للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَأَقْسَمَ وَرَثَتُهُ وَكَانَ لَهَا ثَمَنُ الْعَبْدِ وَإِنْ لَمْ يُقْسِمْ الْوَرَثَةُ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ وَلَا لَهَا شَيْءٌ إلَّا أَيْمَانُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ.

(قَالَ): وَلَوْ جُرِحَ رَجُلٌ فَمَاتَ أُبْطِلَتْ الْقَسَامَةُ؛ لِأَنَّ مَالَهُ فَيْءٌ، وَلَوْ كَانَ رَجَعَ إلَى الْإِسْلَامِ كَانَتْ فِيهِ الْقَسَامَةُ لِلْوَارِثِ، وَلَوْ جُرِحَ وَهُوَ عَبْدٌ فَعَتَقَ ثُمَّ مَاتَ حُرًّا وَجَبَتْ فِيهِ الْقَسَامَةُ لِوَرَثَتِهِ الْأَحْرَارِ وَلِسَيِّدِهِ الْمُعْتِقِ بِقَدْرِ مَا يَمْلِكُ فِي جِرَاحِهِ وَلَا تَجِبُ الْقَسَامَةُ فِي دُونِ النَّفْسِ وَلَوْ لَمْ يُقْسِمْ الْوَلِيُّ حَتَّى ارْتَدَّ فَأَقْسَمَ وُقِفَتْ الدِّيَةُ فَإِنْ رَجَعَ أَخَذَهَا وَإِنْ قُتِلَ كَانَتْ فَيْئًا وَالْأَيْمَانُ فِي الدِّمَاءِ مُخَالِفَةٌ لَهَا فِي الْحُقُوقِ وَهِيَ فِي جَمِيعِ الْحُقُوقِ يَمِينٌ وَفِي الدِّمَاءِ خَمْسُونَ يَمِينًا، وَقَالَ فِي كِتَابِ الْعَمْدِ: وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ قَتَلَ أَبَاهُ عَمْدًا فَقَالَ: بَلْ خَطَأً فَالدِّيَةُ عَلَيْهِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ مَا قَتَلَهُ إلَّا خَطَأً فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعِي لِقَتْلِهِ عَمْدًا وَكَانَ لَهُ الْقَوَدُ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) هَذَا الْقِيَاسُ عَلَى أَقَاوِيلِهِ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَغَيْرِهِمَا فِي النُّكُولِ وَرَدِّ الْيَمِينِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَسَوَاءٌ فِي النُّكُولِ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ وَغَيْرُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَيَلْزَمُهُ مِنْهَا فِي مَالِهِ مَا يَلْزَمُ غَيْرَ الْمَحْجُورِ وَالْجِنَايَةُ خِلَافُ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: كَيْفَ يَحْلِفُونَ عَلَى مَا لَا يَعْلَمُونَ؟ قِيلَ: فَأَنْتُمْ تَقُولُونَ: لَوْ أَنَّ ابْنَ عِشْرِينَ سَنَةً رُئِيَ بِالْمَشْرِقِ اشْتَرَى عَبْدًا ابْنَ مِائَةِ سَنَةٍ رُئِيَ بِالْمَغْرِبِ فَبَاعَهُ مِنْ سَاعَتِهِ فَأَصَابَ بِهِ الْمُشْتَرِي عَيْبًا أَنَّ الْبَائِعَ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ لَقَدْ بَاعَهُ إيَّاهُ وَمَا بِهِ هَذَا الْعَيْبُ وَلَا عِلْمَ لَهُ بِهِ وَاَلَّذِي قُلْنَا قَدْ يَصِحُّ عِلْمُهُ بِمَا وَصَفْنَا.

