بَابُ حَدِّ الْقَذْفِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - إذَا قَذَفَ الْبَالِغُ حُرًّا بَالِغًا مُسْلِمًا أَوْ حُرَّةً بَالِغَةً مُسْلِمَةً حُدَّ ثَمَانِينَ فَإِنْ قَذَفَ نَفَرًا بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حَدُّهُ فَإِنْ قَالَ: يَا ابْنَ الزَّانِيَيْنِ، وَكَانَ أَبَوَاهُ حُرَّيْنِ مُسْلِمَيْنِ مَيِّتَيْنِ فَعَلَيْهِ حَدَّانِ وَيَأْخُذُ حَدَّ الْمَيِّتِ وَلَدُهُ وَعَصَبَتُهُ مَنْ كَانُوا، وَلَوْ قَالَ الْقَاذِفُ لِلْمَقْذُوفِ: إنَّهُ عَبْدٌ فَعَلَى الْمَقْذُوفِ الْبَيِّنَةُ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي الْحَدَّ وَعَلَى الْقَاذِفِ الْيَمِينُ؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ الْحَدَّ، وَلَوْ قَالَ لِعَرَبِيٍّ: يَا نَبَطِيُّ، فَإِنْ قَالَ: عَنَيْت نَبَطِيَّ الدَّارِ أَوْ اللِّسَانِ؛ أَحَلَفْته مَا أَرَادَ أَنْ يَنْسُبَهُ إلَى النَّبَطِ وَنَهَيْته أَنْ يَعُودَ وَأَدَّبْته عَلَى الْأَذَى فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ حَلَفَ الْمَقْذُوفُ لَقَدْ أَرَادَ نَفْيَهُ وَحُدَّ لَهُ فَإِنْ عَفَا فَلَا حَدَّ لَهُ. وَإِنْ قَالَ: عَنَيْت بِالْقَذْفِ الْأَبَ الْجَاهِلِيَّ حَلَفَ وَعُزِّرَ عَلَى الْأَذَى. وَلَوْ قَذَفَ امْرَأَةً وُطِئَتْ وَطْئًا حَرَامًا دُرِئَ عَنْهُ فِي هَذَا الْحَدُّ وَعُزِّرَ وَلَا يُحَدُّ مَنْ لَمْ تَكْمُلْ فِيهِ الْحُرِّيَّةُ إلَّا حَدَّ الْعَبْدِ وَلَا حَدَّ فِي التَّعْرِيضِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَبَاحَ التَّعْرِيضَ فِيمَا حُرِّمَ عَقْدُهُ فَقَالَ {وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ} وَقَالَ تَعَالَى {وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} فَجَعَلَ التَّعْرِيضَ مُخَالِفًا لِلتَّصْرِيحِ فَلَا يُحَدُّ إلَّا بِقَذْفٍ صَرِيحٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute