للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مُخْتَصَرٌ مِنْ الرَّجْعَةِ مِنْ الْجَامِعِ مِنْ كِتَابِ الرَّجْعَةِ مِنْ الطَّلَاقِ وَمِنْ أَحْكَامِ الْقُرْآنِ وَمِنْ كِتَابِ الْعِدَدِ وَمِنْ الْقَدِيمِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْمُطَلَّقَاتِ {فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} وَقَالَ تَعَالَى {فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} فَدَلَّ سِيَاقُ الْكَلَامِ عَلَى افْتِرَاقِ البلوغين فَأَحَدُهُمَا مُقَارَبَةُ بُلُوغِ الْأَجَلِ فَلَهُ إمْسَاكُهَا أَوْ تَرْكُهَا فَتُسَرَّحُ بِالطَّلَاقِ الْمُتَقَدِّمِ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: إذَا قَارَبْت الْبَلَدَ تُرِيدُهُ قَدْ بَلَغْت كَمَا تَقُولُ: إذَا بَلَغْته وَالْبُلُوغُ الْآخَرُ انْقِضَاءُ الْأَجَلِ.

(قَالَ): وَلِلْعَبْدِ مِنْ الرَّجْعَةِ بَعْدَ الْوَاحِدَةِ مَا لِلْحُرِّ بَعْدَ الثِّنْتَيْنِ كَانَتْ تَحْتَهُ حُرَّةً أَوْ أَمَةً، وَالْقَوْلُ فِيمَا يُمْكِنُ فِيهِ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ قَوْلُهَا وَهِيَ مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ تَحْرِيمَ الْمَبْتُوتَةِ حَتَّى تُرَاجَعَ وَطَلَّقَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ امْرَأَتَهُ وَكَانَتْ طَرِيقُهُ إلَى الْمَسْجِدِ عَلَى مَسْكَنِهَا فَكَانَ يَسْلُكُ الطَّرِيقَ الْأُخْرَى كَرَاهِيَةَ أَنْ يَسْتَأْذِنَ عَلَيْهَا حَتَّى رَاجَعَهَا وَقَالَ عَطَاءٌ: لَا يَحِلُّ لَهُ مِنْهَا شَيْءٌ أَرَادَ ارْتِجَاعَهَا أَوْ لَمْ يُرِدْهُ مَا لَمْ يُرَاجِعْهَا، وَقَالَ عَطَاءٌ وَعَبْدُ الْكَرِيمِ: لَا يَرَاهَا فَضْلًا.

(قَالَ): وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ نِكَاحٌ وَلَا طَلَاقٌ إلَّا بِكَلَامٍ فَلَا تَكُونُ الرَّجْعَةُ إلَّا بِكَلَامٍ وَالْكَلَامُ بِهَا أَنْ يَقُولَ: قَدْ رَاجَعْتهَا أَوْ ارْتَجَعْتهَا أَوْ رَدَدْتهَا إلَيَّ فَإِنْ جَامَعَهَا يَنْوِي الرَّجْعَةَ أَوْ لَا يَنْوِيهَا فَهُوَ جِمَاعُ شُبْهَةٍ وَيُعَزَّرَانِ إنْ كَانَا عَالِمَيْنِ وَلَهَا صَدَاقُ مِثْلِهَا وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ، وَلَوْ كَانَتْ اعْتَدَّتْ بِحَيْضَتَيْنِ ثُمَّ أَصَابَهَا ثُمَّ تَكَلَّمَ بِالرَّجْعَةِ قَبْلَ أَنْ تَحِيضَ الثَّالِثَةَ فَهِيَ رَجْعَةٌ وَإِنْ كَانَتْ بَعْدَهَا فَلَيْسَتْ بِرَجْعَةٍ، وَقَدْ انْقَضَتْ مِنْ يَوْمِ طَلَّقَهَا الْعِدَّةُ وَلَا تَحِلُّ لِغَيْرِهِ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا مِنْ يَوْمِ مَسَّهَا.

وَلَوْ أَشْهَدَ عَلَى رَجْعَتِهَا وَلَمْ تَعْلَمْ بِذَلِكَ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَتَزَوَّجَتْ فَنِكَاحُهَا مَفْسُوخٌ وَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا إنْ كَانَ مَسَّهَا الْآخَرُ وَهِيَ زَوْجَةُ الْأَوَّلِ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إذَا أَنْكَحَ الْوَلِيَّانِ فَالْأَوَّلُ أَحَقُّ» وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: هِيَ امْرَأَةُ الْأَوَّلِ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَإِنْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً لَمْ يُفْسَخْ نِكَاحُ الْآخَرِ، وَلَوْ ارْتَجَعَ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَأَقَرَّتْ بِذَلِكَ فَهِيَ رَجْعَةٌ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُشْهِدَ.

وَلَوْ قَالَ: قَدْ رَاجَعْتُك قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِك وَقَالَتْ بَعْدُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا مَعَ يَمِينِهَا، وَلَوْ خَلَا بِهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا، وَقَالَ قَدْ: أَصَبْتُك وَقَالَتْ: لَمْ يُصِبْنِي فَلَا رَجْعَةَ، وَلَوْ قَالَتْ: أَصَابَنِي وَأَنْكَرَ فَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ بِإِقْرَارِهَا وَلَا رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا بِإِقْرَارِهِ، وَسَوَاءٌ طَالَ مَقَامُهُ أَوْ لَمْ يُطِلْ لَا تَجِبُ الْعِدَّةُ وَكَمَالُ الْمَهْرِ إلَّا بِالْمَسِيسِ نَفْسِهِ، وَلَوْ قَالَ: ارْتَجَعْتُك الْيَوْمَ، وَقَالَتْ: انْقَضَتْ عِدَّتِي قَبْلَ رَجْعَتِك صَدَّقْتهَا إلَّا أَنْ تُقِرَّ بَعْدَ ذَلِكَ فَتَكُونُ كَمَنْ جَحَدَ حَقًّا ثُمَّ أَقَرَّ بِهِ (قَالَ الْمُزَنِيّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - إنْ لَمْ يُقِرَّا جَمِيعًا وَلَا أَحَدُهُمَا بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ حَتَّى ارْتَجَعَ الزَّوْجُ وَصَارَتْ امْرَأَتَهُ فَلَيْسَ لَهَا عِنْدِي نَقْضُ مَا ثَبَتَ عَلَيْهَا لَهُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَوْ ارْتَدَّتْ بَعْدَ طَلَاقِهِ فَارْتَجَعَهَا مُرْتَدَّةً فِي الْعِدَّةِ لَمْ تَكُنْ رَجْعَةً؛ لِأَنَّهَا تَحْلِيلٌ فِي حَالِ التَّحْرِيمِ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِيهَا نَظَرٌ وَأَشْبَهُ بِقَوْلِهِ عِنْدِي أَنْ تَكُونَ رَجْعَةً مَوْقُوفَةً فَإِنْ جَمَعَهُمَا الْإِسْلَامُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ عَلِمْنَا أَنَّهُ رَجْعَةٌ وَإِنْ لَمْ يَجْمَعْهُمَا الْإِسْلَامُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ عَلِمْنَا أَنَّهُ لَا رَجْعَةَ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ مِنْ حِينِ ارْتَدَّتْ كَمَا نَقُولُ فِي الطَّلَاقِ إذَا طَلَّقَهَا مُرْتَدَّةً أَوْ وَثَنِيَّةً فَجَمَعَهُمَا الْإِسْلَامُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ عَلِمْنَا أَنَّ الطَّلَاقَ كَانَ وَاقِعًا وَكَانَتْ الْعِدَّةُ مِنْ حِينِ وَقَعَ الطَّلَاقُ وَإِنْ لَمْ يَجْمَعْهُمَا الْإِسْلَامُ فِي الْعِدَّةِ بَطَلَ الطَّلَاقُ وَكَانَتْ الْعِدَّةُ مِنْ حِينِ أَسْلَمَ مُتَقَدِّمَ الْإِسْلَامِ.

<<  <   >  >>