للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَلَا أَعْلَمُ خِلَافًا أَنَّهَا إنْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا مِنْ الْمَجْلِسِ وَتُحْدِثُ قَطْعًا لِذَلِكَ أَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ عَلَيْهَا فَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ لِهَذَا الْمَوْضِعِ إجْمَاعٌ وَقَالَ فِي الْإِمْلَاءِ عَلَى مَسَائِلِ مَالِكٍ: وَإِنْ مَلَكَ أَمْرَهَا غَيْرُهَا فَهَذِهِ وَكَالَةٌ مَتَى أَوْقَعَ الطَّلَاقَ وَقَعَ وَمَتَى شَاءَ الزَّوْجُ رَجَعَ وَقَالَ فِيهِ وَسَوَاءٌ قَالَتْ: طَلَّقْتُك أَوْ طَلَّقْت نَفْسِي إذَا أَرَادَتْ طَلَاقًا، وَلَوْ جَعَلَ لَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا ثَلَاثًا فَطَلَّقَتْ وَاحِدَةً فَإِنَّ لَهَا ذَلِكَ.

وَلَوْ طَلَّقَ بِلِسَانِهِ وَاسْتَثْنَى بِقَلْبِهِ لَزِمَهُ الطَّلَاقُ وَلَمْ يَكُنْ الِاسْتِثْنَاءُ إلَّا بِلِسَانِهِ.

وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ يُرِيدُ تَحْرِيمَهَا بِلَا طَلَاقٍ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَرَّمَ جَارِيَتَهُ فَأَمَرَ بِكَفَّارَةِ يَمِينٍ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ لِأَنَّهُمَا تَحْرِيمُ فَرْجَيْنِ حِلَّيْنِ بِمَا لَمْ يُحَرَّمَا بِهِ، وَقَالَ: كُلُّ مَا أَمْلِكُ عَلَيَّ حَرَامٌ يَعْنِي امْرَأَتَهُ وَجَوَارِيَهُ وَمَالَهُ كَفَّرَ عَنْ الْمَرْأَةِ وَالْجَوَارِي كَفَّارَةً وَاحِدَةً وَلَمْ يُكَفِّرْ عَنْ مَالِهِ وَقَالَ فِي الْإِمْلَاءِ: وَإِنْ نَوَى إصَابَةً قُلْنَا: أَصِبْ وَكَفِّرْ، وَلَوْ قَالَ: كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ فَهُوَ كَالْحَرَامِ.

فَأَمَّا مَا لَا يُشْبِهُ الطَّلَاقَ مِثْلَ قَوْلِهِ: بَارَكَ اللَّهُ فِيك أَوْ اسْقِينِي أَوْ أَطْعِمِينِي أَوْ أَرْوِينِي أَوْ زَوِّدِينِي وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَلَيْسَ بِطَلَاقٍ وَإِنْ نَوَاهُ وَلَوْ أَجَزْت النِّيَّةَ بِمَا لَا يُشْبِهُ الطَّلَاقَ أَجَزْت أَنْ يُطَلِّقَ فِي نَفْسِهِ.

وَلَوْ قَالَ لِلَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ وَقَعْنَ مَعًا وَلَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ، وَقَعَتْ الْأُولَى وَبَانَتْ بِلَا عِدَّةٍ. وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

الطَّلَاقُ بِالْوَقْتِ وَطَلَاقُ الْمُكْرَهِ وَغَيْرِهِ مِنْ كِتَابِ إبَاحَةِ الطَّلَاقِ وَالْإِمْلَاءِ وَغَيْرِهِمَا

