بَابُ عَقْلِ مَنْ لَا يُعْرَفُ نَسَبُهُ وَعَقْلِ أَهْلِ الذِّمَّةِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): إذَا كَانَ الْجَانِي نُوبِيًا فَلَا عَقْلَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ النُّوبَةِ حَتَّى يَكُونُوا يُثْبِتُونَ أَنْسَابَهُمْ إثْبَاتَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ وَكَذَلِكَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْ قَبِيلَةٍ أَعْجَمِيَّةٍ أَوْ الْقِبْطِ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَاءٌ يُعْلَمُ فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ لِمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ مِنْ وِلَايَةِ الدِّينِ، وَإِنَّهُمْ يَأْخُذُونَ مَالَهُ إذَا مَاتَ وَمَنْ انْتَسَبَ إلَى نَسَبٍ فَهُوَ مِنْهُ إلَّا أَنْ تَثْبُتَ بَيِّنَةٌ بِخِلَافِ ذَلِكَ وَلَا يُدْفَعُ نَسَبٌ بِالسَّمَاعِ وَإِذَا حَكَمْنَا عَلَى أَهْلِ الْعَهْدِ أَلْزَمْنَا عَوَاقِلَهُمْ الَّذِينَ تَجْرِي أَحْكَامُنَا عَلَيْهِمْ فَإِنْ كَانُوا أَهْلَ حَرْبٍ لَا يَجْرِي حُكْمُنَا عَلَيْهِمْ أَلْزَمْنَا الْجَانِيَ ذَلِكَ وَلَا يُقْضَى عَلَى أَهْلِ دِينِهِ إذَا لَمْ يَكُونُوا عَصَبَةً؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَرِثُونَهُ وَلَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ لِقَطْعِ الْوِلَايَةِ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَا يَأْخُذُونَ مَالَهُ عَلَى الْمِيرَاثِ إنَّمَا يَأْخُذُونَهُ فَيْئًا.
بَابُ وَضْعِ الْحَجَرِ حَيْثُ لَا يَجُوزُ وَضْعُهُ وَمَيْلِ الْحَائِطِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ وَضَعَ حَجَرًا فِي أَرْضٍ لَا يَمْلِكُهَا وَآخَرُ حَدِيدَةً فَتَعَلَّقَ رَجُلٌ بِالْحَجَرِ فَوَقَعَ عَلَى الْحَدِيدَةِ فَمَاتَ فَعَلَى وَاضِعِ الْحَجَرِ؛ لِأَنَّهُ كَالدَّافِعِ، وَلَوْ حَفَرَ فِي صَحْرَاءَ أَوْ طَرِيقٍ وَاسِعٍ مُحْتَمَلٍ فَمَاتَ بِهِ إنْسَانٌ أَوْ مَالَ حَائِطٌ مِنْ دَارِهِ فَوَقَعَ عَلَى إنْسَانٍ فَمَاتَ فَلَا شَيْءَ فِيهِ وَإِنْ أَشْهَدَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ وَضَعَهُ فِي مِلْكِهِ وَالْمَيْلُ حَادِثٌ مِنْ غَيْرِ فِعْلِهِ وَقَدْ أَسَاءَ بِتَرْكِهِ وَمَا وَضَعَهُ فِي مِلْكِهِ فَمَاتَ بِهِ إنْسَانٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
(قَالَ الْمُزَنِيّ) وَإِنْ تَقَدَّمَ إلَيْهِ الْوَالِي فِيهِ أَوْ غَيْرُهُ فَلَمْ يَهْدِمْهُ حَتَّى وَقَعَ عَلَى إنْسَانٍ فَقَتَلَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ عِنْدِي فِي قِيَاسِ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ.
بَابُ دِيَةِ الْجَنِينِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فِي الْجَنِينِ الْمُسْلِمِ بِأَبَوَيْهِ أَوْ بِأَحَدِهِمَا غُرَّةٌ وَأَقَلُّ مَا يَكُونُ بِهِ جَنِينًا أَنْ يُفَارِقَ الْمُضْغَةَ وَالْعَلَقَةَ حَتَّى يَتَبَيَّنَ مِنْهُ شَيْءٌ مِنْ خَلْقٍ آدَمِيٍّ أُصْبُعٌ أَوْ ظُفُرٌ أَوْ عَيْنٌ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِذَا أَلْقَتْهُ مَيِّتًا فَسَوَاءٌ كَانَ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى.
(قَالَ الْمُزَنِيّ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَمَتَهُ إذَا أَلْقَتْ مِنْهُ دَمًا أَنْ لَا تَكُونَ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْهُ هَهُنَا وَلَدًا وَقَدْ جَعَلَهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَكَانِ وَلَدًا وَهَذَا عِنْدِي أَوْلَى مِنْ ذَلِكَ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَكَذَلِكَ إنْ أَلْقَتْهُ مِنْ الضَّرْبِ بَعْدَ مَوْتِهَا فَفِيهِ غُرَّةٌ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ تُوَرَّثُ كَمَا لَوْ خَرَجَ حَيًّا فَمَاتَ؛ لِأَنَّهُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ دُونَ أُمِّهِ وَعَلَيْهِ عِتْقُ رَقَبَةٍ وَلَا شَيْءَ لَهَا فِي الْأُمِّ وَلِمَنْ وَجَبَتْ لَهُ الْغُرَّةُ أَنْ لَا يَقْبَلَهَا دُونَ سَبْعِ سِنِينَ أَوْ ثَمَانِ سِنِينَ؛ لِأَنَّهَا لَا تَسْتَغْنِي بِنَفْسِهَا دُونَ هَذَيْنِ السِّنَّيْنِ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ أُمِّهَا فِي الْبَيْعِ إلَّا فِي هَذَيْنِ السِّنَّيْنِ فَأَعْلَى وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَقْبَلَهَا مَعِيبَةً وَلَا خَصِيًّا؛ لِأَنَّهُ نَاقِصٌ عَنْ الْغُرَّةِ وَإِنْ زَادَ ثَمَنُهَا بِالْخِصَاءِ وَقِيمَتُهَا إذَا كَانَ الْجَنِينُ حُرًّا مُسْلِمًا نِصْفُ عُشْرِ دِيَةِ مُسْلِمٍ وَإِنْ كَانَ نَصْرَانِيًّا أَوْ مَجُوسِيًّا فَنِصْفُ عُشْرِ دِيَةِ نَصْرَانِيٍّ أَوْ مَجُوسِيٍّ، وَإِنْ كَانَتْ أُمُّهُ مَجُوسِيَّةً وَأَبُوهُ نَصْرَانِيًّا أَوْ أُمُّهُ نَصْرَانِيَّةً وَأَبُوهُ مَجُوسِيًّا فَدِيَةُ الْجَنِينِ فِي أَكْثَرِ أَبْوَابِهِ نِصْفُ عُشْرِ دِيَةِ نَصْرَانِيٍّ، وَلَوْ جَنَى عَلَى أَمَةٍ حَامِلٍ فَلَمْ تُلْقِ جَنِينَهَا حَتَّى عَتَقَتْ أَوْ عَلَى ذِمِّيَّةٍ فَلَمْ تُلْقِ جَنِينَهَا حَتَّى أَسْلَمَتْ فَفِيهِ غُرَّةٌ؛ لِأَنَّهُ جَنَى عَلَيْهَا وَهِيَ مَمْنُوعَةٌ (وَقَالَ) فِي كِتَابِ الدِّيَاتِ وَالْجِنَايَاتِ: وَلَا أَعْرِفُ أَنْ يُدْفَعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute