للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَيُجْزِئُ صَغِيرُهَا وَكَبِيرُهَا.

(وَلَوْ أَوْصَى): أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ، وَلَمْ يَكُنْ حَجَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ فَإِنْ بَلَغَ ثُلُثُهُ حَجَّةً مِنْ بَلَدِهِ أَحَجَّ عَنْهُ مِنْ بَلَدِهِ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ أَحَجَّ عَنْهُ مِنْ حَيْثُ بَلَغَ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَاَلَّذِي يُشْبِهُ قَوْلَهُ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي قَوْلِهِ دَيْنٌ عَلَيْهِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَوْ قَالَ أَحِجُّوا عَنِّي رَجُلًا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَأَعْطُوا مَا بَقِيَ مِنْ ثُلُثِي فُلَانًا وَأَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِرَجُلٍ بِعَيْنِهِ فَلِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ نِصْفُ الثُّلُثِ وَلِلْحَاجِّ وَالْمُوصَى لَهُ بِمَا بَقِيَ مِنْ الثُّلُثِ نِصْفُ الثُّلُثِ، وَيَحُجُّ عَنْهُ رَجُلٌ بِمِائَةٍ.

وَلَوْ أَوْصَى بِأَمَةٍ لِزَوْجِهَا وَهُوَ حُرٌّ فَلَمْ يَعْلَمْ حَتَّى وَضَعَتْ لَهُ بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهَا أَوْلَادًا فَإِنْ قَبِلَ عَتَقُوا، وَلَمْ تَكُنْ أُمُّهُمْ أُمَّ وَلَدٍ حَتَّى تَلِدَ مِنْهُ بَعْدَ قَبُولِهِ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ قَبْلَ الْقَبُولِ وَطْءُ نِكَاحٍ، وَوَطْءُ الْقَبُولِ وَطْءُ مِلْكٍ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَقْبَلَ أَوْ يَرُدَّ قَامَ وَرَثَتُهُ مَقَامَهُ فَإِنْ قَبِلُوا فَإِنَّمَا مَلَكُوا أَمَةً لِأَبِيهِمْ، وَأَوْلَادُ أَبِيهِمْ الَّذِينَ وَلَدَتْ بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهَا أَحْرَارٌ وَأُمُّهُمْ مَمْلُوكَةٌ، وَإِنْ رُدُّوا كَانُوا مَمَالِيكَ وَكَرِهْتُ مَا فَعَلُوا.

(قَالَ الْمُزَنِيّ): لَوْ مَاتَ أَبُوهُمْ قَبْلَ الْمِلْكِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَمْلِكُوا عَنْهُ مَا لَمْ يَمْلِكْ، وَمِنْ قَوْلِهِ أَهَلَّ شَوَّالٌ ثُمَّ قَبِلَ كَانَتْ الزَّكَاةُ عَلَيْهِ وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمِلْكَ مُتَقَدِّمٌ وَلَوْلَا ذَلِكَ مَا كَانَتْ عَلَيْهِ زَكَاةُ مَا لَا يَمْلِكُ.

(قَالَ): وَلَوْ أَوْصَى بِجَارِيَةٍ، وَمَاتَ ثُمَّ وَهَبَ لِلْجَارِيَةِ مِائَةَ دِينَارٍ وَهِيَ تَسْوَى مِائَةَ دِينَارٍ وَهِيَ ثُلُثُ مَالِ الْمَيِّتِ وَوَلَدَتْ ثُمَّ قَبِلَ الْوَصِيَّةَ فَالْجَارِيَةُ لَهُ، وَلَا يَجُوزُ فِيمَا وَهَبَ لَهَا وَوَلَدُهَا إلَّا وَاحِدٌ مِنْ قَوْلَيْنِ الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ وَلَدُهَا، وَمَا وَهَبَ لَهَا مِنْ مِلْكِ الْمُوصَى لَهُ، وَإِنْ رَدَّهَا فَإِنَّمَا أَخْرَجَهَا مِنْ مِلْكِهِ إلَى الْمَيِّتِ وَلَدُ وَلَدِهَا، وَمَا وُهِبَ لَهَا؛ لِأَنَّهُ حَدَثَ فِي مِلْكِهِ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَمْلِكُهُ حَادِثًا بِقَبُولِ الْوَصِيَّةِ.

