للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلَى نَفْسِهِ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَتَبَيَّنَ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا أَنْ يُقِرَّ وَرَثَتُهُ. وَلَوْ قَالَ لَهُ مِنْ دَارِي هَذِهِ نِصْفُهَا فَإِنْ قَالَ هِبَةٌ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ أَضَافَهَا إلَى نَفْسِهِ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَتَبَيَّنَ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا أَنْ يُقِرَّ وَرَثَتُهُ. وَلَوْ قَالَ: لَهُ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ نِصْفُهَا لَزِمَهُ مَا أَقَرَّ بِهِ وَلَوْ قَالَ هَذِهِ الدَّارُ لَك هِبَةٌ عَارِيَّةٌ أَوْ هِبَةٌ سُكْنَى كَانَ لَهُ أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْهَا مَتَى شَاءَ. وَلَوْ أَقَرَّ لِلْمَيِّتِ بِحَقٍّ وَقَالَ هَذَا ابْنُهُ وَهَذِهِ امْرَأَتُهُ قُبِلَ مِنْهُ.

(قُلْت الْمُزَنِيّ): هَذَا خِلَافُ قَوْلِهِ فِيمَا مَضَى مِنْ الْإِقْرَارِ بِالْوَكَالَةِ فِي الْمَالِ وَهَذَا عِنْدِي أَصَحُّ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَوْ قَالَ: بِعْتُك جَارِيَتِي هَذِهِ فَأَوْلَدْتهَا. فَقَالَ: بَلْ زَوَّجْتنِيهَا وَهِيَ أَمَتُك فَوَلَدُهَا حُرٌّ وَالْأَمَةُ أُمُّ وَلَدٍ بِإِقْرَارِ السَّيِّدِ، وَإِنَّمَا ظَلَمَهُ بِالثَّمَنِ، وَيَحْلِفُ، وَيَبْرَأُ فَإِنْ مَاتَ فَمِيرَاثُهُ لِوَلَدِهِ مِنْ الْأَمَةِ وَوَلَاؤُهَا مَوْقُوفٌ. وَلَوْ قَالَ لَا أُقِرُّ، وَلَا أُنْكِرُ فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ حَلَفَ صَاحِبَهُ مَعَ نُكُولِهِ وَاسْتَحَقَّ. وَلَوْ قَالَ وَهَبْت لَك هَذِهِ الدَّارَ وَقَبَضْتهَا ثُمَّ قَالَ لَمْ تَكُنْ قَبَضْتهَا فَأَحْلِفُ أَحَلَفْته لَقَدْ قَبَضَهَا فَإِنْ نَكَلَ رَدَدْت الْيَمِينَ عَلَى صَاحِبِهِ وَرَدَدْتهَا إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا تَتِمُّ الْهِبَةُ إلَّا بِالْقَبْضِ عَنْ رِضَا الْوَاهِبِ. وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ بَاعَ عَبْدَهُ مِنْ نَفْسِهِ بِأَلْفٍ فَإِنْ صَدَّقَهُ الْعَبْدُ عَتَقَ وَالْأَلْفُ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَنْكَرَ فَهُوَ حُرٌّ وَالسَّيِّدُ مُدَّعِي الْأَلْفِ وَعَلَى الْمُنْكِرِ الْيَمِينُ. وَلَوْ أَقَرَّ لِرَجُلٍ بِذِكْرِ حَقٍّ مِنْ بَيْعٍ ثُمَّ قَالَ: لَمْ أَقْبِضْ الْمَبِيعَ أَحَلَفْته مَا قَبَضَ، وَلَا يَلْزَمُهُ الثَّمَنُ إلَّا بِالْقَبْضِ، وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدٌ عَلَى إقْرَارِهِ بِأَلْفٍ وَآخَرُ بِأَلْفَيْنِ فَإِنْ زَعَمَ الَّذِي شَهِدَ بِالْأَلْفِ أَنَّهُ شَكَّ فِي الْأَلْفَيْنِ وَأَثْبَتَ أَلْفًا فَقَدْ ثَبَتَ لَهُ أَلْفٌ بِشَاهِدَيْنِ فَإِنْ أَرَادَ الْأَلْفَ الْأُخْرَى حَلَفَ مَعَ شَاهِدِهِ وَكَانَتْ لَهُ. وَلَوْ قَالَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ وَقَالَ الْآخَرُ مِنْ ثَمَنِ ثِيَابٍ فَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْأَلْفَيْنِ غَيْرُ الْأَلْفِ فَلَا يَأْخُذُ إلَّا بِيَمِينٍ مَعَ كُلِّ شَاهِدٍ مِنْهُمَا.

وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ تَكَفَّلَ لَهُ بِمَالٍ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ وَأَنْكَرَ الْكُفُولُ لَهُ الْخِيَارَ فَمَنْ جَعَلَ الْإِقْرَارَ وَاحِدًا أَحْلَفَهُ عَلَى الْخِيَارِ وَأَبْرَأَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ بِخِيَارٍ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يُبَعِّضُ إقْرَارَهُ أَلْزَمَهُ مَا يَضُرُّهُ وَأَسْقَطَ مَا ادَّعَى الْمُخْرِجَ بِهِ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَوْلُهُ الَّذِي لَمْ يَخْتَلِفْ أَنَّ الْإِقْرَارَ وَاحِدٌ وَكَذَا قَالَ فِي الْمُتَبَايِعَيْنِ إذَا اخْتَلَفَا فِي الْخِيَارِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْبَائِعِ مَعَ يَمِينِهِ، وَقَدْ قَالَ إذَا أَقَرَّ بِشَيْءٍ فَوَصَفَهُ وَوَصَلَهُ قُبِلَ قَوْلُهُ، وَلَمْ أَجْعَلْ قَوْلًا وَاحِدًا إلَّا حُكْمًا وَاحِدًا، وَمَنْ قَالَ أَجْعَلُهُ فِي الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ مُقِرًّا وَفِي الْأَجَلِ مُدَّعِيًا لَزِمَهُ إذَا أَقَرَّ بِدِرْهَمٍ نَقْدُ الْبَلَدِ فَإِنْ وَصَلَ إقْرَارُهُ بِأَنْ يَقُولَ طَبَرِيٌّ جَعَلَهُ مُدَّعِيًا؛ لِأَنَّهُ ادَّعَى نَقْصًا مِنْ وَزْنِ الدِّرْهَمِ، وَمِنْ عَيْنِهِ وَلَزِمَهُ لَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إلَّا عَشَرَةً أَنْ يَلْزَمَهُ أَلْفًا وَلَهُ أَقَاوِيلُ كَذَا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ ضَمِنَ لَهُ عُهْدَةَ دَارٍ اشْتَرَاهَا وَخَلَاصَهَا وَاسْتُحِقَّتْ رَجَعَ بِالثَّمَنِ عَلَى الضَّامِنِ إنْ شَاءَ وَلَوْ أَقَرَّ أَعْجَمِيٌّ بِأَعْجَمِيَّةٍ كَانَ كَالْإِقْرَارِ بِالْعَرَبِيَّةِ وَلَوْ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِهِ، وَلَمْ يَقُولُوا بِأَنَّهُ صَحِيحُ الْعَقْلِ فَهُوَ عَلَى الصِّحَّةِ حَتَّى يَعْلَمَ غَيْرَهَا.

بَابُ إقْرَارِ الْوَارِثِ بِوَارِثٍ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - الَّذِي أَحْفَظُ مِنْ قَوْلِ الْمَدَنِيِّينَ فِيمَنْ تَرَكَ ابْنَيْنِ فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِأَخٍ أَنَّ نَسَبَهُ لَا يُلْحَقُ، وَلَا يَأْخُذُ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِمَعْنًى إذَا ثَبَتَ وَرِثَ وَوَرَّثَ فَلَمَّا لَمْ يَثْبُتْ بِذَلِكَ عَلَيْهِ حَتَّى لَمْ يَثْبُتْ لَهُ وَهَذَا أَصَحُّ مَا قِيلَ عِنْدَنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يُقِرَّ أَنَّهُ بَاعَ دَارًا مِنْ رَجُلٍ بِأَلْفٍ فَجَحَدَ الْمُقَرُّ لَهُ الْبَيْعَ فَلَمْ نُعْطِهِ الدَّارَ، وَإِنْ أَقَرَّ صَاحِبُهَا لَهُ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ إنَّهَا مِلْكٌ لَهُ إلَّا، وَمَمْلُوكٌ عَلَيْهِ بِهَا شَيْءٌ فَلَمَّا سَقَطَ أَنْ يَكُونَ مَمْلُوكًا عَلَيْهِ سَقَطَ الْإِقْرَارُ لَهُ فَإِنْ أَقَرَّ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ ثَبَتَ نَسَبُهُ وَوَرِثَ وَوَرَّثَ وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ابْنِ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ وَقَوْلُهُ «هُوَ لَك يَا عَبْدَ بْنَ زَمْعَةَ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ» وَقَالَ فِي الْمَرْأَةِ تَقْدُمُ مِنْ أَرْضِ الرُّومِ، وَمَعَهَا وَلَدٌ فَيَدَّعِيهِ رَجُلٌ بِأَرْضِ الْإِسْلَامِ أَنَّهُ ابْنُهُ، وَلَمْ يَكُنْ يَعْرِفُ أَنَّهُ خَرَجَ إلَى أَرْضِ الرُّومِ فَإِنَّهُ يُلْحَقُ بِهِ، وَإِذَا كَانَتْ لَهُ أَمَتَانِ لَا زَوْجَ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فَوَلَدَتَا وَلَدَيْنِ فَأَقَرَّ السَّيِّدُ أَنَّ أَحَدَهُمَا ابْنُهُ، وَلَمْ يُبَيِّنْ فَمَاتَ أَرَيْتُهُمَا الْقَافَةَ فَأَيَّهُمَا أَلْحَقُوهُ بِهِ جَعَلْنَاهُ ابْنَهُ وَوَرَّثْنَاهُ مِنْهُ وَجَعَلْنَا أُمَّهُ أُمَّ وَلَدٍ وَأَوْقَفْنَا ابْنَهُ الْآخَرَ وَأُمَّهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَافَةٌ لَمْ نَجْعَلْ وَاحِدًا مِنْهُمَا ابْنَهُ

<<  <   >  >>