بَابُ الدَّعْوَى فِي وَقْتٍ قَبْلَ وَقْتٍ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ فِي يَدِ رَجُلٍ فَأَقَامَ رَجُلٌ بَيِّنَةً أَنَّهُ لَهُ مُنْذُ سِنِينَ وَأَقَامَ الَّذِي هُوَ فِي يَدَيْهِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ لَهُ مُنْذُ سَنَةٍ فَهُوَ لِلَّذِي هُوَ فِي يَدَيْهِ وَلَمْ أَنْظُرْ إلَى قَدِيمِ الْمِلْكِ وَحَدِيثِهِ.
(قَالَ الْمُزَنِيّ) أَشْبَهُ بِقَوْلِهِ أَنْ يَجْعَلَ الْمِلْكَ لِلْأَقْدَامِ أَوْلَى كَمَا جَعَلَ مِلْكَ النِّتَاجِ أَوْلَى وَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ صَاحِبُ النِّتَاجِ قَدْ أَخْرَجَهُ مِنْ مِلْكِهِ كَمَا أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ صَاحِبُ الْمِلْكِ الْأَقْدَمِ أَخْرَجَهُ مِنْ مِلْكِهِ.
بَابُ الدَّعْوَى عَلَى كِتَابِ أَبِي حَنِيفَةَ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَإِذَا أَقَامَ أَحَدُهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَى هَذِهِ الدَّارَ مِنْهُ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَنَقَدَهُ الثَّمَنَ وَأَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْهُ بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَنَقَدَهُ الثَّمَنَ بِلَا وَقْتٍ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ نِصْفَهَا بِنِصْفِ الثَّمَنِ الَّذِي سَمَّى شُهُودَهُ وَيَرْجِعَ بِالنِّصْفِ وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: إنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْبَائِعِ فِي الْبَيْعِ.
(قَالَ الْمُزَنِيّ) هَذَا أَشْبَهُ بِالْحَقِّ عِنْدِي؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَتَيْنِ قَدْ تَكَافَأَتَا وَلِلْمُقَرِّ لَهُ بِالدَّارِ سَبَبٌ لَيْسَ لِصَاحِبِهِ كَمَا يَدَّعِيَانِهَا جَمِيعًا بِبَيِّنَةٍ وَهِيَ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا فَتَكُونُ لِمَنْ هِيَ فِي يَدَيْهِ لِقُوَّةِ سَبَبِهِ عِنْدَهُ عَلَى سَبَبِ صَاحِبِهِ.
(قَالَ الْمُزَنِيّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَقَدْ قَالَ: لَوْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى دَابَّةٍ أَنَّهُ نَتَجَهَا أَبْطَلْتهمَا وَقَبِلْت قَوْلَ الَّذِي هِيَ فِي يَدَيْهِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَى هَذَا الثَّوْبَ مِنْ فُلَانٍ وَهُوَ مِلْكُهُ بِثَمَنٍ مُسَمًّى وَنَقَدَهُ وَأَقَامَ الْآخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ فُلَانٍ وَهُوَ يَمْلِكُهُ بِثَمَنٍ مُسَمًّى وَنَقَدَهُ فَإِنَّهُ يَحْكُمُ بِهِ لِلَّذِي هُوَ فِي يَدَيْهِ لِفَضْلِ كَيْنُونَتِهِ.
(قَالَ الْمُزَنِيّ) وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى مَا قُلْت مِنْ قَوْلِهِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَلَوْ كَانَ الثَّوْبُ فِي يَدَيْ رَجُلٍ وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ ثَوْبُهُ بَاعَهُ مِنْ الَّذِي هُوَ فِي يَدَيْهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَإِنَّهُ يَقْضِي بِهِ بَيْنَ الْمُدَّعِيَيْنِ نِصْفَيْنِ وَيَقْضِي لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَيْهِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ.
(قَالَ الْمُزَنِيّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يَنْبَغِي أَنْ يَقْضِيَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَشْتَرِيَهُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَيَقْبِضَهُ ثُمَّ يَمْلِكَهُ الْآخَرُ وَيَشْتَرِيَهُ مِنْهُ وَيَقْبِضَهُ فَيَكُونُ عَلَيْهِ ثَمَنَانِ، وَقَدْ قَالَ أَيْضًا: لَوْ شَهِدَ شُهُودُ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى إقْرَارِ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ اشْتَرَاهُ أَوْ أَقَرَّ بِالشِّرَاءِ قُضِيَ عَلَيْهِ بِالثَّمَنَيْنِ.
(قَالَ الْمُزَنِيّ) سَوَاءٌ إذَا شَهِدُوا أَنَّهُ اشْتَرَى أَوْ أَقَرَّ بِالشِّرَاءِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَلَوْ أَقَامَ رَجُلٌ بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَى مِنْهُ هَذَا الْعَبْدَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَأَقَامَ الْعَبْدُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ سَيِّدُهُ الَّذِي هُوَ فِي يَدَيْهِ أَعْتَقَهُ وَلَمْ يُوَقِّتْ الشُّهُودَ فَإِنِّي أُبْطِلُ الْبَيِّنَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا تَضَادَّتَا وَأُحَلِّفُهُ مَا بَاعَهُ وَأُحَلِّفُهُ مَا أَعْتَقَهُ.
(قَالَ الْمُزَنِيّ) قَدْ أُبْطِلُ الْبَيِّنَتَيْنِ فِيمَا يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَا فِيهِ صَادِقَتَيْنِ فَالْقِيَاسُ عِنْدِي أَنَّ الْعَبْدَ فِي يَدَيْ نَفْسِهِ بِالْحُرِّيَّةِ كَمُشْتَرٍ قَبَضَ مِنْ الْبَائِعِ فَهُوَ أَنْ أَحَقَّ لِقُوَّةِ السَّبَبِ كَمَا إذَا أَقَامَا بَيِّنَةً وَالشَّيْءُ فِي يَدَيْ أَحَدِهِمَا كَانَ أَوْلَى بِهِ لِقُوَّةِ السَّبَبِ وَهَذَا أَشْبَهُ بِقَوْلِهِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَا أَقْبَلُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ هَذِهِ الْجَارِيَةَ بِنْتُ أَمَتِهِ حَتَّى يَقُولُوا: وَلَدَتْهَا فِي مِلْكِهِ، وَلَوْ شَهِدُوا أَنَّ هَذَا الْغَزْلَ مِنْ قُطْنِ فُلَانٍ جَعَلْته لِفُلَانٍ.
وَإِذَا كَانَ فِي يَدَيْهِ صَبِيٌّ صَغِيرٌ يَقُولُ: هُوَ عَبْدِي فَهُوَ كَالثَّوْبِ إذَا كَانَ لَا يَتَكَلَّمُ فَإِنْ أَقَامَ رَجُلٌ بَيِّنَةً أَنَّهُ ابْنُهُ جَعَلْته ابْنَهُ وَهُوَ فِي يَدَيْ الَّذِي هُوَ فِي يَدَيْهِ.
وَإِذَا كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدَيْ رَجُلٍ لَا يَدَّعِيهَا فَأَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّ نِصْفَهَا لَهُ، وَآخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ جَمِيعَهَا لَهُ فَلِصَاحِبِ الْجَمِيعِ النِّصْفُ وَأَبْطَلَ دَعْوَاهُمَا فَلَا حَقَّ لَهُمَا وَلَا قُرْعَةَ وَقَدْ مَضَى مَا هُوَ أَوْلَى بِهِ فِي هَذَا الْمَعْنَى.
قَالَ: وَإِذَا كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدَيْ ثَلَاثَةٍ فَادَّعَى أَحَدُهُمْ النِّصْفَ وَالْآخَرُ الثُّلُثَ وَآخَرُ السُّدُسَ وَجَحَدَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فَهِيَ لَهُمْ