للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بَابُ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي الْمُطَلَّقَةِ الطَّلْقَةَ الثَّالِثَةَ {فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} «وَشَكَتْ الْمَرْأَةُ الَّتِي طَلَّقَهَا رِفَاعَةُ ثَلَاثًا زَوْجَهَا بَعْدَهُ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ: إنَّمَا مَعَهُ مِثْلُ هُدْبَةِ الثَّوْبِ فَقَالَ أَتُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إلَى رِفَاعَةَ؟ لَا حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَك».

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَإِذَا أَصَابَهَا بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ فَغَيَّبَ الْحَشَفَةَ فِي فَرْجِهَا فَقَدْ ذَاقَا الْعُسَيْلَةَ وَسَوَاءٌ قَوِيُّ الْجِمَاعِ وَضَعِيفُهُ لَا يُدْخِلُهُ إلَّا بِيَدِهِ أَوْ بِيَدِهَا أَوْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ صَبِيٍّ مُرَاهِقٍ أَوْ مَجْبُوبٍ بَقِيَ لَهُ قَدْرُ مَا يُغَيِّبُهُ تَغْيِيبَ غَيْرِ الْخَصِيِّ وَسَوَاءٌ كُلُّ زَوْجٍ وَزَوْجَةٍ، وَلَوْ أَصَابَهَا صَائِمَةً أَوْ مُحْرِمَةً أَسَاءَ وَقَدْ أَحَلَّهَا، وَلَوْ أَصَابَ الذِّمِّيَّةَ زَوْجٌ ذِمِّيٌّ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ أَحَلَّهَا لِلْمُسْلِمِ؛ لِأَنَّهُ زَوْجٌ «وَرَجَمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَهُودِيَّيْنِ زَنَيَا» وَلَا يَرْجُمُ إلَّا مُحْصَنًا قَالَ: وَلَوْ كَانَتْ الْإِصَابَةُ بَعْدَ رِدَّةِ أَحَدِهِمَا ثُمَّ رَجَعَ الْمُرْتَدُّ مِنْهُمَا لَمْ تُحِلَّهَا الْإِصَابَةُ؛ لِأَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ فِي تِلْكَ الْحَالِ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) لَا مَعْنَى لِرُجُوعِ الْمُرْتَدِّ مِنْهُمَا عِنْدَهُ فَيَصِحُّ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا إلَّا فِي الَّتِي قَدْ أَحَلَّتْهَا إصَابَتُهُ إيَّاهَا لِلزَّوْجِ قَبْلَهُ فَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا فَقَدْ انْفَسَخَ النِّكَاحُ فِي قَوْلِهِ وَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا بِالْإِصَابَةِ وَإِنْ كَانَتْ مَدْخُولًا فَقَدْ أَحَلَّهَا إصَابَتُهُ إيَّاهَا قَبْلَ الرِّدَّةِ فَكَيْفَ لَا يُحِلُّهَا؟ فَتَفَهَّمْ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَوْ ذَكَرْت أَنَّهَا نُكِحَتْ نِكَاحًا صَحِيحًا وَأُصِيبَتْ وَلَا نَعْلَمُ حَلَّتْ لَهُ وَإِنْ وَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهَا كَاذِبَةٌ فَالْوَرَعُ أَنْ لَا يَفْعَلَ.

بَابُ الْإِيلَاءِ مُخْتَصَرٌ مِنْ الْجَامِعِ مِنْ كِتَابِ الْإِيلَاءِ قَدِيمٍ وَجَدِيدٍ وَالْإِمْلَاءِ وَمَا دَخَلَ فِيهِ مِنْ الْأَمَالِي عَلَى مَسَائِلِ مَالِكٍ وَمِنْ مَسَائِلِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ إبَاحَةِ الطَّلَاقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} الْآيَةَ فَفِي ذَلِكَ دَلَالَةٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ عَلَى أَنْ لَا سَبِيلَ عَلَى الْمُولِي لِامْرَأَتِهِ حَتَّى يَمْضِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ كَمَا لَوْ ابْتَاعَ بَيْعًا أَوْ ضَمِنَ شَيْئًا إلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ سَبِيلٌ حَتَّى يَمْضِيَ الْأَجَلُ، وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ أَدْرَكْت بِضْعَةَ عَشَرَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُلُّهُمْ يُوقِفُ الْمُولِيَ وَكَانَ عَلِيٌّ وَعُثْمَانُ وَعَائِشَةُ وَابْنُ عُمَرَ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ يُوقَفُونَ الْمُولِيَ.

(قَالَ): وَلِيَ الْمُولِي مَنْ حَلَفَ بِيَمِينٍ يَلْزَمُهُ بِهَا كَفَّارَةٌ وَمَنْ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ شَيْئًا يَجِبُ عَلَيْهِ إذَا أَوْجَبَهُ فَأَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ إنْ جَامَعَ امْرَأَتَهُ فَهُوَ فِي مَعْنَى الْمُولِي وَلَا يَلْزَمُهُ الْإِيلَاءُ حَتَّى يُصَرِّحَ بِأَحَدِ أَسْمَاءِ الْجِمَاعِ الَّتِي هِيَ صَرِيحَةٌ وَذَلِكَ قَوْلُهُ وَاَللَّهِ لَا أَنِيكُك وَلَا أُغَيِّبُ ذَكَرِي فِي فَرْجِك أَوْ لَا أُدْخِلُهُ فِي فَرْجِك أَوْ لَا أُجَامِعُك أَوْ يَقُولُ: إنْ كَانَتْ عَذْرَاءَ وَاَللَّهِ لَا أَفْتَضُّك أَوْ مَا فِي مِثْلِ هَذَا الْمَعْنَى فَهُوَ مُولٍ فِي الْحُكْمِ (وَقَالَ فِي الْقَدِيمِ) لَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُك أَوْ لَا أَمَسُّك أَوْ لَا أُجَامِعُك فَهَذَا كُلُّهُ بَابٌ وَاحِدٌ كُلَّمَا كَانَ لِلْجِمَاعِ اسْمٌ كَنَّى بِهِ عَنْ نَفْسِ الْجِمَاعِ فَهُوَ وَاحِدٌ وَهُوَ مُولٍ فِي الْحُكْمِ قُلْنَا: مَا لَمْ يَنْوِهِ فِي لَا أَمَسُّك فِي الْحُكْمِ فِي الْقَدِيمِ وَنَوَاهُ فِي الْجَدِيدِ وَأَجْمَعَ قَوْلَهُ فِيهِمَا بِحَلِفِهِ لَا أُجَامِعُك أَنَّهُ مُولٍ وَإِنْ احْتَمَلَ أُجَامِعُك بِبَدَنِي وَهَذَا أَشْبَهُ بِمَعَانِي الْعِلْمِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أُبَاشِرُك أَوْ لَا أُبَاضِعُكِ أَوْ لَا أَمَسُّك أَوْ مَا أَشْبَهَ هَذَا فَإِنْ أَرَادَ جِمَاعًا فَهُوَ مُولٍ وَإِنْ لَمْ يُرِدْهُ فَغَيْرُ مُولٍ فِي الْحُكْمِ، وَلَوْ

<<  <   >  >>