَّ جَلَسَ، ثُمَّ قَامَ فَخَطَبَ الثَّانِيَةَ» وَرُوِيَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا خَطَبَ اعْتَمَدَ عَلَى عَنَزَتِهِ اعْتِمَادًا وَقِيلَ عَلَى قَوْسٍ» (قَالَ): وَأُحِبُّ أَنْ يَعْتَمِدَ عَلَى ذَلِكَ، أَوْ مَا أَشْبَهَهُ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ أَحْبَبْت أَنْ يُسْكِنَ جَسَدَهُ وَيَدَيْهِ إمَّا بِأَنْ يَجْعَلَ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى أَوْ يُقِرَّهُمَا فِي مَوْضِعِهِمَا وَيُقْبِلَ بِوَجْهِهِ قَصْدَ وَجْهِهِ وَلَا يَلْتَفِتُ يَمِينًا وَلَا شِمَالًا وَأُحِبُّ أَنْ يَرْفَعَ صَوْتَهُ حَتَّى يُسْمِعَ وَأَنْ يَكُونَ كَلَامُهُ مُتَرَسِّلًا مُبَيَّنًا مُعْرَبًا بِغَيْرِ مَا يُشْبِهُ الْعِيَّ وَغَيْرِ التَّمْطِيطِ وَتَقْطِيعِ الْكَلَامِ وَمَدِّهِ وَلَا مَا يُسْتَنْكَرُ مِنْهُ وَلَا الْعَجَلَةُ فِيهِ عَلَى الْأَفْهَامِ وَلَا تَرْكِ الْإِفْصَاحِ بِالْقَصْدِ وَلْيَكُنْ كَلَامُهُ قَصِيرًا بَلِيغًا جَامِعًا وَأَقَلُّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ خُطْبَةٍ مِنْهُمَا أَنْ يَحْمَدَ اللَّهَ وَيُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُوصِيَ بِتَقْوَى اللَّهِ وَطَاعَتِهِ وَيَقْرَأَ آيَةً فِي الْأُولَى وَيَحْمَدَ اللَّهَ وَيُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُوصِيَ بِتَقْوَى اللَّهِ وَيَدْعُو فِي الْآخِرَةِ؛ لِأَنَّ مَعْقُولًا أَنَّ الْخُطْبَةَ جَمْعُ بَعْضِ الْكَلَامِ مِنْ وُجُوهٍ إلَى بَعْضٍ وَهَذَا مِنْ أَوْجَزِهِ وَإِذَا حُصِرَ الْإِمَامُ لُقِّنَ وَإِذَا قَرَأَ سَجْدَةً فَنَزَلَ فَسَجَدَ لَمْ يَكُنْ بِهِ بَأْسٌ كَمَا لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ (قَالَ): وَأُحِبُّ أَنْ يَقْرَأَ فِي الْآخِرَةِ بِآيَةٍ ثُمَّ يَقُولَ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ.
وَإِنْ سَلَّمَ رَجُلٌ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ كَرِهْته وَرَأَيْت أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ فَرْضٌ وَيَنْبَغِي تَشْمِيتُ الْعَاطِسِ؛ لِأَنَّهَا سُنَّةٌ وَقَالَ فِي الْقَدِيمِ لَا يُشَمِّتُهُ وَلَا يَرُدُّ السَّلَامَ إلَّا إشَارَةً (قَالَ الْمُزَنِيّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - قُلْت: أَنَا الْجَدِيدُ أَوْلَى بِهِ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ فَرْضٌ وَالصَّمْتَ سُنَّةٌ، وَالْفَرْضُ أَوْلَى مِنْ السُّنَّةِ وَهُوَ يَقُولُ: «إنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَلَّمَ قَتَلَةَ ابْنِ أَبِي الْحَقِيقِ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute