عَلَى الدُّعَاءِ وَأَفْضَلُ الدُّعَاءِ يَوْمُ عَرَفَةَ.
فَإِذَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ دَفَعَ الْإِمَامُ وَعَلَيْهِ الْوَقَارُ وَالسَّكِينَةُ فَإِنْ وَجَدَ فُرْجَةً أَسْرَعَ فَإِذَا أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ جَمَعَ مَعَ الْإِمَامِ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِإِقَامَتَيْنِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّاهُمَا بِهَا وَلَمَّا يُنَادِ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا إلَّا بِإِقَامَةٍ وَلَا يُسَبِّحُ بَيْنَهُمَا وَلَا عَلَى إثْرِ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَيَبِيتُ بِهَا فَإِنْ لَمْ يَبِتْ بِهَا فَعَلَيْهِ دَمُ شَاةٍ، وَإِنْ خَرَجَ مِنْهَا بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ كُنْت فِيمَنْ قَدَّمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ ضَعَفَةِ أَهْلِهِ يَعْنِي مِنْ مُزْدَلِفَةَ إلَى مِنًى.
(قَالَ): وَيَأْخُذُ مِنْهَا الْحَصَى لِلرَّمْيِ يَكُونُ قَدْرَ حَصَى الْخَذْفِ؛ لِأَنَّ بِقَدْرِهَا رَمَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمِنْ حَيْثُ أَخَذَ أَجْزَأَ إذَا وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ حَجَرٍ مَرْمَرٍ أَوْ بِرَامٍ أَوْ كَذَّانَ أَوْ فِهْرٍ فَإِنْ كَانَ كُحْلًا أَوْ زِرْنِيخًا أَوْ مَا أَشْبَهَهُ لَمْ يُجْزِهِ، وَإِنْ رَمَى بِمَا قَدْ رَمَى بِهِ مَرَّةً كَرِهْته وَأَجْزَأَ عَنْهُ وَلَوْ رَمَى فَوَقَعَتْ حَصَاةٌ عَلَى مَحْمَلٍ ثُمَّ اسْتَنَّتْ فَوَقَعَتْ فِي مَوْضِعِ الْحَصَى أَجْزَأَهُ، وَإِنْ وَقَعَتْ فِي ثَوْبِ رَجُلٍ فَنَفَضَهَا لَمْ يُجْزِهِ فَإِذَا أَصْبَحَ صَلَّى الصُّبْحَ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا ثُمَّ يَقِفُ عَلَى قُزَحَ حَتَّى يُسْفِرَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ ثُمَّ يَدْفَعُ إلَى مِنًى فَإِذَا صَارَ فِي بَطْنِ مُحَسِّرٍ حَرَّكَ دَابَّتَهُ قَدْرَ رَمْيَةِ حَجَرٍ فَإِذَا أَتَى مِنًى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ مِنْ بَطْنِ الْوَادِي سَبْعَ حَصَيَاتٍ وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ كُلَّمَا رَمَى حَتَّى يُرَى بَيَاضُ مَا تَحْتِ مَنْكِبَيْهِ، وَيُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ، وَإِنْ رَمَى قَبْلَ الْفَجْرِ بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ أَجْزَأَ عَنْهُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ أُمَّ سَلَمَةَ أَنْ تُعَجِّلَ الْإِفَاضَةَ وَتُوَافِيَ صَلَاةَ الصُّبْحِ بِمَكَّةَ وَكَانَ يَوْمَهَا فَأَحَبَّ أَنْ يُوَافِيَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ رَمَتْ إلَّا قَبْلَ الْفَجْرِ ثُمَّ يَنْحَرُ الْهَدْيَ إنْ كَانَ مَعَهُ ثُمَّ يَحْلِقُ أَوْ يُقَصِّرُ وَيَأْكُلُ مِنْ لَحْمِ هَدْيِهِ، وَقَدْ حَلَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إلَّا النِّسَاءَ فَقَطْ وَلَا يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ حَتَّى يَرْمِيَ الْجَمْرَةَ بِأَوَّلِ حَصَاةٍ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَزَلْ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى الْجَمْرَةَ وَعُمَرُ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَعَطَاءٌ وَطَاوُسٌ وَمُجَاهِدٌ لَمْ يَزَالُوا يُلَبُّونَ حَتَّى رَمَوْا الْجَمْرَةَ.
