للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حِصَّةً فِي الْقِيمَةِ فَيَكُونُ الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ مَجْهُولًا وَبِهَذَا الْمَعْنَى قَالَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُسَلِّفَ مِائَةَ دِينَارٍ فِي مِائَةِ صَاعِ تَمْرٍ وَمِائَةِ صَاعِ حِنْطَةٍ؛ لِأَنَّ ثَمَنَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَجْهُولٌ. وَقَالَ فِي الْإِمْلَاءِ عَلَى مَسَائِلِ مَالِكٍ الْمَجْمُوعَةِ: إنَّ الصَّفْقَةَ إذَا جَمَعَتْ شَيْئَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَبِيعٌ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ. وَقَالَ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ: لَوْ ابْتَاعَ غَنَمًا حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ الْمُصَّدِّقُ الصَّدَقَةَ مِنْهَا فَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ فِي رَدِّ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلَّمْ لَهُ كَمَا اشْتَرَى كَامِلًا أَوْ يَأْخُذُ مَا بَقِيَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ. وَقَالَ: إنْ أَسْلَفَ فِي رُطَبٍ فَنَفِدَ رَجَعَ بِحِصَّةِ مَا بَقِيَ، وَإِنْ شَاءَ أَخَّرَ إلَى قَابِلٍ. وَقَالَ فِي كِتَابِ الصَّدَاقِ: وَلَوْ أَصْدَقَ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ أَلْفًا قُسِمَتْ عَلَى مُهُورِهِنَّ.

(قَالَ): وَلَوْ أَصْدَقَهَا عَبْدًا فَاسْتُحِقَّ نِصْفُهُ كَانَ الْخِيَارُ لَهَا أَنْ تَأْخُذَ نِصْفَهُ وَالرُّجُوعُ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ أَوْ الرَّدُّ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -): فَأَمَّا قِيمَةُ مَا اُسْتُحِقَّ مِنْ الْعَبْدِ فَهَذَا غَلَطٌ فِي مَعْنَاهُ وَكَيْفَ تَأْخُذُ قِيمَةَ مَا لَمْ تَمْلِكْهُ قَطُّ؟ بَلْ قِيَاسُ قَوْلِهِ هَذَا تَرْجِعُ بِنِصْفِ مَهْرِ مِثْلِهَا كَمَا لَوْ اُسْتُحِقَّ كُلُّهُ كَانَ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا. وَقَالَ فِي الْإِمْلَاءِ عَلَى الْمُوَطَّإِ وَلَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً أَوْ جَارِيَتَيْنِ فَأَصَابَ بِإِحْدَاهُمَا عَيْبًا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ وَذَلِكَ أَنَّهَا صَفْقَةٌ وَاحِدَةٌ فَلَا تُرَدُّ إلَّا مَعًا كَمَا يَكُونُ لَهُ لَوْ بِيعَ مِنْ دَارٍ أَلْفُ سَهْمٍ وَهُوَ شَفِيعُهَا أَنْ يَأْخُذَ بَعْضَ السُّهْمَانِ دُونَ بَعْضٍ، وَإِنَّمَا مَنَعْت أَنْ يَرُدَّ الْمَعِيبَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ أَنَّهُ وَقَعَ غَيْرَ مَعْلُومِ الْقِيمَةِ، وَإِنَّمَا يُعْلَمُ بَعْدُ وَأَيُّ شَيْءٍ عَقَدَاهُ بِرِضَاهُمَا عَلَيْهِ كَذَلِكَ كَانَ فَاسِدًا لَا يَجُوزُ أَنْ أَقُولَ أَشْتَرِي مِنْك الْجَارِيَةَ بِهَاتَيْنِ الْجَارِيَتَيْنِ عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِقِيمَتِهَا مِنْهَا وَلَوْ سَمَّيْت أَيَّتَهمَا أَرْفَعُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ عَلَى أَمْرٍ غَيْرِ مَعْلُومٍ، وَقَالَ فَإِنْ فَاتَتْ إحْدَى الْجَارِيَتَيْنِ بِمَوْتٍ أَوْ بِوِلَادَةٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَدُّ الَّتِي بِعَيْبٍ وَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ مِنْ الْجَارِيَةِ كَانَتْ قِيمَةُ الَّتِي فَاتَتْ عِشْرِينَ وَاَلَّتِي بَقِيَتْ ثَلَاثِينَ وَقِيمَةُ الْجَارِيَةِ الَّتِي اشْتَرَى بِهَا خَمْسُونَ فَصَارَ حِصَّةُ الْمَعِيبَةِ مِنْ الْجَارِيَةِ ثَلَاثَةَ أَخْمَاسِهَا وَكَانَ الْعَيْبُ يُنْقِصُهَا الْعُشْرَ فَيَرْجِعُ بِعُشْرِ الثَّمَنِ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ.

