للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بَابٌ فِي تَدْبِيرِ النَّصْرَانِيِّ

(قَالَ الْمُزَنِيّ): (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَيَجُوزُ تَدْبِيرُ النَّصْرَانِيِّ وَالْحَرْبِيِّ فَإِنْ دَخَلَ إلَيْنَا بِأَمَانٍ فَأَرَادَ الرُّجُوعَ إلَى دَارِ الْحَرْبِ لَمْ نَمْنَعْهُ فَإِنْ أَسْلَمَ الْمُدَبَّرُ قُلْنَا لِلْحَرْبِيِّ: إنْ رَجَعْت فِي تَدْبِيرِك بِعْنَاهُ عَلَيْك وَإِنْ لَمْ تَرْجِعْ خَارَجْنَاهُ لَك وَمَنَعْنَاك خِدْمَتَهُ فَإِنْ خَرَجْت دَفَعْنَاهُ إلَى مَنْ وَكَّلْتَهُ فَإِذَا مِتّ فَهُوَ حُرٌّ وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ أَنَّهُ يُبَاعُ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) يُبَاعُ أَشْبَهُ بِأَصْلِهِ؛ لِأَنَّ التَّدْبِيرَ وَصِيَّةٌ فَهُوَ فِي مَعْنَى عَبْدٍ أَوْصَى بِهِ لِرَجُلٍ لَا يَجِبُ لَهُ إلَّا بِمَوْتِ السَّيِّدِ وَهُوَ عَبْدٌ بِحَالِهِ وَلَا يَجُوزُ تَرْكُهُ إذَا أَسْلَمَ فِي مِلْكِ مُشْرِكٍ بَذَلَهُ وَقَدْ صَارَ بِالْإِسْلَامِ عَدُوًّا لَهُ.

بَابٌ فِي تَدْبِيرِ الَّذِي يَعْقِلُ وَلَمْ يَبْلُغْ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): مَنْ أَجَازَ وَصِيَّتَهُ أَجَازَ تَدْبِيرَهُ وَلِوَلِيِّهِ بَيْعُ عَبْدِهِ عَلَى النَّظَرِ وَكَذَلِكَ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) الْقِيَاسُ عِنْدِي فِي الصَّبِيِّ أَنَّ الْقَلَمَ لَمَّا رُفِعَ عَنْهُ وَلَمْ تَجُزْ هِبَتُهُ وَلَا عِتْقُهُ فِي حَيَاتِهِ أَنَّ وَصِيَّتَهُ لَا تَجُوزُ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْبَالِغُ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ وَيُؤْجَرُ عَلَى الطَّاعَةِ وَيَأْثَمُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ.

مُخْتَصَرُ الْمُكَاتَبِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} قَالَ: وَلَا يَكُونُ الِابْتِغَاءُ مِنْ الْأَطْفَالِ وَلَا الْمَجَانِينِ وَلَا تَجُوزُ الْكِتَابَةُ إلَّا عَلَى بَالِغٍ عَاقِلٍ.