بَابُ مَا يَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ أَنْ يَعْلَمَهُ مِنْ الَّذِي لَهُ الْقَسَامَةُ وَكَيْفَ يُقْسِمُ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَيَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ لَهُ مَنْ قَتَلَ صَاحِبَك؟ فَإِنْ قَالَ: فُلَانٌ، قَالَ: وَحْدَهُ؟ فَإِنْ قَالَ: نَعَمْ؛ قَالَ: عَمْدًا أَوْ خَطَأً؟ فَإِنْ قَالَ: عَمْدًا، سَأَلَهُ: وَمَا الْعَمْدُ؟ فَإِنْ وَصَفَ مَا فِي مِثْلِهِ الْقِصَاصُ أُحْلِفَ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ وَصَفَ مِنْ الْعَمْدِ مَا لَا يَجِبُ فِيهِ الْقِصَاصُ لَمْ يُحَلِّفْهُ عَلَيْهِ وَالْعَمْدُ فِي مَالِهِ وَالْخَطَأُ عَلَى عَاقِلَتِهِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، فَإِنْ قَالَ: قَتَلَهُ فُلَانٌ وَنَفَرٌ مَعَهُ لَمْ يُحَلِّفْهُ حَتَّى يُسَمِّيَ النَّفَرَ أَوْ عَدَدَهُمْ إنْ لَمْ يَعْرِفْهُمْ، وَلَوْ أَحْلَفَهُ قَبْلَ أَنْ يَسْأَلَهُ عَنْ هَذَا وَلَمْ يَقُلْ لَهُ عَمْدًا وَلَا خَطَأً أَعَادَ عَلَيْهِ عَدَدَ الْأَيْمَانِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): يُحَلَّفُ وَارِثُ الْقَتِيلِ عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِمْ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى زَوْجًا أَوْ زَوْجَةً فَإِنْ تَرَكَ ابْنَيْنِ كَبِيرًا وَصَغِيرًا أَوْ غَائِبًا وَحَاضِرًا أَكْذَبَ أَخَاهُ وَأَرَادَ الْآخَرُ الْيَمِينَ قِيلَ لَهُ: لَا تَسْتَوْجِبُ شَيْئًا مِنْ الدِّيَةِ إلَّا بِخَمْسِينَ يَمِينًا فَإِنْ شِئْت فَاحْلِفْ خَمْسِينَ يَمِينًا وَخُذْ مِنْ الدِّيَةِ مُورَثَك وَإِنْ امْتَنَعْت فَدَعْ حَتَّى يَحْضُرَ مَعَك وَارِثٌ تُقْبَلُ يَمِينُهُ فَيَحْلِفَانِ خَمْسِينَ يَمِينًا، فَإِنْ تَرَكَ ثَلَاثَةَ بَنِينَ حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ سَبْعَ عَشْرَةَ يَمِينًا يُجْبَرُ عَلَيْهِمْ كَسْرُ الْيَمِينِ فَإِنْ تَرَكَ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسِينَ ابْنًا حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَمِينًا يُجْبِرُ الْكَسْرَ مِنْ الْأَيْمَانِ، وَمَنْ مَاتَ مِنْ الْوَرَثَةِ قَبْلَ أَنْ يُقْسِمَ قَامَ وَرَثَتُهُ مَقَامَهُ بِقَدْرِ مَوَارِيثِهِمْ وَلَوْ لَمْ يَتِمَّ الْقَسَامَةُ حَتَّى مَاتَ ابْتَدَأَ وَارِثُهُ الْقَسَامَةَ وَلَوْ غُلِبَ عَلَى عَقْلِهِ ثُمَّ أَفَاقَ بَنَى؛ لِأَنَّهُ حَلَفَ لِجَمِيعِهَا.

بَابُ مَا يُسْقِطُ الْقَسَامَةَ مِنْ الِاخْتِلَافِ أَوْ لَا يُسْقِطُهَا

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَلَوْ ادَّعَى أَحَدُ الِابْنَيْنِ عَلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الْمَحَلَّةِ أَنَّهُ قَتَلَ أَبَاهُ وَحْدَهُ وَقَالَ الْآخَرُ وَهُوَ عَدْلٌ: مَا قَتَلَهُ بِأَنَّهُ كَانَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي قُتِلَ فِيهِ بِبَلَدٍ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَصِلَ إلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَفِيهَا قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا أَنَّ لِلْمُدَّعِي أَنْ يُقْسِمَ خَمْسِينَ يَمِينًا وَيَسْتَحِقَّ نِصْفَ الدِّيَةِ.

وَالثَّانِي:

<<  <   >  >>