فِيهِ، وَلَوْ خَرَجَ مُسَافِرًا بِهَا أَوْ أَذِنَ لَهَا فِي الْحَجِّ فَزَايَلَتْ مَنْزِلَهُ فَمَاتَ أَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَسَوَاءٌ لَهَا الْخِيَارُ فِي أَنْ تَمْضِيَ لِسَفَرِهَا ذَاهِبَةً وَجَائِيَةً وَلَيْسَ عَلَيْهَا أَنْ تَرْجِعَ إلَى بَيْتِهِ قَبْلَ أَنْ تَقْضِيَ سَفَرَهَا وَلَا تُقِيمَ فِي الْمِصْرِ الَّذِي أَذِنَ لَهَا فِي السَّفَرِ إلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَذِنَ لَهَا فِي الْمَقَامِ فِيهِ أَوْ النَّقْلَةِ إلَيْهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ عَلَيْهَا إذَا بَلَغَتْ ذَلِكَ الْمِصْرَ فَإِنْ كَانَ أَخْرَجَهَا مُسَافِرَةً أَقَامَتْ مَا يُقِيمُ الْمُسَافِرُ مِثْلَهَا ثُمَّ رَجَعَتْ وَأَكْمَلَتْ عِدَّتَهَا، وَلَوْ أَذِنَ لَهَا فِي زِيَارَةٍ أَوْ نُزْهَةٍ فَعَلَيْهَا أَنْ تَرْجِعَ؛ لِأَنَّ الزِّيَارَةَ لَيْسَتْ مَقَامًا وَلَا تَخْرُجُ إلَى الْحَجِّ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَلَا إلَى مَسِيرَةِ يَوْمٍ إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ وَتَكُونَ مَعَ نِسَاءٍ ثِقَاتٍ، وَلَوْ صَارَتْ إلَى بَلَدٍ أَوْ مَنْزِلٍ بِإِذْنِهِ وَلَمْ يَقُلْ لَهَا: أَقِيمِي وَلَا تُقِيمِي ثُمَّ طَلَّقَهَا فَقَالَ: لَمْ أَنْقُلْك وَقَالَتْ: نَقَلَتْنِي فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا إلَّا أَنْ تُقِرَّ هِيَ أَنَّهُ كَانَ لِلزِّيَارَةِ أَوْ مُدَّةً تُقِيمُهَا فَيَكُونُ عَلَيْهَا أَنْ تَرْجِعَ وَتَعْتَدَّ فِي بَيْتِهِ وَفِي مَقَامِهَا قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ تُقِيمَ إلَى الْمُدَّةِ كَمَا جَعَلَ لَهَا أَنْ تُقِيمَ فِي سَفَرِهَا إلَى غَايَةٍ.
(قَالَ): وَتَنْتَوِيَ الْبَدْوِيَّةُ حَيْثُ يَنْتَوِي أَهْلُهَا؛ لِأَنَّ سَكَنَ أَهْلِ الْبَادِيَةِ إنَّمَا هُوَ سُكْنَى مَقَامِ غِبْطَةٍ وَظَعْنِ غِبْطَةٍ وَإِذَا دَلَّتْ السُّنَّةُ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ تَخْرُجُ مِنْ الْبَذَاءِ عَلَى أَهْلِ زَوْجِهَا كَانَ الْعُذْرُ فِي ذَلِكَ الْمَعْنَى أَوْ أَكْثَرَ.
