للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَزُوِّجَتْ غَيْرَهُ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَدْ قُطِعَ أَنَّهُ لَوْ وُجِدَ دُونَ مَا انْتَسَبَ إلَيْهِ وَهُوَ كُفُؤٌ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَا لِوَلِيِّهَا الْخِيَارُ وَفِي ذَلِكَ إبْطَالُ أَنْ يَكُونَ فِي مَعْنَى مَنْ أَذِنَتْ لَهُ فِي رَجُلٍ بِعَيْنِهِ فَزُوِّجَتْ غَيْرَهُ فَقَدْ بَطَلَ الْفَسْخُ فِي قِيَاسِ قَوْلِهِ وَثَبَتَ لَهَا الْخِيَارُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ كَانَتْ هِيَ الَّتِي غَرَّتْهُ بِنَسَبٍ فَوَجَدَهَا دُونَهُ فَفِيهَا قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: إنْ شَاءَ فَسَخَ بِلَا مَهْرٍ وَلَا مُتْعَةٍ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْإِصَابَةِ فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا وَلَا نَفَقَةَ لَهَا فِي الْعِدَّةِ، وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا.

وَالثَّانِي: لَا خِيَارَ لَهُ إنْ كَانَتْ حُرَّةً؛ لِأَنَّ بِيَدِهِ طَلَاقَهَا وَلَا يَلْزَمُهُ مِنْ الْعَارِ مَا يَلْزَمُهَا.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَدْ جَعَلَ لَهُ الْخِيَارَ إذَا غَرَّتْهُ فَوَجَدَهَا أَمَةً كَمَا جَعَلَ لَهَا الْخِيَارَ إذَا غَرَّهَا فَوَجَدَتْهُ عَبْدًا فَجَعَلَ مَعْنَاهُمَا فِي الْخِيَارِ بِالْغَرُورِ وَاحِدًا وَلَمْ يَلْتَفِتْ إلَى أَنَّ الطَّلَاقَ إلَيْهِ وَلَا إلَى أَنْ لَا عَارَ فِيهَا عَلَيْهِ وَكَمَا جَعَلَ لَهَا الْخِيَارَ بِالْغَرُورِ فِي نَقْصِ النَّسَبِ عَنْهَا وَجَعَلَهُ لَهَا فِي الْعَبْدِ فَقِيَاسُهُ أَنْ يَجْعَلَ لَهُ الْخِيَارَ بِالْغَرُورِ فِي نَقْصِ النَّسَبِ عَنْهُ كَمَا جَعَلَهُ لَهُ فِي الْأَمَةِ.

الْمَرْأَةُ لَا تَلِي عُقْدَةَ النِّكَاحِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): قَالَ بَعْضُ النَّاسِ زَوَّجَتْ عَائِشَةُ ابْنَةَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ وَهُوَ غَائِبٌ بِالشَّامِ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: أَمِثْلِي يُفْتَاتُ عَلَيْهِ فِي بَنَاتِهِ؟.

(قَالَ): فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا زَوَّجَتْهَا بِغَيْرِ أَمْرِهِ قِيلَ: فَكَيْفَ يَكُونُ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ وَكَّلَ عَائِشَةَ لِفَضْلِ نَظَرِهَا إنْ حَدَثَ حَدَثٌ أَوْ رَأَتْ فِي مَغِيبِهِ لِابْنَتِهِ حَظًّا أَنْ تُزَوِّجَهَا احْتِيَاطًا وَلَمْ يَرَ أَنَّهَا تَأْمُرُ بِتَزْوِيجِهَا إلَّا بَعْدَ مُؤَامَرَتِهِ وَلَكِنْ تُوَاطِئُ وَتَكْتُبُ إلَيْهِ فَلَمَّا فَعَلَتْ قَالَ هَذَا، وَإِنْ كُنْت قَدْ فَوَّضْت إلَيْك فَقَدْ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا تَفْتَاتِي عَلَيَّ وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ زَوِّجِي أَيْ وَكِّلِي مَنْ يُزَوِّجُ فَوَكَّلَتْ قَالَ: فَلَيْسَ لَهَا هَذَا فِي الْخَيْرِ قِيلَ: لَا وَلَكِنْ لَا يُشْبِهُ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّهَا رَوَتْ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَعَلَ النِّكَاحَ بِغَيْرِ وَلِيٍّ بَاطِلًا» أَوَكَانَ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تُزَوِّجَ بِكْرًا وَأَبُوهَا غَائِبٌ دُونَ إخْوَتِهَا أَوْ السُّلْطَانِ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -) مَعْنَى تَأْوِيلِهِ فِيمَا رَوَتْ عَائِشَةُ عِنْدِي غَلَطٌ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ عِنْدَهُ إنْكَاحُ الْمَرْأَةِ وَوَكِيلُهَا مِثْلُهَا فَكَيْفَ يُعْقَلُ بِأَنْ تُوَكَّلَ وَهِيَ عِنْدَهُ لَا يَجُوزُ إنْكَاحُهَا، وَلَوْ قَالَ: إنَّهُ أَمَرَ مَنْ يُنَفِّذُ رَأْيَ عَائِشَةَ فَأَمَرَتْهُ فَأَنْكَحَ خَرَجَ كَلَامُهُ صَحِيحًا؛ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ لِلْأَبِ حِينَئِذٍ وَالطَّاعَةُ لِعَائِشَةَ فَيَصِحُّ وَجْهُ الْخَبَرِ عَلَى تَأْوِيلِهِ الَّذِي يَجُوزُ عِنْدِي لَا أَنَّ الْوَكِيلَ وَكِيلٌ لِعَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - وَلَكِنَّهُ وَكِيلٌ لَهُ فَهَذَا تَأْوِيلُهُ.

الْكَلَامُ الَّذِي يَنْعَقِدُ بِهِ النِّكَاحُ وَالْخِطْبَةُ قَبْلَ الْعَقْدِ

مِنْ الْجَامِعِ مِنْ كِتَابِ التَّعْرِيضِ بِالْخِطْبَةِ، وَمِنْ كِتَابِ مَا يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَهُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَسْمَى اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى النِّكَاحَ فِي كِتَابِهِ بِاسْمَيْنِ النِّكَاحِ وَالتَّزْوِيجِ وَدَلَّتْ السُّنَّةُ عَلَى أَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ بِمَا يُشْبِهُ الطَّلَاقَ وَلَمْ نَجِدْ فِي كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ إحْلَالَ نِكَاحٍ إلَّا بِنِكَاحٍ أَوْ تَزْوِيجٍ، وَالْهِبَةُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُجْمَعٌ أَنْ يَنْعَقِدَ لَهُ بِهَا النِّكَاحُ بِأَنْ تَهَبَ نَفْسَهَا لَهُ بِلَا مَهْرٍ وَفِي هَذَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ النِّكَاحُ إلَّا بِاسْمِ التَّزْوِيجِ أَوْ النِّكَاحِ وَالْفَرْجُ مُحَرَّمٌ قَبْلَ الْعَقْدِ فَلَا يَحِلُّ أَبَدًا إلَّا بِأَنْ يَقُولَ الْوَلِيُّ: قَدْ زَوَّجْتُكهَا أَوْ أَنْكَحْتُكهَا وَيَقُولَ الْخَاطِبُ: قَدْ قَبِلْت تَزْوِيجَهَا أَوْ نِكَاحَهَا أَوْ يَقُولَ الْخَاطِبُ

<<  <   >  >>