للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غَيْرِهِمْ. وَلَا رُخْصَةَ فِيهَا إلَّا لِمَنْ وَلِيَ الْقِيَامَ عَلَيْهَا مِنْهُمْ وَسَوَاءٌ مَنْ اُسْتُعْمِلَ عَلَيْهَا مِنْهُمْ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْخَصَ لِأَهْلِ السِّقَايَةِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ أَنْ يَبِيتُوا بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنًى وَيَفْعَلُ الصَّبِيُّ فِي كُلِّ أَمْرِهِ مَا يَفْعَلُ الْكَبِيرُ وَمَا عَجَزَ عَنْهُ الصَّبِيُّ مِنْ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ حُمِلَ وَفُعِلَ ذَلِكَ بِهِ وَجُعِلَ الْحَصَى فِي يَدِهِ لِيَرْمِيَ فَإِنْ عَجَزَ رُمِيَ عَنْهُ، وَلَيْسَ عَلَى الْحَاجِّ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الرَّمْيِ أَيَّامَ مِنًى إلَّا وَدَاعُ الْبَيْتِ فَيُوَدِّعُ الْبَيْتَ ثُمَّ يَنْصَرِفُ إلَى بَلَدِهِ وَالْوَدَاعُ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ وَيَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَهُ فَإِنْ لَمْ يَطُفْ وَانْصَرَفَ فَعَلَيْهِ دَمٌ لِمَسَاكِينِ الْحَرَمِ وَلَيْسَ عَلَى الْحَائِضِ وَدَاعٌ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْخَصَ لَهَا أَنْ تَنْفِرَ بِلَا وَدَاعٍ.

وَإِذَا أَصَابَ الْمُحْرِمُ امْرَأَتَهُ الْمُحْرِمَةَ فَغَيَّبَ الْحَشَفَةَ مَا بَيْنَ أَنْ يُحْرِمَ إلَى أَنْ يَرْمِيَ الْجَمْرَةَ فَقَدْ أَفْسَدَ حَجَّهُ وَسَوَاءٌ وَطِئَ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ فَسَادٌ وَاحِدٌ وَعَلَيْهِ الْهَدْيُ بَدَنَةٌ وَيَحُجُّ مِنْ قَابِلٍ بِامْرَأَتِهِ وَيُجْزِي عَنْهُمَا هَدْيٌ وَاحِدٌ وَمَا تَلَذَّذَ مِنْهَا دُونَ الْجِمَاعِ فَشَاةٌ تُجْزِئُهُ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ الْمُفْسِدُ بَدَنَةً فَبَقَرَةٌ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَسَبْعًا مِنْ الْغَنَمِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ قُوِّمَتْ الْبَدَنَةُ دَرَاهِمَ بِمَكَّةَ وَالدَّرَاهِمُ طَعَامًا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ صَامَ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا هَكَذَا كُلُّ وَاجِبٍ عَلَيْهِ يَعْسُرُ بِهِ مَا لَمْ يَأْتِ فِيهِ نَصُّ خَبَرٍ وَلَا يَكُونُ الطَّعَامُ وَالْهَدْيُ إلَّا بِمَكَّةَ أَوْ مِنًى وَالصَّوْمُ حَيْثُ شَاءَ؛ لِأَنَّهُ لَا مَنْفَعَةَ لِأَهْلِ الْحَرَمِ فِي الصَّوْمِ وَمَنْ وَطِئَ أَهْلَهُ بَعْدَ رَمْيِ الْجِمَارِ فَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ وَيُتِمُّ حَجَّهُ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ): قَرَأْت عَلَيْهِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ قُلْت أَنَا: إنْ لَمْ تَكُنْ الْبَدَنَةُ إجْمَاعًا أَوْ أَصْلًا فَالْقِيَاسُ شَاةٌ؛ لِأَنَّهَا هَدْيٌ عِنْدِي.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَمَنْ أَفْسَدَ الْعُمْرَةَ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ مِنْ الْمِيقَاتِ الَّذِي ابْتَدَأَهَا مِنْهُ فَإِنْ قِيلَ فَقَدْ أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَائِشَةَ أَنْ تَقْضِيَ الْعُمْرَةَ مِنْ التَّنْعِيمِ فَلَيْسَ كَمَا قَالَ إنَّمَا كَانَتْ قَارِنًا وَكَانَ عُمْرَتُهَا شَيْئًا اسْتَحْسَنَتْهُ فَأَمَرَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهَا لَا أَنَّ عُمْرَتَهَا كَانَتْ قَضَاءً لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهَا «طَوَافُك يَكْفِيك لِحَجِّك وَعُمْرَتِك.»