(قَالَ): وَيُخْرِجُهَا السُّلْطَانُ فِيمَا يَلْزَمُهَا فَإِذَا فَرَغَتْ رَدَّهَا وَيَكْتَرِي عَلَيْهِ إذَا غَابَ وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا بِالْمَدِينَةِ فِيمَا مَضَى أَكْرَى مَنْزِلًا إنَّمَا كَانُوا يَتَطَوَّعُونَ بِإِنْزَالِ مَنَازِلِهِمْ وَبِأَمْوَالِهِمْ مَعَ مَنَازِلِهِمْ، وَلَوْ تَكَارَتْ فَإِنْ طَلَبَتْ الْكِرَاءَ كَانَ لَهَا مِنْ يَوْمِ تَطْلُبُهُ وَمَا مَضَى حَقُّ تَرِكَتِهِ فَأَمَّا امْرَأَةُ صَاحِبِ السَّفِينَةِ إذَا كَانَتْ مُسَافِرَةً مَعَهُ فَكَالْمَرْأَةِ الْمُسَافِرَةِ إنْ شَاءَتْ مَضَتْ، وَإِنْ شَاءَتْ رَجَعَتْ إلَى مَنْزِلِهِ فَاعْتَدَّتْ بِهِ
بَابُ الْإِحْدَادِ مِنْ كِتَابَيْ الْعِدَدِ الْقَدِيمِ وَالْجَدِيدِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَمَّا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ إلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» وَكَانَتْ هِيَ وَالْمُطَلَّقَةُ الَّتِي لَا يَمْلِكُ زَوْجُهَا رَجْعَتَهَا مَعًا فِي عِدَّةٍ وَكَانَتَا غَيْرَ ذَوَاتَيْ زَوْجَيْنِ أَشْبَهَ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْمُطَلَّقَةِ إحْدَادٌ كَهُوَ عَلَى الْمُتَوَفَّى عَنْهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فَأُحِبُّ ذَلِكَ لَهَا وَلَا يَبِينُ أَنْ أُوجِبَهُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُمَا قَدْ تَخْتَلِفَانِ فِي حَالٍ، وَإِنْ اجْتَمَعَتَا فِي غَيْرِهِ، وَلَوْ لَمْ يَلْزَمْ الْقِيَاسُ إلَّا بِاجْتِمَاعِ كُلِّ الْوُجُوهِ بَطَلَ، الْقِيَاسُ.
(قَالَ الْمُزَنِيّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَقَدْ جَعَلَهُمَا فِي الْكِتَابِ الْقَدِيمِ فِي ذَلِكَ سَوَاءً، وَقَالَ فِيهِ وَلَا تَجْتَنِبْ الْمُعْتَدَّةُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَأُمُّ الْوَلَدِ مَا تَجْتَنِبُ الْمُعْتَدَّةُ وَيَسْكُنَّ حَيْثُ شِئْنَ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَإِنَّمَا الْإِحْدَادُ فِي الْبَدَنِ وَتَرْكِ زِينَةِ الْبَدَنِ وَهُوَ أَنْ تُدْخِلَ عَلَى الْبَدَنِ شَيْئًا مِنْ غَيْرِهِ زِينَةً أَوْ طِيبًا يَظْهَرُ عَلَيْهَا فَيَدْعُوَ إلَى شَهْوَتِهَا فَمِنْ ذَلِكَ الدُّهْنُ كُلُّهُ فِي الرَّأْسِ وَذَلِكَ أَنَّ كُلَّ الْأَدْهَانِ فِي تَرْجِيلِ الشَّعْرِ وَإِذْهَابِ الشَّعَثِ سَوَاءٌ، وَهَكَذَا الْمُحْرِمُ يَفْتَدِي بِأَنْ يُدْهِنَ رَأْسَهُ أَوْ لِحْيَتَهُ بِزَيْتٍ لِمَا وَصَفْت، وَأَمَّا مَدُّ يَدَيْهَا فَلَا بَأْسَ إلَّا الطِّيبَ كَمَا لَا يَكُونُ بِذَلِكَ بَأْسٌ لِلْمُحْرِمِ، وَإِنْ خَالَفَتْ الْمُحْرِمَ فِي بَعْضِ أَمْرِهَا وَكُلُّ كُحْلٍ كَانَ زِينَةً فَلَا خَيْرَ فِيهِ لَهَا، فَأَمَّا الْفَارِسِيُّ وَمَا أَشْبَهَهُ إذْ احْتَاجَتْ إلَيْهِ فَلَا بَأْسَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِزِينَةٍ بَلْ يَزِيدُ الْعَيْنَ مَرَهًا وَقُبْحًا وَمَا اُضْطُرَّتْ إلَيْهِ مِمَّا فِيهِ زِينَةٌ مِنْ الْكُحْلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute