للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَعِرَابِهَا صِنْفٌ وَاحِدٌ. فَأَمَّا إذَا اخْتَلَفَ الصِّنْفَانِ فَلَا بَأْسَ مُتَفَاضِلًا يَدٌ بِيَدٍ وَلَا خَيْرَ فِي زُبْدِ غَنَمٍ بِلَبَنِ غَنَمٍ؛ لِأَنَّ الزُّبْدَ شَيْءٌ مِنْ اللَّبَنِ وَلَا خَيْرَ فِي سَمْنِ غَنَمٍ بِزُبْدِ غَنَمٍ، وَإِذَا أُخْرِجَ مِنْهُ الزُّبْدُ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُبَاعَ بِزُبْدٍ وَسَمْنٍ وَلَا خَيْرَ فِي شَاةٍ فِيهَا لَبَنٌ يُقْدَرُ عَلَى حَلْبِهِ بِلَبَنٍ مِنْ قِبَلِ أَنَّ فِي الشَّاةِ لَبَنًا لَا أَدْرِي كَمْ حِصَّتُهُ مِنْ اللَّبَنِ الَّذِي اشْتَرَيْت بِهِ نَقْدًا، وَإِنْ كَانَتْ نَسِيئَةً فَهُوَ أَفْسَدُ لِلْبَيْعِ، وَقَدْ «جَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلَّبَنِ التَّصْرِيَةَ بَدَلًا»، وَإِنَّمَا اللَّبَنُ فِي الضَّرْعِ كَالْجَوْزِ وَاللَّوْزِ الْمَبِيعِ فِي قِشْرِهِ يَسْتَخْرِجُهُ صَاحِبُهُ أَنَّى شَاءَ، وَلَيْسَ كَالْوَلَدِ لَا يُقْدَرُ عَلَى اسْتِخْرَاجِهِ وَكُلُّ مَا لَمْ يَجُزْ التَّفَاضُلُ فِيهِ فَالْقَسْمُ فِيهِ كَالْبَيْعِ، وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ تَمْرٍ بِرُطَبٍ بِحَالٍ؛ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إذَا يَبِسَ؟» فَنَهَى عَنْهُ فَنَظَرَ إلَى الْمُتَعَقِّبِ. فَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ بَيْعُ رُطَبٍ بِرُطَبٍ؛ لِأَنَّهُمَا فِي الْمُتَعَقِّبِ مَجْهُولَا الْمِثْلِ تَمْرًا، وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ قَمْحٌ مَبْلُولٌ بِقَمْحٍ جَافٍ.

(قَالَ): وَإِذَا كَانَ الْمُتَبَايِعَانِ الذَّهَبَ بِالْوَرِقِ بِأَعْيَانِهِمَا إذَا تَفَرَّقَا قَبْلَ الْقَبْضِ كَانَا فِي مَعْنَى مَنْ لَمْ يُبَايِعْ دَلَّ عَلَى أَنَّ كُلَّ سِلْعَةٍ بَاعَهَا فَهَلَكَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ فَمِنْ مَالِ بَائِعِهَا؛ لِأَنَّهُ كَانَ عَلَيْهِ تَسْلِيمُهَا فَلَمَّا هَلَكَتْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَخْذُ ثَمَنِهَا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا اشْتَرَى بِالدَّنَانِيرِ دَرَاهِمَ بِأَعْيَانِهَا فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُعْطِيَ غَيْرَ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْبَيْعُ فَإِنْ وَجَدَ بِالدَّنَانِيرِ أَوْ الدَّرَاهِمِ عَيْبًا فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ حَبَسَ الدَّنَانِيرَ بِالدَّرَاهِمِ سَوَاءٌ قَبْلَ التَّفَرُّقِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ حَبَسَ الدَّرَاهِمَ بِالدَّنَانِيرِ أَوْ نَقَضَ الْبَيْعَ، وَإِذَا تَبَايَعَا ذَلِكَ بِغَيْرِ عَيْنِ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ وَتَقَابَضَا ثُمَّ وَجَدَ بِالدَّنَانِيرِ أَوْ بَعْضِ الدَّرَاهِمِ عَيْبًا قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا أَبْدَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ الْمَعِيبَ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ التَّفَرُّقِ فَفِيهِ أَقَاوِيلُ. أَحَدُهَا: أَنَّهُ كَالْجَوَابِ فِي الْعَيْنِ. وَالثَّانِي: أَنْ يُبَدَّلَ الْمَعِيبُ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ صِفَةٍ أَجَازَهَا الْمُسْلِمُونَ إذَا قُبِضَتْ قَبْلَ التَّفَرُّقِ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ حُجَّتِهِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى سَلَمًا بِصِفَةٍ ثُمَّ قَبَضَهُ فَأَصَابَ بِهِ عَيْبًا أَخَذَ صَاحِبُهُ بِمِثْلِهِ.

(قَالَ): وَتَنَوُّعُ الصِّفَاتِ غَيْرُ تَنَوُّعِ الْأَعْيَانِ وَمَنْ أَجَازَ بَعْضَ الصَّفْقَةِ رَدَّ الْمَعِيبَ مِنْ الدَّرَاهِمِ بِحِصَّتِهَا مِنْ الدِّينَارِ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ): إذَا كَانَ بَيْعُ الْعَيْنِ وَالصِّفَاتِ مِنْ الدَّنَانِيرِ بِالدَّرَاهِمِ فِيمَا يَجُوزُ بِالْقَبْضِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ سَوَاءٌ وَفِيمَا يَفْسُدُ بِهِ الْبَيْعُ مِنْ الِافْتِرَاقِ قَبْلَ الْقَبْضِ سَوَاءٌ لَزِمَ أَنْ يَكُونَا فِي حُكْمِ الْمَعِيبِ بَعْدَ الْقَبْضِ سَوَاءً، وَقَدْ قَالَ يَرُدُّ الدَّرَاهِمَ بِقَدْرِ حِصَّتِهَا مِنْ الدِّينَارِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ رَاطَلَ مِائَةَ دِينَارٍ عُتُقٍ مَرْوَانِيَّةٍ وَمِائَةَ دِينَارٍ مِنْ ضَرْبٍ مَكْرُوهٍ بِمِائَتَيْ دِينَارٍ مِنْ ضَرْبٍ وَسَطٍ خَيْرٌ مِنْ الْمَكْرُوهِ وَدُونَ الْمَرْوَانِيَّةِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنِّي لَمْ أَرَ بَيْنَ أَحَدٍ مِمَّنْ لَقِيت مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ اخْتِلَافًا فِي أَنَّ مَا جَمَعَتْهُ الصَّفْقَةُ مِنْ عَبْدٍ وَدَارٍ أَنَّ الثَّمَنَ مَقْسُومٌ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِقَدْرِ قِيمَتِهِ مِنْ الثَّمَنِ فَكَانَ قِيمَةُ الْجَيِّدِ مِنْ الذَّهَبِ أَكْثَرَ مِنْ الرَّدِيءِ وَالْوَسَطُ أَقَلَّ مِنْ الْجَيِّدِ وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِيَ الدَّرَاهِمَ مِنْ الصَّرَّافِ وَيَبِيعَهَا مِنْهُ إذَا قَبَضَهَا بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ أَكْثَرَ وَعَادَةٌ وَغَيْرُ عَادَةٍ سَوَاءٌ.

بَابُ بَيْعِ اللَّحْمِ بِاللَّحْمِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): اللَّحْمُ كُلُّهُ صِنْفٌ وَحْشِيُّهُ، وَإِنْسِيُّهُ وَطَائِرُهُ لَا يَحِلُّ فِيهِ الْبَيْعُ حَتَّى يَكُونَ يَابِسًا وَزْنًا بِوَزْنٍ، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فِيهَا قَوْلَانِ. فَخَرَّجَهُمَا ثُمَّ قَالَ فِي آخِرِهِ: وَمَنْ قَالَ اللَّحْمَانِ صِنْفٌ وَاحِدٌ لَزِمَهُ إذَا حَدَّهُ بِجِمَاعِ اللَّحْمِ أَنْ يَقُولَهُ فِي جِمَاعِ الثَّمَرِ فَيَجْعَلُ الزَّبِيبَ وَالتَّمْرَ وَغَيْرَهُمَا مِنْ الثِّمَارِ صِنْفًا وَاحِدًا وَهَذَا مِمَّا لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَهُ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ): فَإِذَا كَانَ تَصْيِيرُ اللَّحْمَانِ صِنْفًا وَاحِدًا قِيَاسًا لَا يَجُوزُ بِحَالٍ وَأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ عَلَى الْأَسْمَاءِ الْجَامِعَةِ وَأَنَّهَا عَلَى الْأَصْنَافِ وَالْأَسْمَاءِ الْخَاصَّةِ فَقَدْ قَطَعَ بِأَنَّ اللَّحْمَانِ أَصْنَافٌ.

(قَالَ

<<  <   >  >>