(قَالَ): وَيَتَطَيَّبُ إنْ شَاءَ لِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَطَيَّبَ لِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ وَيَخْطُبُ الْإِمَامُ بَعْدَ الظُّهْرِ يَوْمَ النَّحْرِ وَيُعَلِّمُ النَّاسَ النَّحْرَ وَالرَّمْيَ وَالتَّعْجِيلَ لِمَنْ أَرَادَهُ فِي يَوْمَيْنِ بَعْدَ النَّحْرِ وَمَنْ حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَ أَوْ نَحَرَ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ أَوْ قَدَّمَ الْإِفَاضَةَ عَلَى الرَّمْيِ أَوْ قَدَّمَ نُسُكًا قَبْلَ نُسُكٍ مِمَّا يُفْعَلُ يَوْمَ النَّحْرِ فَلَا حَرَجَ وَلَا فِدْيَةَ وَاحْتَجَّ بِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا سُئِلَ يَوْمئِذٍ عَنْ شَيْءٍ قُدِّمَ أَوْ أُخِّرَ إلَّا قَالَ «افْعَلْ وَلَا حَرَجَ» وَيَطُوفُ بِالْبَيْتِ طَوَافَ الْفَرْضِ وَهِيَ الْإِفَاضَةُ، وَقَدْ حَلَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ النِّسَاءِ وَغَيْرِهِنَّ ثُمَّ يَرْمِي أَيَّامَ مِنًى الثَّلَاثَةَ فِي كُلِّ يَوْمٍ إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ الْجَمْرَةُ الْأُولَى بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ وَالثَّانِيَةَ بِسَبْعٍ وَالثَّالِثَةَ بِسَبْعٍ فَإِنْ رَمَى بِحَصَاتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ فَهُنَّ كَوَاحِدَةٍ، وَإِنْ نَسِيَ مِنْ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ شَيْئًا مِنْ الرَّمْيِ رَمَاهُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي وَمَا نَسِيَهُ فِي الثَّانِي رَمَاهُ فِي الثَّالِثِ.
(قَالَ): وَلَا بَأْسَ إذَا رَمَى الرِّعَاءُ الْجَمْرَةَ يَوْمَ النَّحْرِ أَنْ يَصْدُرُوا وَيَدَعُوا الْمَبِيتَ بِمِنًى فِي لَيْلَتِهِمْ وَيَدَعُوا الرَّمْيَ مِنْ الْغَدِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ ثُمَّ يَأْتُوا مِنْ بَعْدِ الْغَدِ وَهُوَ يَوْمُ النَّفْرِ الْأَوَّلِ فَيَرْمُونَ لِلْيَوْمِ الْمَاضِي ثُمَّ يَعُودُوا فَيَسْتَأْنِفُوا يَوْمَهُمْ ذَلِكَ وَيَخْطُبُ الْإِمَامُ بَعْدَ الظُّهْرِ يَوْمَ الثَّالِثِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ وَهُوَ النَّفْرُ الْأَوَّلُ فَيُوَدِّعُ الْحَاجَّ وَيُعْلِمُهُمْ أَنَّ مَنْ أَرَادَ التَّعْجِيلَ فَذَلِكَ لَهُ وَيَأْمُرُهُمْ أَنْ يَخْتِمُوا حَجَّهُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَطَاعَتِهِ وَاتِّبَاعِ أَمْرِهِ فَمَنْ لَمْ يَتَعَجَّلْ حَتَّى يُمْسِيَ رَمَى مِنْ الْغَدِ فَإِذَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ انْقَضَتْ أَيَّامُ مِنًى.
وَإِنْ تَدَارَكَ عَلَيْهِ رَمْيَانُ فِي أَيَّامِ مِنًى ابْتَدَأَ الْأَوَّلَ حَتَّى يُكْمِلَ ثُمَّ عَادَ فَابْتَدَأَ الْآخَرَ وَلَمْ يُجْزِهِ أَنْ يَرْمِيَ بِأَرْبَعَ عَشْرَةَ حَصَاةً فِي مَقَامٍ وَاحِدٍ فَإِنْ أَخَّرَ ذَلِكَ حَتَّى تَنْقَضِيَ أَيَّامُ الرَّمْيِ وَتَرَكَ حَصَاةً فَعَلَيْهِ مُدُّ طَعَامٍ بِمُدِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمِسْكِينٍ، وَإِنْ كَانَتْ حَصَاتَانِ فَمُدَّانِ لِمِسْكِينَيْنِ، وَإِنْ كَانَتْ ثَلَاثُ حَصَيَاتٍ فَدَمٌ، وَإِنْ تَرَكَ الْمَبِيتَ لَيْلَةً مِنْ لَيَالِي مِنًى فَعَلَيْهِ مُدٌّ، وَإِنْ تَرَكَ لَيْلَتَيْنِ فَعَلَيْهِ مُدَّانِ، وَإِنْ تَرَكَ ثَلَاثَ لَيَالٍ فَدَمٌ وَالدَّمُ شَاةٌ يَذْبَحُهَا لِمَسَاكِينِ الْحَرَمِ وَلَا رُخْصَةَ فِي تَرْكِ الْمَبِيتِ بِمِنًى إلَّا لِرِعَاءِ الْإِبِلِ وَأَهْلِ سِقَايَةِ الْعَبَّاسِ دُونَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute