للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بَابُ مَا يُجْزِئُ مِنْ الْعُيُوبِ فِي الرِّقَابِ الْوَاجِبَةِ

مِنْ كِتَابَيْ الظِّهَارِ قَدِيمٍ وَجَدِيدٍ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَمْ أَعْلَمْ أَحَدًا مِمَّنْ مَضَى مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَلَا ذُكِرَ لِي عَنْهُ وَلَا يَبْقَى مُخَالِفٌ فِي أَنَّ مِنْ ذَوَاتِ النَّقْصِ مِنْ الرِّقَابِ مَا لَا يُجْزِئُ وَمِنْهَا مَا يُجْزِئُ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بَعْضُهَا دُونَ بَعْضٍ فَلَمْ أَجِدْ فِي مَعَانِي مَا ذَهَبُوا إلَيْهِ إلَّا مَا أَقُولُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَجِمَاعُهُ أَنَّ الْأَغْلَبَ فِيمَا يُتَّخَذُ لَهُ الرَّقِيقُ الْعَمَلُ وَلَا يَكُونُ الْعَمَلُ تَامًّا حَتَّى تَكُونَ يَدُ الْمَمْلُوكِ بَاطِشَتَيْنِ وَرِجْلَاهُ مَاشِيَتَيْنِ وَلَهُ بَصَرٌ، وَإِنْ كَانَ عَيْنًا وَاحِدَةً وَيَكُونُ يَعْقِلُ، وَإِنْ كَانَ أَبْكَمَ أَوْ أَصَمَّ يَعْقِلُ أَوْ أَحْمَقَ أَوْ ضَعِيفَ الْبَطْشِ.

(قَالَ): فِي الْقَدِيمِ الْأَخْرَسُ لَا يُجْزِئُ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَوْلَى بِقَوْلِهِ أَنَّهُ يُجْزِئُ؛ لِأَنَّ أَصْلَهُ أَنَّ مَا أَضَرَّ بِالْعَمَلِ ضَرَرًا بَيِّنًا لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ لَمْ يَضُرَّ كَذَلِكَ أَجْزَأَ.

(قَالَ): وَاَلَّذِي يُجَنُّ وَيُفِيقُ يُجْزِئُ، وَإِنْ كَانَ مُطْبَقًا لَمْ يُجْزِئْ وَيَجُوزُ الْمَرِيضُ لِأَنَّهُ يُرْجَى وَالصَّغِيرُ كَذَلِكَ.

مَنْ لَهُ الْكَفَّارَةُ بِالصِّيَامِ مِنْ كِتَابَيْنِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَنْ كَانَ لَهُ مَسْكَنٌ وَخَادِمٌ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُمَا وَلَا مَا يَشْتَرِي بِهِ مَمْلُوكًا كَانَ لَهُ أَنْ يَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، وَإِنْ أَفْطَرَ مِنْ عُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ صَامَ تَطَوُّعًا أَوْ مِنْ الْأَيَّامِ الَّتِي نُهِيَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ صِيَامِهَا اسْتَأْنَفَهُمَا مُتَتَابِعَيْنِ، وَقَالَ فِي كِتَابِ الْقَدِيمِ: إنْ أَفْطَرَ الْمَرِيضُ بَنَى وَاحْتَجَّ فِي الْقَاتِلَةِ الَّتِي عَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ إذَا حَاضَتْ أَفْطَرَتْ فَإِذَا ذَهَبَ الْحَيْضُ بَنَتْ وَكَذَلِكَ الْمَرِيضُ إذَا ذَهَبَ الْمَرَضُ بَنَى.

(قَالَ): الْمُزَنِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَسَمِعْت الشَّافِعِيَّ مُنْذُ دَهْرٍ يَقُولُ: إنْ أَفْطَرَ بَنَى.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَإِنَّ هَذَا لَشَبِيهٌ؛ لِأَنَّ الْمَرَضَ عُذْرٌ وَضَرُورَةٌ وَالْحَيْضُ عُذْرٌ وَضَرُورَةٌ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يُفْطِرُ بِهِمَا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.

(قَالَ): وَإِذَا صَامَ بِالْأَهِلَّةِ صَامَ هِلَالَيْنِ، وَإِنْ كَانَ تِسْعَةً أَوْ ثَمَانِيَةً وَخَمْسِينَ وَلَا يُجْزِئُهُ حَتَّى يُقَدِّمَ نِيَّةَ الصَّوْمِ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَلَوْ نَوَى صَوْمَ يَوْمٍ فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ فِيهِ ثُمَّ أَفَاقَ قَبْلَ اللَّيْلِ أَوْ بَعْدَهُ وَلَمْ يُطْعِمْ أَجْزَأَهُ إذَا دَخَلَ فِيهِ قَبْلَ الْفَجْرِ وَهُوَ يَعْقِلُ فَإِنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْفَجْرِ لَمْ يُجْزِئْهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي الصَّوْمِ وَهُوَ يَعْقِلُ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ -: كُلُّ مَنْ أَصْبَحَ نَائِمًا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ صَامَ، وَإِنْ لَمْ يَعْقِلْهُ إذَا تَقَدَّمَتْ نِيَّتُهُ.

(قَالَ): وَلَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فِيهِ وَفِي يَوْمٍ بَعْدَهُ وَلَمْ يُطْعِمْ اسْتَأْنَفَ الصَّوْمَ؛ لِأَنَّ فِي الْيَوْمِ الَّذِي أُغْمِيَ عَلَيْهِ فِيهِ كُلِّهِ غَيْرُ صَائِمٍ وَلَا يُجْزِئْهُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ كُلَّ يَوْمٍ مِنْهُ عَلَى حِدَتِهِ قَبْلَ الْفَجْرِ؛ لِأَنَّ كُلَّ يَوْمٍ مِنْهُ غَيْرُ صَاحِبِهِ، وَلَوْ صَامَ شَهْرَ رَمَضَانَ فِي الشَّهْرَيْنِ أَعَادَ شَهْرَ رَمَضَانَ وَاسْتَأْنَفَ شَهْرَيْنِ.

(قَالَ): وَأَقَلُّ مَا يَلْزَمُ مَنْ قَالَ: إنَّ الْجِمَاعَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ الصَّوْمِ يُفْسِدُ الصَّوْمَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} أَنْ يَزْعُمَ أَنَّ الْكَفَّارَةَ بِالصَّوْمِ وَالْعِتْقِ لَا يُجْزِئَانِ بَعْدَ أَنْ يَتَمَاسَّا.

(قَالَ): وَاَلَّذِي صَامَ شَهْرًا قَبْلَ الْتِمَاسٍ وَشَهْرًا بَعْدَهُ أَطَاعَ اللَّهَ فِي شَهْرٍ وَعَصَاهُ بِالْجِمَاعِ قَبْلَ شَهْرٍ يَصُومُهُ، وَأَنَّ مَنْ جَامَعَ قَبْلَ الشَّهْرِ الْآخَرِ مِنْهُمَا أَوْلَى أَنْ يَجُوزَ مِنْ الَّذِي عَصَى اللَّهَ بِالْجِمَاعِ قَبْلَ الشَّهْرَيْنِ مَعًا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِنَّمَا حُكْمُهُ فِي الْكَفَّارَاتِ حِينَ يُكَفِّرُ كَمَا حُكْمُهُ فِي الصَّلَاةِ حِينَ يُصَلِّي.

(قَالَ): وَلَوْ دَخَلَ فِي الصَّوْمِ ثُمَّ أَيْسَرَ كَانَ لَهُ أَنْ يَمْضِيَ عَلَى الصِّيَامِ

<<  <   >  >>