وَهَذَا قَوْلٌ مُنْكَرٌ لَا نَقُولُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْقَبُولَ إنَّمَا هُوَ عَلَى مِلْكٍ مُتَقَدِّمٍ وَلَيْسَ بِمِلْكٍ حَادِثٍ، وَقَدْ قِيلَ تَكُونُ لَهُ الْجَارِيَةُ وَثُلُثُ وَلَدِهَا وَثُلُثُ مَا وُهِبَ لَهَا قَالَ الْمُزَنِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هَذَا قَوْلُ بَعْضِ الْكُوفِيِّينَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ تَكُونُ لَهُ الْجَارِيَةُ وَثُلُثُ وَلَدِهَا، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ يَكُونُ لَهُ ثُلُثَا الْجَارِيَةِ وَثُلُثَا وَلَدِهَا.

(قَالَ الْمُزَنِيّ): وَأَحَبُّ إلَيَّ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهَا وَوَلَدُهَا عَلَى قَبُولِ مِلْكٍ مُتَقَدِّمٍ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ): وَقَدْ قَطَعَ بِالْقَوْلِ الثَّانِي إذْ الْمِلْكُ مُتَقَدِّمٌ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ وَقَامَ الْوَارِثُ فِي الْقَبُولِ مَقَامَ أَبِيهِ فَالْجَارِيَةُ لَهُ بِمِلْكٍ مُتَقَدِّمٍ وَوَلَدُهَا، وَمَا وُهِبَ لَهَا مِلْكٌ حَادِثٌ بِسَبَبٍ مُتَقَدِّمٍ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ): وَيَنْبَغِي فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى أَنْ تَكُونَ امْرَأَتُهُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَكَيْفَ تَكُونُ أَوْلَادُهَا بِقَبُولِ الْوَارِثِ أَحْرَارًا عَلَى أَبِيهِمْ، وَلَا تَكُونُ أُمُّهُمْ أُمَّ وَلَدٍ لِأَبِيهِمْ وَهُوَ يُجِيزُ أَنْ يَمْلِكَ الْأَخُ أَخَاهُ وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنْ لَوْ كَانَ مِلْكًا حَادِثًا لِوَلَدِ الْمَيِّتِ لَكَانُوا لَهُ مَمَالِيكَ، وَقَدْ قَطَعَ بِهَذَا الْمَعْنَى الَّذِي قُلْت فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ فَتَفَهَّمْهُ كَذَلِكَ تَجِدْهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ - تَعَالَى -.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِثُلُثِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ فَاسْتَحَقَّ ثُلُثَاهُ كَانَ لَهُ الثُّلُثُ الْبَاقِي إنْ احْتَمَلَهُ ثُلُثُهُ وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ لِلْمَسَاكِينِ نُظِرَ إلَى مَالِهِ فَقُسِمَ ثُلُثُهُ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ.

وَكَذَلِكَ لَوْ أَوْصَى لِغَازِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُمْ الَّذِينَ مِنْ الْبَلَدِ الَّذِي بِهِ مَالُهُ.

وَلَوْ أَوْصَى لَهُ فَقَبِلَ أَوْ رَدَّ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي كَانَ لَهُ قَبُولُهُ وَرَدُّهُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَسَوَاءٌ أَوْصَى لَهُ بِأَبِيهِ أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِدَارٍ كَانَتْ لَهُ، وَمَا ثَبَتَ فِيهَا مِنْ أَبْوَابِهَا وَغَيْرِهَا دُونَ مَا فِيهَا، وَلَوْ انْهَدَمَتْ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي كَانَتْ لَهُ إلَّا مَا انْهَدَمَ مِنْهَا فَصَارَ غَيْرَ ثَابِتٍ فِيهَا.

(قَالَ): وَيَجُوزُ نِكَاحُ الْمَرِيضِ.

(وَقَالَ): فِي الْإِمْلَاءِ يَلْحَقُ الْمَيِّتَ مِنْ فِعْلِ غَيْرِهِ ثَلَاثٌ حَجٌّ يُؤَدَّى، وَمَالٌ يُتَصَدَّقُ بِهِ عَنْهُ أَوْ دَيْنٌ يُقْضَى، وَدُعَاءٌ أَجَازَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْحَجَّ عَنْ الْمَيِّتِ وَنَدَبَ اللَّهُ - تَعَالَى - إلَى الدُّعَاءِ وَأَمَرَ بِهِ رَسُولَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَإِذَا جَازَ لَهُ الْحَجُّ حَيًّا جَازَ لَهُ مَيِّتًا وَكَذَلِكَ مَا تُطَوِّعَ بِهِ عَنْهُ مِنْ صَدَقَةٍ.

(وَقَالَ): فِي كِتَابٍ آخَرَ وَلَوْ أَوْصَى لَهُ وَلِمَنْ لَا يُحْصَى بِثُلُثِهِ فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ كَأَحَدِهِمْ.

<<  <   >  >>