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَمَنْ أَدْرَكَ عَرَفَةَ قَبْلَ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ وَاحْتَجَّ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ أَدْرَكَ عَرَفَةَ قَبْلَ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ».

(قَالَ): وَمَنْ فَاتَهُ ذَلِكَ فَاتَهُ الْحَجُّ فَأَمَرَهُ أَنْ يُحِلَّ بِطَوَافٍ وَسَعْيٍ وَحِلَاقٍ.

(قَالَ): وَإِنْ حَلَّ بِعَمَلِ عُمْرَةٍ فَلَيْسَ أَنَّ حَجَّهُ صَارَ عُمْرَةً وَكَيْفَ يَصِيرُ عُمْرَةً، وَقَدْ ابْتَدَأَهُ حَجًّا (قَالَ الْمُزَنِيّ): إذَا كَانَ عَمَلُهُ عِنْدَهُ عَمَلَ حَجٍّ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ إلَى عُمْرَةٍ فَقِيَاسُ قَوْلِهِ أَنْ يَأْتِيَ بِبَاقِي الْحَجِّ وَهُوَ الْمَبِيتُ بِمِنًى وَالرَّمْيُ بِهَا مَعَ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَتَأَوَّلَ قَوْلَ عُمَرَ افْعَلْ مَا يَفْعَلُ الْمُعْتَمِرُ إنَّمَا أَرَادَ أَنَّ الطَّوَافَ وَالسَّعْيَ مِنْ عَمَلِ الْحَجِّ لَا أَنَّهَا عُمْرَةٌ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَا يَدْخُلُ مَكَّةَ إلَّا بِإِحْرَامٍ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ؛ لِمُبَايَنَتِهَا جَمِيعَ الْبُلْدَانِ إلَّا أَنَّ مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ رَخَّصَ لِلْحَطَّابِينَ وَمَنْ يَدْخُلُهُ لِمَنَافِعِ أَهْلِهِ أَوْ كَسْبِ نَفْسِهِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَعَلَّ حَطَّابِيهِمْ عَبِيدٌ وَمَنْ دَخَلَهَا بِغَيْرِ إحْرَامٍ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ.

بَابُ مَنْ لَمْ يُدْرِكْ عَرَفَةَ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ وَمَنْ لَمْ يُدْرِكْ عَرَفَةَ قَبْلَ الْفَجْرِ فَقَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ فَلْيَأْتِ الْبَيْتَ وَلْيَطُفْ بِهِ وَلْيَسْعَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ لِيَحْلِق أَوْ يُقَصِّرْ إنْ شَاءَ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَنْحَرْهُ قَبْلَ أَنْ يَحْلِقَ وَيَرْجِعَ إلَى أَهْلِهِ فَإِذَا أَدْرَكَ الْحَجَّ قَابِلًا فَلْيَحْجُجْ وَلْيَهْدِ " وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ لِأَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ، وَقَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ " اصْنَعْ مَا يَصْنَعُ الْمُعْتَمِرُ ثُمَّ قَدْ حَلَلْتُ فَإِذَا أَدْرَكْتُ الْحَجَّ قَابِلًا فَاحْجُجْ وَأَهْدِ مَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ "، وَقَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -

<<  <   >  >>