للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خَطَأٌ عَلَى عَاقِلَتِهِمَا فَهَلَّا أَقَدْت مِنْ الْأَجْنَبِيِّ إذَا قَتَلَ عَمْدًا مَعَ الْأَبِ؛ لِأَنَّ الْقَلَمَ عَنْ الْأَبِ لَيْسَ بِمَرْفُوعٍ وَهَذَا تَرْكُ أَصْلِك.

(قَالَ الْمُزَنِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -) قَدْ شَرِكَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ فِيمَا أَنْكَرَ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ؛ لِأَنَّ رَفْعَ الْقِصَاصِ عَنْ الْخَاطِئِ وَالْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ وَاحِدٌ، فَكَذَلِكَ حُكْمُ مَنْ شَارَكَهُمْ بِالْعَمْدِ وَاحِدٌ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَلَوْ قَتَلَ أَحَدُ الْوَلِيَّيْنِ الْقَاتِلَ بِغَيْرِ أَمْرِ صَاحِبِهِ فَفِيهَا قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ لَا قِصَاصَ بِحَالٍ لِلشُّبْهَةِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا} يَحْتَمِلُ أَيَّ وَلِيٍّ قَتَلَ كَانَ أَحَقَّ بِالْقَتْلِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ يُنْزِلُونَهُ مَنْزِلَةَ الْحَدِّ لَهُمْ عَنْ أَبِيهِمْ إنْ عَفَوْا إلَّا وَاحِدًا كَانَ لَهُ أَنْ يَحُدَّهُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَجْهَلُ عُزِّرَ وَقِيلَ لِلْوُلَاةِ مَعَهُ: لَكُمْ حِصَصُكُمْ، وَالْقَوْلُ مِنْ أَيْنَ يَأْخُذُونَهَا وَاحِدٌ مِنْ قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا لَهُمْ مِنْ مَالِ الْقَاتِلِ يَرْجِعُ بِهَا وَرَثَةُ الْقَاتِلِ فِي مَالِ قَاتِلِهِ. وَمَنْ قَالَ هَذَا - قَالَ: فَإِنْ عَفَوْا عَنْ الْقَاتِلِ الدِّيَةَ رَجَعَ وَرَثَةُ قَاتِلِ الْمَقْتُولِ عَلَى قَاتِلِ صَاحِبِهِمْ بِحِصَّةِ الْوَرَثَةِ مَعَهُ مِنْ الدِّيَةِ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي فِي حِصَصِهِمْ أَنَّهَا لَهُمْ فِي مَالِ أَخِيهِمْ الْقَاتِلِ قَاتِلَ أَبِيهِمْ؛ لِأَنَّ الدِّيَةَ إنَّمَا كَانَتْ تَلْزَمُهُ لَوْ كَانَ لَمْ يَقْتُلْهُ وَلِيٌّ، فَإِذَا قَتَلَهُ وَلِيٌّ فَلَا يَجْتَمِعُ عَلَيْهِ الْقَتْلُ وَالْغُرْمُ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ عَلَى مَنْ قَتَلَ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ قَاتِلَ أَبِيهِ الْقِصَاصَ حَتَّى يَجْتَمِعُوا عَلَى الْقَتْلِ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَأَصْلُ قَوْلِهِ أَنَّ الْقَاتِلَ لَوْ مَاتَ كَانَتْ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَلَيْسَ تَعَدِّي أَخِيهِ بِمُبْطِلٍ حَقَّهُ وَلَا بِمُزِيلِهِ عَمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ وَلَا قَوَدَ لِلشُّبْهَةِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَوْ قَطَعَ يَدَهُ مِنْ مَفْصِلِ الْكُوعِ فَلَمْ يَبْرَأْ حَتَّى قَطَعَهَا آخَرُ مِنْ الْمَرْفِقِ ثُمَّ مَاتَ فَعَلَيْهِمَا الْقَوَدُ يُقْطَعُ قَاطِعُ الْكَفِّ مِنْ الْكُوعِ وَيَدُ الْآخَرِ مِنْ الْمَرْفِقِ ثُمَّ يَقْتُلَانِ؛ لِأَنَّ أَلَمَ الْقَطْعِ الْأَوَّلِ وَاصِلٌ إلَى الْجَسَدِ كُلِّهِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا تَشَاحَّ الْوُلَاةُ قِيلَ لَهُمْ: لَا يَقْتُلُهُ إلَّا وَاحِدٌ مِنْكُمْ فَإِنْ سَلَّمْتُمْ لِوَاحِدٍ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ جَازَ وَقَتَلَهُ وَإِنْ تَشَاحَحْتُمْ أَقْرَعْنَا بَيْنَكُمْ فَأَيُّكُمْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ خَلَّيْنَاهُ وَقَتْلَهُ، وَيَضْرِبُ بِأَصْرَمِ سَيْفٍ وَأَشَدِّ ضَرْبٍ.

