للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلَى عُسْفَانَ فَعَلَيْهِ كِرَاؤُهَا إلَى مَرٍّ وَكِرَاءُ مِثْلِهَا إلَى عُسْفَانَ وَعَلَيْهِ الضَّمَانُ وَلَهُ أَنْ يُؤَاجِرَ دَارِهِ وَعَبْدَهُ ثَلَاثِينَ سَنَةً وَأَيُّ الْمُتَكَارِيَيْنِ هَلَكَ فَوَرَثَتُهُ تَقُومُ مَقَامَهُ.

بَابُ كِرَاءِ الْإِبِلِ وَغَيْرِهَا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَكِرَاءُ الْإِبِلِ جَائِزٌ لِلْمَحَامِلِ وَالزَّوَامِلِ وَالرِّجَالِ وَكَذَلِكَ الدَّوَابُّ لِلسُّرُوجِ وَالْأَكُفِّ وَالْحَمُولَةِ، وَلَا يَجُوزُ مِنْ ذَلِكَ مَغِيبٌ حَتَّى يَرَى الرَّاكِبِينَ وَظَرْفَ الْمَحْمِلِ وَالْوِطَاءِ وَالظِّلِّ إنْ شَرَطَهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ فَيَتَبَايَنُ وَالْحَمُولَةُ بِوَزْنٍ مَعْلُومٍ أَوْ كَيْلٍ مَعْلُومٍ فِي ظُرُوفٍ تُرَى أَوْ تَكُونُ إذَا شُرِطَتْ عُرِفَتْ مِثْلَ غَرَائِرَ جَبَلِيَّةٍ، وَمَا أَشْبَهَ هَذَا، وَإِنْ ذَكَرَ مَحْمِلًا أَوْ مَرْكَبًا أَوْ زَامِلَةً بِغَيْرِ رُؤْيَةٍ، وَلَا صِفَةٍ فَهُوَ مَفْسُوخٌ لِلْجَهْلِ بِذَلِكَ، وَإِنْ أَكْرَاهُ مَحْمِلًا وَأَرَاهُ إيَّاهُ وَقَالَ مَعَهُ مَعَالِيقُ أَوْ قَالَ مَا يُصْلِحُهُ فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ فَاسِدٌ، وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ لَهُ بِقَدْرِ مَا يَرَاهُ النَّاسُ وَسَطًا، وَإِنْ أَكْرَاهُ إلَى مَكَّةَ فَشَرَطَ سَيْرًا مَعْلُومًا فَهُوَ أَصَحُّ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ فَاَلَّذِي أَحْفَظُهُ أَنَّ السَّيْرَ مَعْلُومٌ عَلَى الْمَرَاحِلِ؛ لِأَنَّهَا الْأَغْلَبُ مِنْ سَيْرِ النَّاسِ كَمَا أَنَّ لَهُ مِنْ الْكِرَاءِ الْأَغْلَبَ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ وَأَيُّهُمَا أَرَادَ الْمُجَاوَزَةَ أَوْ التَّقْصِيرَ لَمْ يَكُنْ لَهُ فَإِنْ تَكَارَى إبِلًا بِأَعْيَانِهَا رَكِبَهَا، وَإِنْ ذَكَرَ حَمُولَةً مَضْمُونَةً، وَلَمْ تَكُنْ بِأَعْيَانِهَا رَكِبَ مَا يَحْمِلُهُ غَيْرَ مَضْرِبِهِ وَعَلَيْهِ أَنْ يُرْكِبَ الْمَرْأَةَ، وَيُنْزِلَهَا عَنْ الْبَعِيرِ بَارِكًا؛ لِأَنَّهُ رُكُوبُ النِّسَاءِ، وَيُنْزِلَ الرَّجُلَ لِلصَّلَاةِ، وَيَنْتَظِرَهُ حَتَّى يُصَلِّيَهَا غَيْرَ مُعَجِّلٍ لَهُ وَلِمَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ مِنْ الْوُضُوءِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَكَارَى بَعِيرًا بِعَيْنِهِ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ إلَّا عِنْدَ خُرُوجِهِ، وَإِنْ مَاتَ الْبَعِيرُ رَدَّ الْجَمَّالُ مِنْ الْكِرَاءِ مِمَّا أَخَذَ بِحِسَابِ مَا بَقِيَ، وَإِنْ كَانَتْ الْحَمُولَةُ مَضْمُونَةً كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِإِبِلٍ غَيْرِهَا، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الرِّحْلَةِ رَحَلَ لَا مَكْبُوبًا، وَلَا مُسْتَلْقِيًا وَالْقِيَاسُ أَنْ يُبَدِّلَ مَا يَبْقَى مِنْ الزَّادِ وَلَوْ قِيلَ إنَّ الْمَعْرُوفَ مِنْ الزَّادِ يَنْقُصُ فَلَا يُبَدَّلُ كَانَ مَذْهَبًا.

