للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْقَسْمُ لِلنِّسَاءِ إذَا حَضَرَ سَفَرٌ

مِنْ الْجَامِعِ مِنْ كِتَابِ الطَّلَاقِ وَمِنْ أَحْكَامِ الْقُرْآنِ وَمِنْ نُشُوزِ الرَّجُلِ عَلَى الْمَرْأَةِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَخْبَرَنَا عَمِّي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ شَافِعٍ أَحْسَبُهُ عَنْ الزُّهْرِيِّ " شَكَّ الْمُزَنِيّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّهَا قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا».

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَكَذَلِكَ إذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ بِاثْنَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ أَقْرَعَ، وَإِنْ خَرَجَ بِوَاحِدَةٍ بِغَيْرِ قُرْعَةٍ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقْسِمَ لِمَنْ بَقِيَ بِقَدْرِ مَغِيبِهِ مَعَ الَّتِي خَرَجَ بِهَا، وَلَوْ أَرَادَ السَّفَرَ لِنَقْلَةٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَنْتَقِلَ بِوَاحِدَةٍ إلَّا أَوْفَى الْبَوَاقِيَ مِثْلَ مُقَامِهِ مَعَهَا، وَلَوْ خَرَجَ بِهَا مُسَافِرًا بِقُرْعَةٍ ثُمَّ أَزْمَعَ الْمُقَامَ لِنَقْلَةٍ احْتَسَبَ عَلَيْهَا مُقَامَهُ بَعْدَ الْإِزْمَاعِ.

بَابُ نُشُوزِ الْمَرْأَةِ عَلَى الرَّجُلِ

مِنْ الْجَامِعِ مِنْ كِتَابِ نُشُوزِ الرَّجُلِ عَلَى الْمَرْأَةِ وَمِنْ كِتَابِ الطَّلَاقِ وَمِنْ أَحْكَامِ الْقُرْآنِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ} الْآيَةَ.

(قَالَ): وَفِي ذَلِكَ دَلَالَةٌ عَلَى اخْتِلَافِ حَالِ الْمَرْأَةِ فِيمَا تُعَاتَبُ فِيهِ وَتُعَاقَبُ عَلَيْهِ فَإِذَا رَأَى مِنْهَا دَلَالَةً عَلَى الْخَوْفِ مِنْ فِعْلٍ أَوْ قَوْلٍ وَعَظَهَا فَإِنْ أَبْدَتْ نُشُوزًا هَجَرَهَا فَإِنْ أَقَامَتْ عَلَيْهِ ضَرَبَهَا وَقَدْ يُحْتَمَلُ {تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ} إذَا نَشَزْنَ فَخِفْتُمْ لَجَاجَتِهِنَّ فِي النُّشُوزِ أَنْ يَكُونَ لَكُمْ جَمْعُ الْعِظَةِ وَالْهَجْرِ وَالضَّرْبِ، وَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لَا تَضْرِبُوا إمَاءَ اللَّهِ قَالَ فَأَتَاهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَئِرَ النِّسَاءُ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ فَأْذَنْ فِي ضَرْبِهِنَّ فَأَطَافَ بِآلِ مُحَمَّدٍ نِسَاءٌ كَثِيرٌ كُلُّهُنَّ يَشْتَكِينَ أَزْوَاجَهُنَّ، فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَقَدْ أَطَافَ بِآلِ مُحَمَّدٍ سَبْعُونَ امْرَأَةً كُلُّهُنَّ يَشْتَكِينَ أَزْوَاجَهُنَّ فَلَا تَجِدُونَ أُولَئِكَ خِيَارَكُمْ» وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَبْلَ نُزُولِ الْآيَةِ بِضَرْبِهِنَّ ثُمَّ أَذِنَ فَجَعَلَ لَهُمْ الضَّرْبَ فَأَخْبَرَ أَنَّ الِاخْتِيَارَ تَرْكُ الضَّرْبِ.

بَابُ الْحُكْمِ فِي الشِّقَاقِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ

مِنْ الْجَامِعِ مِنْ كِتَابِ الطَّلَاقِ وَمِنْ أَحْكَامِ الْقُرْآنِ وَمِنْ نُشُوزِ الرَّجُلِ عَلَى الْمَرْأَةِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَلَمَّا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى فِيمَا خِفْنَا الشِّقَاقَ بَيْنَهُمَا بِالْحَكَمَيْنِ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ حُكْمَهُمَا غَيْرُ حُكْمِ الْأَزْوَاجِ فَإِذَا اشْتَبَهَ حَالَاهُمَا فَلَمْ يَفْعَلْ الرَّجُلُ الصُّلْحَ وَلَا الْفُرْقَةَ وَلَا الْمَرْأَةُ تَأْدِيَةَ الْحَقِّ وَلَا الْفِدْيَةَ وَصَارَا مِنْ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ إلَى مَا لَا يَحِلُّ لَهُمَا وَلَا يَحْسُنُ وَتَمَادَيَا بَعَثَ الْإِمَامُ حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا مَأْمُونَيْنِ بِرِضَا الزَّوْجَيْنِ وَتَوْكِيلِهِمَا إيَّاهُمَا بِأَنْ يَجْمَعَا أَوْ يُفَرِّقَا إذَا رَأَيَا ذَلِكَ، وَاحْتُجَّ بِقَوْلِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا، ثُمَّ قَالَ لِلْحَكَمَيْنِ: هَلْ تَدْرِيَانِ مَا عَلَيْكُمَا؟ عَلَيْكُمَا أَنْ تَجْمَعَا إنْ رَأَيْتُمَا أَنْ تَجْمَعَا وَأَنْ تُفَرِّقَا إنْ رَأَيْتُمَا أَنْ تُفَرِّقَا فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: رَضِيت بِكِتَابِ اللَّهِ بِمَا عَلَيَّ فِيهِ وَلِي فَقَالَ الرَّجُلُ: أَمَّا الْفُرْقَةُ فَلَا فَقَالَ عَلِيٌّ: كَذَبْت وَاَللَّهِ حَتَّى تُقِرَّ بِمِثْلِ الَّذِي أَقَرَّتْ بِهِ فَدَلَّ أَنَّ ذَلِكَ

<<  <   >  >>