كِتَابُ الْوَصَايَا مِمَّا وَضَعَ الشَّافِعِيُّ بِخَطِّهِ لَا أَعْلَمُهُ سُمِعَ مِنْهُ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِيمَا يُرْوَى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ قَوْلِهِ «مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ» يَحْتَمِلُ مَا الْحَزْمُ لِامْرِئٍ مُسْلِمٍ «يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ»، وَيَحْتَمِلُ مَا الْمَعْرُوفُ فِي الْأَخْلَاقِ إلَّا هَذَا لَا مِنْ جِهَةِ الْفَرْضِ.
(قَالَ): فَإِذَا أَوْصَى الرَّجُلُ بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنِهِ، وَلَا ابْنَ لَهُ غَيْرَهُ فَلَهُ النِّصْفُ فَإِنْ لَمْ يُجِزْ الِابْنُ فَلَهُ الثُّلُثُ.
(وَلَوْ قَالَ): بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِ وَلَدِي فَلَهُ مَعَ الِاثْنَيْنِ الثُّلُثُ، وَمَعَ الثَّلَاثَةِ الرُّبُعُ حَتَّى يَكُونَ كَأَحَدِهِمْ وَلَوْ كَانَ وَلَدُهُ رِجَالًا وَنِسَاءً أَعْطَيْته نَصِيبَ امْرَأَةٍ وَلَوْ كَانَتْ لَهُ ابْنَةٌ وَابْنَةُ ابْنٍ أَعْطَيْته سُدُسًا.
(وَلَوْ قَالَ): مِثْلَ نَصِيبِ أَحَدِ وَرَثَتِي: أَعْطَيْتُهُ مِثْلَ أَقَلِّهِمْ نَصِيبًا (وَلَوْ قَالَ): ضِعْفَ مَا يُصِيبُ أَحَدُ وَلَدِي أَعْطَيْتُهُ مِثْلَهُ مَرَّتَيْنِ.
(وَإِنْ قَالَ): ضِعْفَيْنِ فَإِنْ كَانَ نَصِيبُهُ مِائَةً أَعْطَيْته ثَلَاثَمِائَةٍ فَكُنْت قَدْ أَضْعَفْت الْمِائَةَ الَّتِي تُصِيبُهُ بِمَنْزِلَةِ مَرَّةٍ بَعْدَ مَرَّةٍ.
(وَلَوْ قَالَ): لِفُلَانٍ نَصِيبٌ أَوْ حَظٌّ أَوْ قَلِيلٌ أَوْ كَثِيرٌ مِنْ مَالِي مَا عَرَفْت لِكَثِيرٍ حَدًّا وَوَجَدْت رُبُعَ دِينَارٍ قَلِيلًا تُقْطَعُ فِيهِ الْيَدُ، وَمِائَتَيْ دِرْهَمٍ كَثِيرًا فِيهَا زَكَاةٌ وَكُلُّ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمٌ قَلِيلٍ وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمٌ كَثِيرٍ، وَقِيلَ لِلْوَرَثَةِ أَعْطُوهُ مَا شِئْتُمْ مِمَّا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ مَا قَالَ الْمَيِّتُ.
(وَلَوْ): أَوْصَى لِرَجُلٍ بِثُلُثِ مَالِهِ وَلِآخَرَ بِنِصْفِهِ وَلِآخَرَ بِرُبُعِهِ فَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ قَسْمَ الثُّلُثِ عَلَى الْحِصَصِ، وَإِنْ أَجَازُوا قُسِمَ الْمَالُ عَلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ جُزْءًا لِصَاحِبِ النِّصْفِ سِتَّةٌ وَلِصَاحِبِ الثُّلُثِ أَرْبَعَةٌ وَلِصَاحِبِ الرُّبُعِ ثَلَاثَةٌ حَتَّى يَكُونُوا سَوَاءً فِي الْعَوْلِ. وَلَوْ أَوْصَى بِغُلَامِهِ لِرَجُلٍ وَهُوَ يُسَاوِي خَمْسَمِائَةٍ وَبِدَارِهِ لِآخَرَ وَهِيَ تُسَاوِي أَلْفًا وَبِخَمْسِمِائَةٍ لِآخَرَ وَالثُّلُثُ أَلْفٌ دَخَلَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَوْلُ نِصْفٍ وَكَانَ لِلَّذِي لَهُ الْغُلَامُ نِصْفُهُ وَلِلَّذِي لَهُ الدَّارُ نِصْفُهَا وَلِلَّذِي لَهُ خَمْسُمِائَةٍ نِصْفُهَا.
(وَلَوْ): أَوْصَى لِوَارِثٍ وَأَجْنَبِيٍّ فَلَمْ يُجِيزُوا فَلِلْأَجْنَبِيِّ النِّصْفُ، وَيَسْقُطُ الْوَارِثُ.
وَتَجُوزُ الْوَصِيَّةُ لِمَا فِي الْبَطْنِ وَبِمَا فِي الْبَطْنِ إذَا كَانَ يَخْرُجُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ خَرَجُوا عَدَدًا ذُكْرَانًا، وَإِنَاثًا فَالْوَصِيَّةُ بَيْنَهُمْ سَوَاءٌ، وَهُمْ لِمَنْ أَوْصَى بِهِمْ لَهُ.
(وَلَوْ) أَوْصَى بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ أَوْ بِغَلَّةِ دَارِهِ أَوْ بِثَمَرِ بُسْتَانِهِ وَالثُّلُثُ يَحْتَمِلُهُ جَازَ ذَلِكَ. وَلَوْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ فَأَجَازَ الْوَرَثَةُ فِي حَيَاتِهِ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُجِيزُوهُ بَعْدَ مَوْتِهِ.
(وَلَوْ قَالَ): أَعْطُوهُ رَأْسًا مِنْ رَقِيقِي أُعْطِيَ مَا شَاءَ الْوَارِثُ مَعِيبًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مَعِيبٍ وَلَوْ هَلَكَتْ إلَّا رَأْسًا كَانَ لَهُ إذَا حَمَلَهُ الثُّلُثُ.
(وَلَوْ): أَوْصَى لَهُ بِشَاةٍ مِنْ مَالِهِ قِيلَ لِلْوَرَثَةِ أَعْطُوهُ أَوْ اشْتَرُوهَا لَهُ صَغِيرَةً كَانَتْ أَوْ كَبِيرَةً ضَائِنَةٌ أَوْ مَاعِزَةً.
(وَلَوْ قَالَ): بَعِيرًا أَوْ ثَوْرًا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَنْ يُعْطُوهُ نَاقَةً، وَلَا بَقَرَةً وَلَوْ قَالَ عَشْرُ أَيْنُقُ أَوْ عَشْرُ بَقَرَاتٍ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَنْ يُعْطُوهُ ذَكَرًا.
(وَلَوْ قَالَ): عَشَرَةُ أَجْمَالٍ أَوْ أَثْوَارٍ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَنْ يُعْطُوهُ أُنْثَى (فَإِنْ قَالَ): عَشَرَةٌ مِنْ إبِلِي أَعْطُوهُ مَا شَاءُوا.
(فَإِنْ قَالَ): أَعْطُوهُ دَابَّةً مِنْ مَالِي فَمِنْ الْخَيْلِ أَوْ الْبِغَالِ أَوْ الْحَمِيرِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا أَعْجَفَ أَوْ سَمِينًا.
(وَلَوْ قَالَ): أَعْطُوهُ كَلْبًا مِنْ كِلَابِي أَعْطَاهُ الْوَارِثُ أَيَّهَا شَاءَ.
(وَلَوْ قَالَ): أَعْطُوهُ طَبْلًا مِنْ طُبُولِي وَلَهُ طَبْلَانِ لِلْحَرْبِ وَاللَّهْوِ أَعْطَاهُ أَيَّهُمَا شَاءَ فَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ الَّذِي لِلَّهْوِ إلَّا لِلضَّرْبِ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَنْ يُعْطُوهُ إلَّا الَّذِي لِلْحَرْبِ.
(وَلَوْ قَالَ): عُودًا مِنْ عِيدَانِي وَلَهُ عِيدَانٌ يُضْرَبُ بِهَا وَعِيدَانُ قَسِّيٍّ وَعَصَى فَالْعُودُ الَّذِي يُوَاجَهُ بِهِ الْمُتَكَلِّمُ هُوَ الَّذِي يُضْرَبُ بِهِ فَإِنْ صَلُحَ لِغَيْرِ الضَّرْبِ جَازَ بِلَا وَتَرٍ وَهَكَذَا الْمَزَامِيرُ.
(وَلَوْ قَالَ): عُودًا مِنْ الْقَسِّيِّ لَمْ يُعْطَ قَوْسَ نَدَّافٍ، وَلَا جلاهق وَأُعْطِيَ مَعْمُولَةً أَيْ قَوْسَ نَبْلٍ أَوْ نُشَّابٍ أَوْ حُسْبَانٍ وَتُجْعَلُ وَصِيَّتُهُ فِي الرِّقَابِ فِي الْمُكَاتِبِينَ، وَلَا يُبْتَدَأُ مِنْهُ عِتْقٌ، وَلَا يَجُوزُ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثِ رِقَابٍ فَإِنْ نَقَصَ ضَمِنَ حِصَّةَ مَنْ تَرَكَ فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ ثَلَاثَ رِقَابٍ وَبَلَغَ أَقَلَّ رَقَبَتَيْنِ يَجِدُهُمَا ثَمَنًا، وَفَضَلَ فَضْلٌ جَعَلَ الرَّقَبَتَيْنِ أَكْثَرَ ثَمَنًا حَتَّى يُعْتِقَ رَقَبَتَيْنِ، وَلَا يُفَضِّلُ شَيْئًا لَا يَبْلُغُ قِيمَةَ رَقَبَةٍ