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): عَلَيْهِ وَأَيُّ أَجَلٍ طَلَّقَ إلَيْهِ لَمْ يَلْزَمْهُ قَبْلَ وَقْتِهِ، وَلَوْ قَالَ فِي شَهْرِ كَذَا أَوْ فِي غُرَّةِ هِلَالِ كَذَا طَلُقَتْ فِي الْمَغِيبِ مِنْ اللَّيْلَةِ الَّتِي يَرَى فِيهَا هِلَالَ ذَلِكَ الشَّهْرِ، وَلَوْ قَالَ: إذَا رَأَيْت هِلَالَ شَهْرِ كَذَا حَنِثَ إذَا رَآهُ غَيْرُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ رُؤْيَةَ نَفْسِهِ، وَلَوْ قَالَ: إذَا مَضَتْ سَنَةٌ وَقَدْ مَضَى مِنْ الْهِلَالِ خَمْسٌ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَمْضِيَ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ لَيْلَةٍ مِنْ يَوْمِ تَكَلَّمَ وَأَحَدَ عَشَرَ شَهْرًا بِالْأَهِلَّةِ وَخَمْسٌ بَعْدَهَا، وَلَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ الشَّهْرَ الْمَاضِي طَلُقَتْ مَكَانَهَا وَإِيقَاعُهُ الطَّلَاقَ الْآنَ فِي وَقْتٍ مَضَى مُحَالٌ، وَلَوْ قَالَ: عَنَيْت أَنَّهَا مُطَلَّقَةً مِنْ غَيْرِي لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهَا كَانَتْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مُطَلَّقَةً مِنْ غَيْرِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ فِي نُحُولِ ذَلِكَ، وَلَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ إذَا طَلَّقْتُك فَإِذَا طَلَّقَهَا وَقَعَتْ عَلَيْهَا وَاحِدَةٌ بِابْتِدَائِهِ الطَّلَاقَ وَالْأُخْرَى بِالْحِنْثِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَلَوْ كَانَ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ كُلَّمَا وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي وَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً طَلُقَتْ ثَلَاثًا وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا طَلُقَتْ بِالْأُولَى وَحْدَهَا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَكَذَلِكَ لَوْ خَالَعَهَا بِطَلْقَةٍ مَدْخُولًا بِهَا.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَلْطَفَ الشَّافِعِيُّ فِي وَقْتِ إيقَاعِ الطَّلَاقِ فَلَمْ يُوقِعْ إلَّا وَاحِدَةً، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إذَا لَمْ أُطَلِّقْكِ أَوْ مَتَى مَا لَمْ أُطَلِّقْك فَسَكَتَ مُدَّةً يُمْكِنُهُ فِيهَا الطَّلَاقُ طَلُقَتْ، وَلَوْ كَانَ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك لَمْ يَحْنَثْ حَتَّى نَعْلَمَ أَنَّهُ لَا يُطَلِّقُهَا بِمَوْتِهِ أَوْ بِمَوْتِهَا (قَالَ الْمُزَنِيّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَرَّقَ الشَّافِعِيُّ بَيْنَ " إذَا " وَ " إنْ " فَأَلْزَمَ فِي " إذَا " إذَا لَمْ يَفْعَلْهُ مِنْ سَاعَتِهِ وَلَمْ يُلْزِمْهُ فِي " إنْ " إلَّا بِمَوْتِهِ أَوْ بِمَوْتِهَا.

وَلَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ إذَا قَدِمَ فُلَانٌ فَقَدِمَ بِهِ مَيِّتًا أَوْ مُكْرَهًا لَمْ تَطْلُقْ، وَلَوْ قَالَ: إذَا رَأَيْته فَرَآهُ فِي تِلْكَ الْحَالِ حَنِثَ، وَلَوْ حَلَفَ لَا تَأْخُذْ مَا لَك عَلَيَّ فَأَجْبَرَهُ السُّلْطَانُ فَأَخَذَ مِنْهُ الْمَالَ حَنِثَ، وَلَوْ قَالَ: لَا أُعْطِيك لَمْ يَحْنَثْ، وَلَوْ قَالَ: إنْ كَلَّمْته فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَكَلَّمَتْهُ حَيْثُ يَسْمَعُ حَنِثَ وَإِنْ لَمْ

<<  <   >  >>