(قَالَ): وَأَظْهَرُ مَعَانِي الْخَيْرِ فِي الْعَبْدِ بِدَلَالَةِ الْكِتَابِ الِاكْتِسَابُ مَعَ الْأَمَانَةِ فَأُحِبُّ أَنْ لَا يَمْتَنِعَ مِنْ كِتَابَتِهِ إذَا كَانَ هَكَذَا وَمَا جَازَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ جَازَ فِي الْكِتَابَةِ وَمَا رُدَّ فِيهِمَا رُدَّ فِي الْكِتَابَةِ وَلَا تَجُوزُ عَلَى أَقَلَّ مِنْ نَجْمَيْنِ فَإِنْ كَاتَبَهُ عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ مَوْصُوفَةِ الْوَزْنِ وَالْعَيْنِ إلَى عَشْرِ سِنِينَ أَوَّلُهَا كَذَا وَآخِرُهَا كَذَا يُؤَدِّي فِي انْقِضَاءِ كُلِّ سَنَةٍ مِنْهَا كَذَا فَجَائِزٌ، وَلَا يُعْتَقُ حَتَّى يَقُولَ فِي الْكِتَابَةِ: فَإِذَا أَدَّيْت كَذَا فَأَنْتَ حُرٌّ أَوْ يَقُولَ بَعْدَ ذَلِكَ: إنَّ قَوْلِي كَاتَبْتُك كَانَ مَعْقُودًا عَلَى أَنَّك إذَا أَدَّيْت فَأَنْتَ حُرٌّ كَمَا لَا يَكُونُ الطَّلَاقُ إلَّا بِصَرِيحٍ أَوْ مَا يُشْبِهُهُ مَعَ النِّيَّةِ وَلَا تَجُوزُ عَلَى الْعَرْضِ حَتَّى يَكُونَ مَوْصُوفًا كَالسَّلَمِ.

وَلَا بَأْسَ أَنْ يُكَاتِبَهُ عَلَى خِدْمَةِ شَهْرٍ وَدِينَارٍ بَعْدَ الشَّهْرِ وَإِنْ كَاتَبَهُ عَلَى أَنْ يَخْدُمَهُ بَعْدَ الشَّهْرِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَحْدُثُ مَا يَمْنَعُهُ مِنْ الْعَمَلِ بَعْدَ الشَّهْرِ وَلَيْسَ بِمَضْمُونٍ يُكَلَّفُ أَنْ يَأْتِيَ بِمِثْلِهِ فَإِنْ كَاتَبَهُ عَلَى إنْ بَاعَهُ شَيْئًا لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ يَلْزَمُ بِكُلِّ حَالٍ وَالْكِتَابَةُ لَا تَلْزَمُ مَتَى شَاءَ تَرَكَهَا.

وَلَوْ كَاتَبَهُ عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ يُؤَدِّيهَا إلَيْهِ فِي عَشْرِ سِنِينَ كَانَ النَّجْمُ مَجْهُولًا لَا يَدْرِي أَفِي أَوَّلِهَا أَوْ آخِرِهَا.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) وَكَذَا يُؤَدِّي إلَيْهِ فِي كُلِّ سَنَةٍ عَشَرَةً مَجْهُولٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَفِي أَوَّلِ كُلِّ سَنَةٍ أَوْ آخِرِهَا حَتَّى يَقُولَ فِي انْقِضَاءِ كُلِّ سَنَةٍ عَشَرَةٌ فَتَكُونُ النُّجُومُ مَعْلُومَةً.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ كَاتَبَ ثَلَاثَةً كِتَابَةً وَاحِدَةً عَلَى مِائَةٍ مُنَجَّمَةٍ عَلَى أَنَّهُمْ إذَا أَدَّوْا عَتَقُوا كَانَتْ جَائِزَةً وَالْمِائَةُ مَقْسُومَةً عَلَى قِيمَتِهِمْ يَوْمَ كُوتِبُوا، فَأَيُّهُمْ أَدَّى حِصَّتَهُ عَتَقَ وَأَيُّهُمْ عَجَزَ رُقَّ وَأَيُّهُمْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ مَاتَ رَقِيقًا كَانَ لَهُ وَلَدٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ. وَلَوْ أَدَّوْا فَقَالَ مَنْ: قَلَّتْ قِيمَتُهُ أَدَّيْنَا عَلَى الْعَدَدِ، وَقَالَ الْآخَرُونَ عَلَى الْقِيَمِ فَهُوَ عَلَى الْعَدَدِ أَثْلَاثًا وَلَوْ أَدَّى أَحَدُهُمْ مِنْ غَيْرِهِ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ فَإِنْ تَطَوَّعَ فَعَتَقُوا لَمْ يَكُنْ لَهُ الرُّجُوعُ فَإِنْ أَدَّى

<<  <   >  >>