للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْكَرَاهِيَةِ فِي تَأْدِيَتِهِ فَأَيُّهُمَا مَطَلَ بِتَأْخِيرِهِ فَمَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ وَتُوُفِّيَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ تِسْعٍ وَكَانَ يَقْسِمُ لِثَمَانٍ وَوَهَبَتْ سَوْدَةُ يَوْمَهَا لِعَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنَّ -.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَبِهَذَا نَقُولُ وَيُجْبَرُ عَلَى الْقَسْمِ فَأَمَّا الْجِمَاعُ فَمَوْضِعُ تَلَذُّذٍ وَلَا يُجْبَرُ أَحَدٌ عَلَيْهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ}.

(قَالَ): بَعْضُ أَهْلِ التَّفْسِيرِ لَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بِمَا فِي الْقُلُوبِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُجَاوِزُهُ {فَلا تَمِيلُوا} لَا تُتْبِعُوا أَهْوَاءَكُمْ أَفْعَالَكُمْ فَإِذَا كَانَ الْفِعْلُ وَالْقَوْلُ مَعَ الْهَوَاءِ فَذَلِكَ كُلُّ الْمَيْلِ وَبَلَغَنَا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقْسِمُ فَيَقُولُ «اللَّهُمَّ هَذَا قَسْمِي فِيمَا أَمْلِكُ وَأَنْتَ أَعْلَمُ فِيمَا لَا أَمْلِكُ» يَعْنِي - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - فِيمَا لَا أَمْلِكُ؛ قَلْبَهُ (قَالَ): وَبَلَغَنَا أَنَّهُ كَانَ يُطَافُ بِهِ مَحْمُولًا فِي مَرَضِهِ عَلَى نِسَائِهِ حَتَّى حَلَّلَتْهُ.

(قَالَ): وَعِمَادُ الْقَسْمِ اللَّيْلُ؛ لِأَنَّهُ سَكَنٌ فَقَالَ {أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا} فَإِنْ كَانَ عِنْدَ الرَّجُلِ حَرَائِرُ مُسْلِمَاتٌ وَذِمِّيَّاتٌ فَهُنَّ فِي الْقَسْمِ سَوَاءٌ.

(قَالَ): وَيَقْسِمُ لِلْحُرَّةِ لَيْلَتَيْنِ وَلِلْأَمَةِ لَيْلَةً إذَا خَلَّى الْمَوْلَى بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا فِي لَيْلَتِهَا وَيَوْمِهَا وَلِلْأَمَةِ أَنْ تُحَلِّلَهُ مِنْ قَسْمِهَا دُونَ الْمَوْلَى وَلَا يُجَامِعُ الْمَرْأَةَ فِي غَيْرِ يَوْمِهَا وَلَا يَدْخُلُ فِي اللَّيْلِ عَلَى الَّتِي لَمْ يُقْسَمْ لَهَا (قَالَ): وَلَا بَأْسَ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهَا بِالنَّهَارِ فِي حَاجَةٍ وَيَعُودَهَا فِي مَرَضِهَا فِي لَيْلَةِ غَيْرِهَا فَإِذَا ثَقُلَتْ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُقِيمَ عِنْدَهَا حَتَّى تَخِفَّ أَوْ تَمُوتَ ثُمَّ يُوفِيَ مَنْ بَقِيَ مِنْ نِسَائِهِ مِثْلَ مَا أَقَامَ عِنْدَهَا، وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَقْسِمَ لَيْلَتَيْنِ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ثَلَاثًا كَانَ ذَلِكَ لَهُ وَأَكْرَهُ مُجَاوَزَةَ الثَّلَاثِ وَيَقْسِمُ لِلْمَرِيضَةِ وَالرَّتْقَاءِ وَالْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ وَلِلَّتِي آلَى أَوْ ظَاهَرَ مِنْهَا وَلَا يَقْرَبُهَا حَتَّى يُكَفِّرَ؛ لِأَنَّ فِي مَبِيتِهِ سُكْنَى وَإِلْفًا، وَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَلْزَمَ مَنْزِلًا يَأْتِينَهُ فِيهِ كَانَ ذَلِكَ لَهُ عَلَيْهِنَّ فَأَيَّتُهُنَّ امْتَنَعَتْ سَقَطَ حَقُّهَا وَكَذَلِكَ الْمُمْتَنِعَةُ بِالْجُنُونِ.

(قَالَ): وَإِنْ سَافَرَتْ بِإِذْنِهِ فَلَا قَسْمَ لَهَا وَلَا نَفَقَةَ إلَّا أَنْ يَكُونَ هُوَ أَشْخَصَهَا فَيَلْزَمَهُ كُلُّ ذَلِكَ لَهَا وَعَلَى وَلِيِّ الْمَجْنُونِ أَنْ يَطُوفَ بِهِ عَلَى نِسَائِهِ أَوْ يَأْتِيَهُ بِهِنَّ، وَإِنْ عَمَدَ أَنْ يَجُوزَ بِهِ أَثِمَ فَإِنْ خَرَجَ مِنْ عِنْدِ وَاحِدَةٍ فِي اللَّيْلِ أَوْ أَخْرَجَهُ سُلْطَانٌ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُوفِيَهَا مَا بَقِيَ مِنْ لَيْلَتِهَا وَلَيْسَ لِلْإِمَاءِ قَسْمٌ وَلَا يُعَطَّلْنَ، وَإِذَا ظَهَرَ الْإِضْرَارُ مِنْهُ بِامْرَأَتِهِ أَسْكَنَاهَا إلَى جَنْبِ مَنْ نَثِقُ بِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُسْكِنَ امْرَأَتَيْنِ فِي بَيْتٍ إلَّا أَنْ تَشَاءَا وَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ شُهُودِ جِنَازَةِ أُمِّهَا وَأَبِيهَا وَوَلَدِهَا وَمَا أُحِبُّ ذَلِكَ لَهُ.

بَابُ الْحَالِ الَّتِي يَخْتَلِفُ فِيهَا حَالُ النِّسَاءِ

مِنْ الْجَامِعِ مِنْ كِتَابِ الطَّلَاقِ وَمِنْ أَحْكَامِ الْقُرْآنِ وَمِنْ نُشُوزِ الرَّجُلِ عَلَى الْمَرْأَةِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): فِي «قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأُمِّ سَلَمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - إنْ شِئْت سَبَّعْتُ عِنْدَكِ وَسَبَّعْتُ عِنْدَهُنَّ، وَإِنْ شِئْتِ ثَلَّثْت عِنْدَك وَدُرْت» دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ إذَا تَزَوَّجَ الْبِكْرَ أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يُقِيمَ عِنْدَهَا سَبْعًا وَالثَّيِّبَ ثَلَاثًا وَلَا يَحْتَسِبُ عَلَيْهِ بِهَا نِسَاؤُهُ اللَّاتِي عِنْدَهُ قَبْلَهَا وَقَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ لِلْبِكْرِ سَبْعٌ وَلِلثَّيِّبِ ثَلَاثٌ، قَالَ: وَلَا أُحِبُّ أَنْ يَتَخَلَّفَ عَنْ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ وَلَا شُهُودِ جِنَازَةٍ وَلَا بِرٍّ كَانَ يَفْعَلُهُ وَلَا إجَابَةِ دَعْوَةٍ.

<<  <   >  >>