للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بَابُ رَهْنِ الْمَاشِيَةِ الَّتِي تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ رَهَنَهُ مَاشِيَةً وَجَبَتْ فِيهَا الزَّكَاةُ أُخِذَتْ مِنْهَا وَمَا بَقِيَ فَرَهْنٌ، وَلَوْ بَاعَهُ بَيْعًا عَلَى أَنْ يَرْهَنَهُ إيَّاهَا كَانَ لَهُ فَسْخُ الْبَيْعِ كَمَنْ رَهَنَ شَيْئًا لَهُ وَشَيْئًا لَيْسَ لَهُ، وَلَوْ حَالَ عَلَيْهَا حَوْلٌ وَجَبَتْ فِيهَا الصَّدَقَةُ، فَإِنْ كَانَتْ إبِلًا فَرِيضَتُهَا الْغَنَمُ بِيعَ مِنْهَا فَاسْتُوْفِيَتْ صَدَقَتُهَا وَكَانَ مَا بَقِيَ رَهْنًا وَمَا نَتَجَ مِنْهَا خَارِجًا مِنْ الرَّهْنِ وَلَا يُبَاعُ مِنْهَا مَاخِضٌ حَتَّى تَضَعَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الرَّاهِنُ.

بَابُ زَكَاةِ الثِّمَارِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ الْمَازِنِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ مِنْ التَّمْرِ صَدَقَةٌ» (قَالَ): فَبِهَذَا نَأْخُذُ وَالْوَسْقُ سِتُّونَ صَاعًا بِصَاعِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالصَّاعُ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ بِمُدِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَبِي هُوَ وَأُمِّي - وَالْخَلِيطَانِ فِي أَصْلِ النَّخْلِ يُصْدِقَانِ صَدَقَةَ الْوَاحِدِ فَإِنْ وَرِثُوا نَخْلًا فَاقْتَسَمُوهَا بَعْدَمَا حَلَّ بَيْعُ ثَمَرِهَا وَكَانَ فِي جَمَاعَتِهَا خَمْسَةُ أَوْسُقٍ فَعَلَيْهِمْ الصَّدَقَةُ لِأَنَّ أَوَّلَ وُجُوبِهَا كَانَ وَهُمْ شُرَكَاءُ اقْتَسَمُوهَا قَبْلَ أَنْ يَحِلَّ بَيْعُ ثَمَرِهَا فَلَا زَكَاةَ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ حَتَّى تَبْلُغَ حِصَّتُهُ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ (قَالَ الْمُزَنِيّ): هَذَا عِنْدِي غَيْرُ جَائِزٍ فِي أَصْلِهِ؛ لِأَنَّ الْقَسْمَ عِنْدَهُ كَالْبَيْعِ، وَلَا يَجُوزُ قَسْمُ التَّمْرِ جُزَافًا وَإِنْ كَانَ مَعَهُ نَخْلٌ كَمَا لَا يَجُوزُ عِنْدَهُ عَرَضٌ بِعَرَضٍ مَعَ كُلِّ عَرَضٍ ذَهَبٌ تَبَعٌ لَهُ أَوْ غَيْرُ تَبَعٍ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَثَمَرُ النَّخْلِ يَخْتَلِفُ فَثَمَرُ النَّخْلِ يُوجَدُ بِتِهَامَةَ وَهِيَ بِنَجْدٍ بُسْرٌ وَبَلَحٌ فَيُضَمُّ بَعْضُ ذَلِكَ إلَى بَعْضٍ لِأَنَّهَا ثَمَرَةُ عَامٍ وَاحِدٍ، وَلَوْ كَانَ بَيْنَهَا الشَّهْرُ وَالشَّهْرَانِ وَإِذَا أَثْمَرَتْ فِي عَامٍ قَابِلٍ لَمْ يُضَمَّ وَإِذَا كَانَ آخِرُ إطْلَاعِ ثَمَرٍ أَطْلَعَتْ قَبْلَ أَنْ يَجِدَّ فَالْأَطْلَاعُ الَّتِي بَعْدَ بُلُوغِ الْآخِرَةِ كَأَطْلَاعِ تِلْكَ النَّخْلِ عَامًا آخَرَ لَا تُضَمُّ إلَّا طِلَاعَةً إلَى الْعَامِ قَبْلَهَا (قَالَ): وَيُتْرَكُ لِصَاحِبِ الْحَائِطِ جَيِّدُ التَّمْرِ مِنْ الْبَرْدِيِّ وَالْكَبِيسِ وَلَا يُؤْخَذُ الجعرور وَلَا مُصْرَانُ الْفَأْرَةِ وَلَا عِذْقُ ابْنُ حُبَيْقٍ وَيُؤْخَذُ وَسَطٌ مِنْ التَّمْرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ تَمْرُهُ بَرْدِيًّا كُلُّهُ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ، أَوْ جعرورا كُلُّهُ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ (قَالَ): وَإِنْ كَانَ لَهُ نَخْلٌ مُخْتَلِفَةٌ وَاحِدٌ يَحْمِلُ فِي وَقْتٍ وَالْآخَرُ حِمْلَيْنِ، أَوْ سَنَةٌ حَمِيلَيْنِ فَهُمَا مُخْتَلِفَانِ.

بَابُ كَيْفَ تُؤْخَذُ زَكَاةُ النَّخْلِ وَالْعِنَبِ بِالْخَرْصِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ صَالِحٍ التَّمَّارِ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ عَتَّابِ بْنِ أُسَيْدٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ - فِي زَكَاةِ الْكَرْمِ -: يُخْرَصُ كَمَا يُخْرَصُ النَّخْلُ، ثُمَّ تُؤَدَّى زَكَاتُهُ زَبِيبًا كَمَا تُؤَدَّى زَكَاةُ النَّخْلِ تَمْرًا» وَبِإِسْنَادِهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَبْعَثُ مَنْ يَخْرُصُ عَلَى النَّاسِ كُرُومَهُمْ وَثِمَارَهُمْ وَاحْتَجَّ بِأَنَّ «رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِيَهُودِ خَيْبَرَ حِينَ افْتَتَحَ خَيْبَرَ أُقِرُّكُمْ عَلَى مَا أَقَرَّكُمْ اللَّهُ عَلَى أَنَّ التَّمْرَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ قَالَ فَكَانَ يَبْعَثُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ فَيَخْرُصُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ يَقُولُ إنْ شِئْتُمْ فَلَكُمْ وَإِنْ شِئْتُمْ فَلِي فَكَانُوا يَأْخُذُونَهُ» (قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَوَقْتُ الْخَرْصِ إذَا حَلَّ الْبَيْعُ وَذَلِكَ حِينَ يَرَى فِي الْحَائِطِ الْحُمْرَةَ أَوْ الصُّفْرَةَ، وَكَذَلِكَ حِينَ يَتَمَوَّهُ الْعِنَبُ

<<  <   >  >>