فِي مَوْضِعِ السِّرِّ، وَقَالَ فِي غَيْرِهِ الْعَلَانِيَةُ وَهَذَا أَوْلَى عِنْدِي؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُنْظَرُ إلَى الْعُقُودِ وَمَا قَبْلَهَا وَعْدٌ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِنْ عَقَدَ عَلَيْهِ النِّكَاحَ بِعِشْرِينَ يَوْمَ الْخَمِيسِ ثُمَّ عَقَدَ عَلَيْهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِثَلَاثِينَ وَطَلَبَتْهُمَا مَعًا فَهُمَا لَهَا؛ لِأَنَّهُمَا نِكَاحَانِ.
(قَالَ الْمُزَنِيّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِلزَّوْجِ أَنْ يَقُولَ: كَانَ الْفِرَاقُ فِي النِّكَاحِ الثَّانِي قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا مَهْرٌ وَنِصْفٌ فِي قِيَاسِ قَوْلِهِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ أَصْدَقَ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ أَلْفًا قُسِمَتْ عَلَى قَدْرِ مُهُورِهِنَّ كَمَا لَوْ اشْتَرَى أَرْبَعَةَ أَعْبُدٍ فِي صَفْقَةٍ فَيَكُونُ الثَّمَنُ مَقْسُومًا عَلَى قَدْرِ قِيمَتِهِمْ.
(قَالَ الْمُزَنِيّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - نَظِيرُهُنَّ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ عَبْدًا بِثَمَنٍ وَاحِدٍ فَتَجْهَلَ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ ثَمَنَ عَبْدِهَا كَمَا جَهِلَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ مَهْرَ نَفْسِهَا وَفَسَادُ الْمَهْرِ بِقَوْلِهِ أَوْلَى.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَوْ أَصْدَقَ عَنْ ابْنِهِ وَدَفَعَ الصَّدَاقَ مِنْ مَالِهِ ثُمَّ طَلَّقَ فَلِلِابْنِ النِّصْفُ كَمَا لَوْ وَهَبَهُ لَهُ فَقَبَضَهُ، وَلَوْ تَزَوَّجَ الْمُولَى عَلَيْهِ بِغَيْرِ أَمْرِ وَلِيِّهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُجِيزَ النِّكَاحَ، وَإِنْ أَصَابَهَا فَلَا صَدَاقَ لَهَا وَلَا شَيْءَ تَسْتَحِلُّ بِهِ إذَا كُنْت لَا أَجْعَلُ عَلَيْهِ فِي سِلْعَةٍ يَشْتَرِيهَا فَيُتْلِفُهَا شَيْئًا لَمْ أَجْعَلْ عَلَيْهِ بِالْإِصَابَةِ شَيْئًا.
بَابُ التَّفْوِيضِ
مِنْ الْجَامِعِ مِنْ كِتَابِ الصَّدَاقِ وَمِنْ النِّكَاحِ الْقَدِيمِ، وَمِنْ الْإِمْلَاءِ عَلَى مَسَائِلِ مَالِكٍ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): التَّفْوِيضُ الَّذِي مَنْ تَزَوَّجَ بِهِ عُرِفَ أَنَّهُ تَفْوِيضٌ أَنْ يَتَزَوَّجَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ الثَّيِّبَ الْمَالِكَةَ لِأَمْرِهَا بِرِضَاهَا وَيَقُولُ لَهَا: أَتَزَوَّجُك بِغَيْرِ مَهْرٍ فَالنِّكَاحُ فِي هَذَا ثَابِتٌ فَإِنْ أَصَابَهَا فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا، وَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا حَتَّى طَلَّقَهَا فَلَهَا الْمُتْعَةُ، وَقَالَ فِي الْقَدِيمِ بَدَلًا مِنْ الْعُقْدَةِ وَلَا وَقْتَ فِيهَا وَاسْتُحْسِنَ بِقَدْرِ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا أَوْ مَا رَأَى الْوَالِي بِقَدْرِ الزَّوْجَيْنِ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُسَمِّيَ مَهْرًا أَوْ مَاتَتْ فَسَوَاءٌ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَبِي هُوَ وَأُمِّي «أَنَّهُ قَضَى فِي بِرْوَعَ بِنْتِ وَاشِقٍ وَنُكِحَتْ بِغَيْرِ مَهْرٍ فَمَاتَ زَوْجُهَا فَقَضَى لَهَا بِمَهْرِ نِسَائِهَا وَبِالْمِيرَاثِ» فَإِنْ كَانَ يَثْبُتُ فَلَا حُجَّةَ فِي قَوْلِ أَحَدٍ دُونَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُقَالُ مَرَّةً عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ وَمَرَّةً عَنْ مَعْقِلِ بْنِ سِنَانٍ وَمَرَّةً عَنْ بَعْضِ بَنِي أَشْجَعَ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ فَلَا مَهْرَ وَلَهَا الْمِيرَاثُ وَهُوَ قَوْلُ عَلِيٍّ وَزَيْدٍ وَابْنِ عُمَرَ.
(قَالَ): وَمَتَى طَلَبَتْ الْمَهْرَ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا أَنْ يَفْرِضَهُ السُّلْطَانُ لَهَا أَوْ يَفْرِضَهُ هُوَ لَهَا بَعْدَ عِلْمِهَا بِصَدَاقِ مِثْلِهَا فَإِنْ فَرَضَهُ فَلَمْ تَرْضَهُ حَتَّى فَارَقَهَا لَمْ يَكُنْ إلَّا مَا اجْتَمَعَا عَلَيْهِ فَيَكُونُ كَمَا لَوْ كَانَ فِي الْعُقْدَةِ وَقَدْ يَدْخُلُ فِي التَّفْرِيضِ وَلَيْسَ بِالتَّفْوِيضِ الْمَعْرُوفِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا قَبْلَهُ وَهُوَ أَنْ تَقُولَ لَهُ: أَتَزَوَّجُك عَلَى أَنْ تَفْرِضَ لِي مَا شِئْت أَنْتَ أَوْ شِئْت أَنَا فَهَذَا كَالصَّدَاقِ الْفَاسِدِ فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا.
(قَالَ الْمُزَنِيّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - هَذَا بِالتَّفْوِيضِ أَشْبَهُ.
تَفْسِيرُ مَهْرِ مِثْلِهَا
مِنْ الْجَامِعِ مِنْ كِتَابِ الصَّدَاقِ وَكِتَابِ الْإِمْلَاءِ عَلَى مَسَائِلِ مَالِكٍ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَمَتَى قُلْت: لَهَا مَهْرُ نِسَائِهَا فَإِنَّمَا أَعْنِي نِسَاءَ عَصَبَتِهَا وَلَيْسَ أُمُّهَا مِنْ نِسَائِهَا وَأَعْنِي نِسَاءَ بَلَدِهَا وَمَهْرَ مَنْ هُوَ فِي مِثْلِ سِنِّهَا وَعَقْلِهَا وَحُمْقِهَا وَجَمَالِهَا وَقُبْحِهَا وَيُسْرِهَا وَعُسْرِهَا وَأَدَبِهَا وَصَرَاحَتِهَا وَبِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا؛ لِأَنَّ الْمُهُورَ بِذَلِكَ تَخْتَلِفُ وَأَجْعَلُهُ نَقْدًا كُلَّهُ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِالْقِيمَةِ لَا يَكُونُ