بَابُ الْقِصَاصِ بِغَيْرِ السَّيْفِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَإِنْ طَرَحَهُ فِي نَارٍ حَتَّى يَمُوتَ طُرِحَ فِي النَّارِ حَتَّى يَمُوتَ، وَإِنْ ضَرَبَهُ بِحَجَرٍ فَلَمْ يُقْلِعْ عَنْهُ حَتَّى مَاتَ أُعْطِيَ وَلِيُّهُ حَجَرًا مِثْلَهُ فَقَتَلَهُ بِهِ، وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: إنْ لَمْ يَمُتْ مِنْ عَدَدِ الضَّرْبِ قُتِلَ بِالسَّيْفِ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) هَكَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْمَحْبُوسِ بِلَا طَعَامٍ وَلَا شَرَابٍ حَتَّى مَاتَ: إنَّهُ يُحْبَسُ فَإِنْ لَمْ يَمُتْ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ قُتِلَ بِالسَّيْفِ، وَكَذَا قَالَ: لَوْ غَرَّقَهُ فِي الْمَاءِ وَكَذَلِكَ يُلْقِيهِ فِي مَهْوَاةٍ فِي الْبُعْدِ أَوْ مِثْلِ سُدَّةِ الْأَرْضِ وَكَذَا عَدَدُ الضَّرْبِ بِالصَّخْرَةِ فَإِنْ مَاتَ وَإِلَّا ضُرِبَتْ عُنُقُهُ فَالْقِيَاسُ عَلَى مَا مَضَى فِي أَوَّلِ الْبَابِ أَنْ يَمْنَعَهُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ حَتَّى يَمُوتَ كَمَا قَالَ فِي النَّارِ وَالْحَجَرِ وَالْخَنْقِ بِالْحَبْلِ حَتَّى يَمُوتَ إذَا كَانَ مَا صَنَعَ بِهِ مِنْ الْمُتْلِفِ الْحَيَّ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ قَطَعَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ فَمَاتَ فَعَلَ بِهِ الْوَلِيُّ مَا فَعَلَ بِصَاحِبِهِ فَإِنْ مَاتَ وَإِلَّا قُتِلَ بِالسَّيْفِ وَلَوْ كَانَ أَجَافَهُ أَوْ قَطَعَ ذِرَاعَهُ فَمَاتَ كَانَ لِوَلِيِّهِ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ بِهِ عَلَى أَنْ يَقْتُلَهُ، فَأَمَّا عَلَى أَنْ لَا يَقْتُلَهُ فَلَا يُتْرَكُ وَإِيَّاهُ.

(وَقَالَ) فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فِيهَا قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: هَذَا، وَالْآخَرُ: لَا نَقُصُّهُ مِنْ ذَلِكَ بِحَالٍ لَعَلَّهُ إذَا فَعَلَ ذَلِكَ بِهِ أَنْ يَدَعَ قَتْلَهُ فَيَكُونَ قَدْ عَذَّبَهُ بِمَا لَيْسَ فِي مِثْلِهِ قِصَاصٌ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَدْ أَبَى أَنْ يُوَالِيَ عَلَيْهِ بِالْجَوَائِفِ كَمَا وَالَى عَلَيْهِ بِالنَّارِ

<<  <   >  >>