وَقَالَ فِي كِتَابِ الْإِمْلَاءِ عَلَى الْمُوَطَّإِ وَلَوْ صَرَفَ الدِّينَارَ بِالدَّرَاهِمِ فَوَجَدَ مِنْهَا زَائِفًا فَهُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَخْذِهِ وَرَدِّهِ وَيَنْقُضُ الصَّرْفَ؛ لِأَنَّهَا صَفْقَةٌ وَاحِدَةٌ. وَقَالَ فِيهِ أَيْضًا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: فَإِنْ كَانَ الدِّرْهَمُ زَائِفًا مِنْ قِبَلِ السِّكَّةِ أَوْ قُبْحِ الْفِضَّةِ فَلَا بَأْسَ عَلَى الْمُشْتَرِي فِي أَنْ يَقْبَلَهُ فَإِنْ رَدَّهُ رَدَّ الصَّرْفَ كُلَّهُ؛ لِأَنَّهَا بَيْعَةٌ وَاحِدَةٌ، وَإِنْ زَافَ عَلَى أَنَّهُ نُحَاسٌ أَوْ تِبْرٌ غَيْرُ فِضَّةٍ فَلَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَقْبِضَهُ وَالْبَيْعُ مُنْتَقَضٌ وَقَالَ فِي كِتَابِ الْإِمْلَاءِ عَلَى مَسَائِلِ مَالِكٍ الْمَجْمُوعَةِ: وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ ذَهَبٍ بِذَهَبٍ وَلَا وَرِقٍ بِوَرِقٍ وَلَا بِشَيْءٍ مِنْ الْمَأْكُولِ أَوْ الْمَشْرُوبِ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ فَإِنْ تَفَرَّقَا مِنْ مَقَامِهِمَا وَبَقِيَ قِبَلَ أَحَدٍ مِنْهُمَا شَيْءٌ فَسَدَ، وَقَالَ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ إنَّهُ كَالْبَيْعِ فَإِنْ صَالَحَهُ مِنْ دَارٍ بِمِائَةٍ وَبِعَبْدٍ قِيمَتُهُ مِائَةٌ، وَأَصَابَ بِالْعَبْدِ عَيْبًا فَلَيْسَ لَهُ إلَّا أَنْ يَنْقُضَ الصُّلْحَ كُلَّهُ أَوْ يُجِيزَهُ مَعًا، وَقَالَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِعَيْنِهَا، وَلَوْ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ انْتَقَضَ الصُّلْحُ كُلُّهُ، وَقَالَ فِي الصَّدَاقِ فَإِذَا ذَهَبَ بَعْضُ الْبَيْعِ لَمْ أَرُدَّ الْبَاقِيَ، وَقَالَ فِي كِتَابِ الْمُكَاتَبِ نِصْفُهُ عَبْدٌ وَنِصْفُهُ حُرٌّ كَانَ فِي مَعْنَى مَنْ بَاعَ مَا يَمْلِكُ وَمَا لَا يَمْلِكُ وَفَسَدَتْ الْكِتَابَةُ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ): وَهَذَا كُلُّهُ مَنْعُ تَفْرِيقِ صَفْقَةٍ (قَالَ الْمُزَنِيّ): فَإِذَا اخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي الشَّيْءِ الْوَاحِدِ تَنَافَيَا، وَكَانَا كُلًّا مَعْنًى، وَكَانَ أَوْلَاهُمَا بِهِ مَا أَشْبَهَ قَوْلَهُ الَّذِي لَمْ يَخْتَلِفْ.

(قَالَ): وَأَخْبَرَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ الْمُزَنِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ يَخْتَارُ تَفْرِيقَ الصَّفْقَةِ وَيَرَاهُ أَوْلَى قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ.

بَابُ اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ وَإِذَا قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا لَا أَدْفَعُ حَتَّى أَقْبِضَ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إذَا اخْتَلَفَ الْبَيِّعَانِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ وَالْمُبْتَاعُ بِالْخِيَارِ»

<<  <   >  >>