وَالْوَلَدِ قَالَ: هُوَ لِلْأَوَّلِ وَمَنْ فَرَّقَ قَالَ: هُوَ مِنْهُمَا مَعًا، وَلَوْ لَمْ يَنْقَطِعْ اللَّبَنُ حَتَّى وَلَدَتْ مِنْ الْآخَرِ فَالْوِلَادَةُ قَطْعٌ لِلَبَنِ الْأَوَّلِ فَمَنْ أَرْضَعَتْ فَهُوَ ابْنُهَا وَابْنُ الزَّوْجِ الْآخَرِ.
الشَّهَادَاتُ فِي الرَّضَاعِ وَالْإِقْرَارُ مِنْ كِتَابِ الرَّضَاعِ وَمِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ الْقَدِيمِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَشَهَادَةُ النِّسَاءِ جَائِزَةٌ فِيمَا لَا يَحِلُّ لِلرِّجَالِ مِنْ غَيْرِ ذَوِي الْمَحَارِمِ أَنْ يَتَعَمَّدُوا النَّظَرَ إلَيْهِ لِغَيْرِ شَهَادَةٍ مِنْ وِلَادَةِ الْمَرْأَةِ وَعُيُوبِهَا الَّتِي تَحْتَ ثِيَابِهَا وَالرَّضَاعُ عِنْدِي مِثْلُهُ لَا يَحِلُّ لِغَيْرِ ذِي مَحْرَمٍ أَوْ زَوْجٍ أَنْ يَتَعَمَّدَ أَنْ يَنْظُرَ إلَى ثَدْيِهَا وَلَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى رَضَاعِهَا بِغَيْرِ رُؤْيَةِ ثَدْيَيْهَا وَلَا يَجُوزُ مِنْ النِّسَاءِ عَلَى الرَّضَاعِ أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعِ حَرَائِرَ بَوَالِغ عُدُولٍ، وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا أَجَازَ شَهَادَتِهِنَّ فِي الدَّيْنِ جَعَلَ امْرَأَتَيْنِ يَقُومَانِ مَقَامَ رَجُلٍ، وَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ تُنْكِرُ الرَّضَاعَ فَكَانَتْ فِيهِنَّ أُمُّهَا أَوْ ابْنَتُهَا جُزْنَ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَتْ تَدَّعِي الرَّضَاعَ لَمْ يَجُزْ فِيهَا أُمُّهَا وَلَا أُمَّهَاتُهَا وَلَا ابْنَتُهَا وَلَا بَنَاتُهَا وَيَجُوزُ فِي ذَلِكَ شَهَادَتُهَا الَّتِي أَرْضَعَتْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهَا فِي ذَلِكَ وَلَا عَلَيْهَا مَا تَرُدُّ بِهِ شَهَادَتَهَا.
(قَالَ الْمُزَنِيّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَكَيْفَ تَجُوزُ شَهَادَتُهَا عَلَى فِعْلِهَا وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ أُمِّهَا وَأُمَّهَاتِهَا وَبَنَاتِهَا فَهُنَّ فِي شَهَادَتِهِنَّ عَلَى فِعْلِهَا أَجْوَزُ فِي الْقِيَاسِ مِنْ شَهَادَتِهَا عَلَى فِعْلِ نَفْسِهَا.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَيُوقَفْنَ حَتَّى يَشْهَدْنَ أَنْ قَدْ رَضَعَ الْمَوْلُودُ خَمْسَ رَضَعَاتٍ يَخْلُصْنَ كُلُّهُنَّ إلَى جَوْفِهِ وَتَسَعُهُنَّ الشَّهَادَةُ عَلَى هَذَا؛ لِأَنَّهُ ظَاهِرُ عِلْمِهِنَّ «وَذَكَرَتْ السَّوْدَاءُ أَنَّهَا أَرْضَعَتْ رَجُلًا وَامْرَأَةً تَنَاكَحَا فَسَأَلَ الرَّجُلُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ ذَلِكَ فَأَعْرَضَ فَقَالَ وَكَيْفَ وَقَدْ زَعَمْت السَّوْدَاءُ أَنَّهَا قَدْ أَرْضَعَتْكُمَا؟».
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): إعْرَاضُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ لَمْ يَرَ هَذَا شَهَادَةً تَلْزَمُهُ وَقَوْلُهُ «وَكَيْفَ وَقَدْ زَعَمَتْ السَّوْدَاءُ أَنَّهَا قَدْ أَرْضَعَتْكُمَا؟» يُشْبِهُ أَنْ يُكْرَهَ لَهُ أَنْ يُقِيمَ مَعَهَا وَقَدْ قِيلَ: إنَّهَا أُخْتُهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ وَهُوَ مَعْنَى مَا قُلْنَا يَتْرُكُهَا وَرَعًا لَا حُكْمًا.
وَلَوْ قَالَ رَجُلٌ: هَذِهِ أُخْتِي مِنْ الرَّضَاعَةِ أَوْ قَالَتْ: هَذَا أَخِي مِنْ الرَّضَاعَةِ وَكَذَّبَتْهُ أَوْ كَذَّبَهَا فَلَا يَحِلُّ لِوَاحِدٍ مِنْهَا أَنْ يَنْكِحَ الْآخَرَ، وَلَوْ أَقَرَّ بِذَلِكَ بَعْدَ عَقْدِ نِكَاحِهَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا فَإِنْ كَذَّبَتْهُ أَخَذَتْ نِصْفَ مَا سَمَّى لَهَا، وَلَوْ كَانَتْ هِيَ الْمُدَّعِيَةَ أَفْتَيْته أَنْ يَتَّقِيَ اللَّهَ وَيَدَعَ نِكَاحَهَا بِطَلْقَةٍ لِتَحِلَّ بِهَا لِغَيْرِهِ إنْ كَانَتْ كَاذِبَةً وَأُحَلِّفُهُ لَهَا فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ وَفَرَّقْت بَيْنَهُمَا.
بَابٌ: رَضَاعُ الْخُنْثَى
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إنْ كَانَ الْأَغْلَبُ مِنْ الْخُنْثَى أَنَّهُ رَجُلٌ نَكَحَ امْرَأَةً وَلَمْ يُنْزِلْ فَنَكَحَهُ رَجُلٌ فَإِذَا نَزَلَ لَهُ لَبَنٌ فَأَرْضَعَ بِهِ صَبِيًّا لَمْ يَكُنْ رَضَاعًا يُحَرِّمُ، وَإِنْ كَانَ الْأَغْلَبُ أَنَّهُ امْرَأَةٌ فَنَزَلَ لَهُ لَبَنٌ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ غَيْرِهِ فَأَرْضَعَ صَبِيًّا حَرُمَ، وَإِنْ كَانَ مُشْكَلًا فَلَهُ أَنْ يَنْكِحَ بِأَيِّهِمَا شَاءَ وَبِأَيِّهِمَا نَكَحَ بِهِ أَوَّلًا؛ أَجَزْته وَلَمْ أَجْعَلْ لَهُ يَنْكِحُ الْآخَرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute