يَدَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهُمَا فِي الْإِنَاءِ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِمَا قَذَرٌ وَغَسَلَ ذِرَاعَيْهِ مَرَّةً مَرَّةً وَمَسَحَ بَعْضَ رَأْسِهِ بِيَدِهِ أَوْ بِبَعْضِهَا مَا لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مَنَابِتِ شَعْرِ رَأْسِهِ أَجْزَأَهُ وَاحْتَجَّ بِأَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ وَعَلَى عِمَامَتِهِ» (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَالنَّزْعَتَانِ مِنْ الرَّأْسِ وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ مَرَّةً مَرَّةً وَعَمَّ بِكُلِّ مَرَّةٍ مَا غَسَلَ أَجْزَأَهُ وَاحْتَجَّ بِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً، ثُمَّ قَالَ «هَذَا وُضُوءٌ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ تَبَارَكَ تَعَالَى صَلَاةً إلَّا بِهِ»، ثُمَّ تَوَضَّأَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ قَالَ «مَنْ تَوَضَّأَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ آتَاهُ اللَّهُ أَجْرَهُ مَرَّتَيْنِ»، ثُمَّ تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ «هَذَا وُضُوئِي وَوُضُوءُ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلِي وَوُضُوءُ خَلِيلِي إبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ».
(قَالَ): وَفِي تَرْكِهِ أَنْ يَتَمَضْمَضَ وَيَسْتَنْشِقَ وَيَمْسَحَ أُذُنَيْهِ تَرْكٌ لِلسُّنَّةِ وَلَيْسَتْ الْأُذُنَانِ مِنْ الْوَجْهِ فَيُغْسَلَا وَلَا مِنْ الرَّأْسِ فَيَجْزِي مَسْحُهُ عَلَيْهِمَا فَهُمَا سُنَّةٌ عَلَى حِيَالِهِمَا وَاحْتَجَّ بِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ عَلَى مَا فَوْقَ الْأُذُنَيْنِ مِمَّا يَلِيهِمَا مِنْ الرَّأْسِ وَلَا عَلَى مَا وَرَاءَهُمَا مِمَّا يَلِي مَنَابِتَ شَعْرِ الرَّأْسِ إلَيْهِمَا وَلَا عَلَى مَا يَلِيهِمَا إلَى الْعُنُقِ مَسْحٌ وَهُوَ إلَى الرَّأْسِ أَقْرَبُ كَانَتْ الْأُذُنَانِ مِنْ الرَّأْسِ أَبْعَدُ (قَالَ الْمُزَنِيّ): لَوْ كَانَتَا مِنْ الرَّأْسِ أَجْزَأَ مَنْ حَجَّ حَلَقَهُمَا عَنْ تَقْصِيرِ الرَّأْسِ فَصَحَّ أَنَّهُمَا سُنَّةٌ عَلَى حِيَالِهِمَا (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا يَجْزِي مِنْ مَسْحِ بَعْضِ الرَّأْسِ وَلَا يَجْزِي إلَّا مَسْحُ كُلِّ الْوَجْهِ فِي التَّيَمُّمِ أَنَّ مَسْحَ الْوَجْهِ بَدَلٌ مِنْ الْغَسْلِ يَقُومُ مَقَامَهُ وَمَسْحَ بَعْضِ الرَّأْسِ أَصْلٌ لَا بَدَلٌ مِنْ غَيْرِهِ (قَالَ): وَإِنْ فَرَّقَ وُضُوءَهُ وَغَسْلَهُ أَجُزْأَهُ وَاحْتَجَّ فِي ذَلِكَ بِابْنِ عُمَرَ (قَالَ): وَإِنْ بَدَأَ بِذِرَاعَيْهِ قَبْلَ وَجْهِهِ رَجَعَ إلَى ذِرَاعَيْهِ فَغَسَلَهُمَا حَتَّى يَكُونَا بَعْدَ وَجْهِهِ حَتَّى يَأْتِيَ الْوُضُوءَ وَلَاءً كَمَا ذَكَرَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} - (هَكَذَا قَرَأَهُ الْمُزَنِيّ إلَى الْكَعْبَيْنِ): فَإِنْ صَلَّى بِالْوُضُوءِ عَلَى غَيْرِ وَلَاءٍ رَجَعَ فَبَنَى عَلَى الْوَلَاءِ مِنْ وُضُوئِهِ وَأَعَادَ الصَّلَاةَ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَزَّ {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} فَبَدَأَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالصَّفَا وَقَالَ «نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ» (قَالَ): وَإِنْ قَدَّمَ يُسْرَى قَبْلَ يُمْنَى أَجْزَأَهُ وَلَا يَحْمِلُ الْمُصْحَفَ وَلَا يَمَسُّهُ إلَّا طَاهِرًا وَلَا يَمْتَنِعُ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ إلَّا جُنُبًا.
(قَالَ أَبُو إبْرَاهِيمَ): إنْ قَدَّمَ الْوُضُوءَ وَأَخَّرَ يُعِيدُ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ
بَابُ الِاسْتِطَابَةِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ عَنْ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إنَّمَا أَنَا لَكُمْ مِثْلُ الْوَالِدِ فَإِذَا ذَهَبَ أَحَدُكُمْ إلَى الْغَائِطِ فَلَا يَسْتَقْبِلْ الْقِبْلَةَ وَلَا يَسْتَدْبِرْهَا بِغَائِطٍ وَلَا بِبَوْلٍ وَلِيَسْتَنْجِ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ» وَنَهَى عَنْ الرَّوْثِ وَالرِّمَّةِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَذَلِكَ فِي الصَّحَارَى؛ لِأَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ جَلَسَ عَلَى لَبِنْتَيْنِ مُسْتَقْبِلَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ» فَدَلَّ أَنَّ الْبِنَاءَ مُخَالِفٌ لِلصَّحَارَى (قَالَ): وَإِنْ جَاءَ مِنْ الْغَائِطِ أَوْ خَرَجَ مِنْ ذَكَرِهِ أَوْ مِنْ دُبُرِهِ شَيْءٌ فَلْيَسْتَنْجِ بِالْمَاءِ وَلِيَسْتَطِبْ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ لَيْسَ فِيهَا رَجِيعٌ وَلَا عَظْمٌ وَلَا يَمْسَحْ بِحَجَرٍ قَدْ مَسَحَ بِهِ مَرَّةً إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ طَهَّرَهُ بِالْمَاءِ وَالِاسْتِنْجَاءُ مِنْ الْبَوْلِ كَالِاسْتِنْجَاءِ مِنْ الْخَلَاءِ وَيَسْتَنْجِي بِشِمَالِهِ.
وَإِنْ اسْتَطَابَ بِمَا يَقُومُ مَقَامَ الْحِجَارَةِ مِنْ الْخَزَفِ وَالْآجُرِّ وَقِطَعِ الْخَشَبِ وَمَا أَشْبَهَهُ فَأَنْقَى مَا هُنَالِكَ أَجْزَأَهُ مَا لَمْ يَعْدُ الْمَخْرَجَ، فَإِنْ عَدَا الْمَخْرَجَ فَلَا يُجْزِئُهُ فِيهِ إلَّا الْمَاءُ وَقَالَ فِي الْقَدِيمِ يَسْتَطِيبُ بِالْأَحْجَارِ إذَا لَمْ يَنْتَشِرْ مِنْهُ إلَّا مَا يَنْتَشِرُ مِنْ الْعَامَّةِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَحَوْلَهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يَسْتَطِيبَ بِيَمِينِهِ فَيُجْزِئَ وَبِالْعَظْمِ فَلَا يُجْزِئُ أَنَّ الْيَمِينَ أَدَاةٌ وَالنَّهْيَ عَنْهَا أَدَبٌ وَالِاسْتِطَابَةَ طَهَارَةٌ وَالْعَظْمَ لَيْسَ بِطَاهِرٍ، فَإِنْ مَسَحَ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute