بَابُ دَعْوَى الْأَعَاجِمِ وِلَادَةَ الشِّرْكِ وَالطِّفْلُ يَسْلَمُ أَحَدُ أَبَوَيْهِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا ادَّعَى الْأَعَاجِمُ وِلَادَةً بِالشِّرْكِ فَإِنْ جَاءُونَا مُسْلِمِينَ لَا وَلَاءَ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِعِتْقٍ قَبِلْنَا دَعْوَاهُمْ كَمَا قَبِلْنَا غَيْرَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ وَإِنْ كَانُوا مَسْبِيِّينَ عَلَيْهِمْ رِقٌّ أَوْ أَعْتَقُوا فَثَبَتَ عَلَيْهِمْ وَلَاءٌ لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ عَلَى وِلَادَةٍ مَعْرُوفَةٍ قَبْلَ السَّبْيِ وَهَكَذَا أَهْلُ حِصْنٍ وَمَنْ يُحْمَلُ إلَيْنَا مِنْهُمْ.
وَإِذَا أَسْلَمَ أَحَدُ أَبَوَيْ الطِّفْلِ أَوْ الْمَعْتُوهِ كَانَ مُسْلِمًا؛ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَعْلَى الْإِسْلَامَ عَلَى الْأَدْيَانِ وَالْأَعْلَى أَوْلَى أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ لَهُ مَعَ أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَعْنَى قَوْلِنَا وَيَرْوِي عَنْ الْحَسَنِ وَغَيْرِهِ.
بَابُ مَتَاعِ الْبَيْتِ يَخْتَلِفُ فِيهِ الزَّوْجَانِ
مِنْ كِتَابِ اخْتِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ يَسْكُنَانِهِ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا أَوْ بَعْدَمَا تَفَرَّقَا كَانَ الْبَيْتُ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا أَوْ يَمُوتَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا فَيَخْتَلِفُ فِي ذَلِكَ وَرَثَتُهُمَا فَمَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى شَيْءٍ فَهُوَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً فَالْقِيَاسُ الَّذِي لَا يُعْذَرُ أَحَدٌ عِنْدِي بِالْغَفْلَةِ عَنْهُ عَلَى الْإِجْمَاعِ أَنَّ هَذَا الْمَتَاعَ بِأَيْدِيهِمَا جَمِيعًا فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ. وَقَدْ يَمْلِكُ الرَّجُلُ مَتَاعَ الْمَرْأَةِ وَتَمْلِكُ الْمَرْأَةُ مَتَاعَ الرَّجُلِ وَلَوْ اسْتَعْمَلْت الظُّنُونَ عَلَيْهِمَا لَحَكَمْت فِي عَطَّارٍ وَدَبَّاغٍ يَتَنَازَعَانِ عِطْرًا وَدِبَاغًا فِي أَيْدِيهِمَا بِأَنْ أَجْعَلَ لِلْعَطَّارِ الْعِطْرَ وَلِلدَّبَّاغِ الدِّبَاغَ وَلَحَكَمْت فِيمَا يَتَنَازَعُ فِيهِ مُعْسِرٌ وَمُوسِرٌ مِنْ لُؤْلُؤٍ بِأَنْ أَجْعَلَهُ لِلْمُوسِرِ وَلَا يَجُوزُ الْحُكْمُ بِالظُّنُونِ.
بَابُ أَخْذِ الرَّجُلِ حَقَّهُ مِمَّنْ يَمْنَعُهُ إيَّاهُ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): «وَكَانَتْ هِنْدُ زَوْجَةً لِأَبِي سُفْيَانَ وَكَانَتْ الْقَيِّمَ عَلَى وَلَدِهَا لِصِغَرِهِمْ بِأَمْرِ زَوْجِهَا فَأَذِنَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا شَكَتْ إلَيْهِ أَنْ تَأْخُذَ مِنْ مَالِهِ مَا يَكْفِيهَا وَوَلَدَهَا بِالْمَعْرُوفِ» فَمِثْلُهَا الرَّجُلُ يَكُونُ لَهُ الْحَقُّ عَلَى الرَّجُلِ فَيَمْنَعُهُ إيَّاهُ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِهِ حَيْثُ وَجَدَهُ بِوَزْنِهِ أَوْ كَيْلِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِثْلٌ كَانَتْ قِيمَتُهُ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ لَهُ مَالًا بَاعَ عَرَضَهُ وَاسْتَوْفَى مِنْ ثَمَنِهِ حَقَّهُ.
فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَدِّ إلَى مَنْ ائْتَمَنَك وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَك» قِيلَ: إنَّهُ لَيْسَ بِثَابِتٍ وَلَوْ كَانَ ثَابِتًا لَمْ تَكُنْ الْخِيَانَةُ مَا أَذِنَ بِأَخْذِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنَّمَا الْخِيَانَةُ أَنْ آخُذَ لَهُ دِرْهَمًا بَعْدَ اسْتِيفَائِهِ دِرْهَمِي فَأَخُونَهُ بِدِرْهَمٍ كَمَا خَانَنِي فِي دِرْهَمِي فَلَيْسَ لِي أَنْ أَخُونَهُ بِأَخْذِ مَا لَيْسَ لِي وَإِنْ خَانَنِي.
بَابُ عِتْقِ الشِّرْكِ فِي الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ وَالْوَصَايَا فِي الْعِتْقِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ وَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ قِيمَةَ الْعَبْدِ قَوَّمَ عَلَيْهِ قِيمَةَ عَدْلٍ وَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ وَعَتَقَ الْعَبْدَ وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ، وَهَكَذَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