(قَالَ الْمُزَنِيّ): الْأَوَّلُ أَقْيَسُهُمَا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَإِنْ هَرَبَ الْجَمَّالُ فَعَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَكْتَرِيَ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ.

تَضْمِينُ الْأُجَرَاءِ مِنْ الْإِجَارَةِ مِنْ كِتَابِ اخْتِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْأُجَرَاءُ كُلُّهُمْ سَوَاءٌ، وَمَا تَلِفَ فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ غَيْرِ جِنَايَتِهِمْ فَفِيهِ وَاحِدٌ مِنْ قَوْلَيْنِ. أَحَدُهُمَا: الضَّمَانُ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ الْأَجْرَ. وَالْقَوْلُ الْآخَرُ لَا ضَمَانَ إلَّا بِالْعُدْوَانِ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ): هَذَا أَوْلَاهُمَا بِهِ؛ لِأَنَّهُ قَطَعَ بِأَنْ لَا ضَمَانَ عَلَى الْحَجَّامِ يَأْمُرُهُ الرَّجُلُ أَنْ يَحْجُمَهُ أَوْ يَخْتِنَ غُلَامَهُ أَوْ يُبَيْطِرَ دَابَّتَهُ، وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ: إذَا أَلْقَوْا عَنْ هَؤُلَاءِ الضَّمَانَ لَزِمَهُمْ إلْقَاؤُهُ عَنْ الصُّنَّاعِ، وَقَالَ: مَا عَلِمْتُ أَنَّى سَأَلْتُ وَاحِدًا مِنْهُمْ فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا. وَرَوَى عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ قَالَ لَا ضَمَانَ عَلَى صَانِعٍ، وَلَا أَجِيرٍ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَا أَعْرِفُ أَحَدًا مِنْ الْعُلَمَاءِ ضَمَّنَ الرَّاعِيَ الْمُنْفَرِدَ بِالْأُجْرَةِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُ عِنْدِي فِي الْقِيَاسِ وَبَيْنَ الْمُشْتَرَكِ، وَلَا أُضَمِّنُ الْأَجِيرَ فِي الْحَانُوتِ يَحْفَظُ مَا فِيهِ مِنْ الْبَزِّ، وَيَبِيعُهُ وَالصَّانِعُ بِالْأُجْرَةِ عِنْدِي فِي الْقِيَاسِ مِثْلُهُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَإِذَا اسْتَأْجَرَ مَنْ يَخْبِزُ لَهُ خُبْزًا مَعْلُومًا فِي تَنُّورٍ أَوْ فُرْنٍ فَاحْتَرَقَ فَإِنْ كَانَ خَبَزَهُ فِي حَالٍ لَا يُخْبَزُ فِي مِثْلِهَا؛ لِاسْتِعَارِ التَّنُّورِ؛ أَوْ شِدَّةِ حَمْوِهِ أَوْ تَرَكَهُ تَرْكًا لَا يَجُوزُ فِي مِثْلِهِ فَهُوَ ضَامِنٌ، وَإِنْ كَانَ مَا

<<  <   >  >>