أَنْ يَكُونَ لِلْمَرْأَةِ وَإِذَا كَانَ لَهَا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَغْرَمَهُ وَلِيُّهَا، وَقَضَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الَّتِي نَكَحَتْ فِي عِدَّتِهَا أَنَّ لَهَا الْمَهْرَ.
(قَالَ): وَمَا جَعَلْتُ لَهُ فِيهِ الْخِيَارَ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ ثُمَّ حَدَثَ بِهَا فَلَهُ الْخِيَارُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْمَعْنَى قَائِمٌ فِيهَا لِحَقِّهِ فِي ذَلِكَ وَحَقِّ الْوَلَدِ.
(قَالَ الْمُزَنِيّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَكَذَلِكَ مَا فَسَخَ عَقْدَ نِكَاحِ الْأَمَةِ مِنْ الطُّولِ إذَا حَدَثَ بَعْدَ النِّكَاحِ فَسْخُهُ؛ لِأَنَّهُ الْمَعْنَى الَّذِي يُفْسَخُ بِهِ النِّكَاحُ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَكَذَلِكَ هِيَ فِيهِ فَإِنْ اخْتَارَتْ فِرَاقَهُ قَبْلَ الْمَسِيسِ فَلَا مَهْرَ وَلَا مُتْعَةَ، فَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ حَتَّى أَصَابَهَا فَاخْتَارَتْ فِرَاقَهُ فَلَهَا الْمَهْرُ مَعَ الْفِرَاقِ وَاَلَّذِي يَكُونُ بِهِ مِثْلُ الرَّتْقِ بِهَا أَنْ يَكُونَ مَجْبُوبًا فَأُخَيِّرُهَا مَكَانَهَا وَأَيُّهُمَا تَرَكَهُ أَوْ وَطِئَ بَعْدَ الْعِلْمِ فَلَا خِيَارَ لَهُ (وَقَالَ) فِي الْقَدِيمِ: إنْ حَدَثَ بِهِ فَلَهَا الْفَسْخُ وَلَيْسَ لَهُ.
(قَالَ الْمُزَنِيّ) أَوْلَى بِقَوْلِهِ: إنَّهُمَا سَوَاءٌ فِي الْحَدِيثِ كَمَا كَانَا فِيهِ سَوَاءً قَبْلَ الْحَدِيثِ.
(قَالَ): وَالْجُذَامُ وَالْبَرَصُ فِيمَا زَعَمَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالطِّبِّ يُعْدِي وَلَا تَكَادُ نَفْسُ أَحَدٍ تَطِيبُ أَنْ يُجَامِعَ مَنْ هُوَ بِهِ وَلَا نَفْسُ امْرَأَةٍ بِذَلِكَ مِنْهُ وَأَمَّا الْوَلَدُ فَقَلَّمَا يَسْلَمُ فَإِنْ سَلِمَ أَدْرَكَ ذَلِكَ نَسْلَهُ نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى الْعَافِيَةَ، وَالْجُنُونُ وَالْخَبَلُ لَا يَكُونُ مَعَهُمَا تَأْدِيَةٌ لِحَقِّ زَوْجٍ وَلَا زَوْجَةٍ بِعَقْلٍ وَلَا امْتِنَاعٌ مِنْ مُحَرَّمٍ وَقَدْ يَكُونُ مِنْ مِثْلِهِ الْقَتْلُ وَلِوَلِيِّهَا مَنْعُهَا مِنْ نِكَاحِ الْمَجْنُونِ كَمَا يَمْنَعُهَا مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ فَإِنْ قِيلَ فَهَلْ مِنْ حَكَمٍ بَيْنَهُمَا فِيهِ الْخِيَارُ أَوْ الْفُرْقَةُ؟ قِيلَ: نَعَمْ الْمَوْلَى يَمْتَنِعُ مِنْ الْجِمَاعِ بِيَمِينٍ لَوْ كَانَتْ عَلَى غَيْرَ مَأْثَمٍ كَانَتْ طَاعَةُ اللَّهِ أَنْ لَا يَحْنَثَ فَأُرَخِّصُ لَهُ فِي الْحِنْثِ بِكَفَّارَةِ الْيَمِينِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَجَبَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ وَالْعِلْمُ مُحِيطٌ بِأَنَّ الضَّرَرَ بِمُبَاشَرَةِ الْأَجْذَمِ وَالْأَبْرَصِ وَالْمَجْنُونِ وَالْمَخْبُولِ أَكْثَرُ مِنْهَا بِتَرْكِ مُبَاشَرَةِ الْمَوْلَى مَا لَمْ يَحْنَثْ، وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنَّهَا مُسْلِمَةٌ فَإِذَا هِيَ كِتَابِيَّةٌ كَانَ لَهُ فَسْخُ النِّكَاحِ بِلَا نِصْفِ مَهْرٍ، وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنَّهَا كِتَابِيَّةٌ فَإِذَا هِيَ مُسْلِمَةٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ فَسْخُ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّهَا خَيْرٌ مِنْ كِتَابِيَّةٍ.
(قَالَ الْمُزَنِيّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْ اشْتَرَى أَمَةً عَلَى أَنَّهَا نَصْرَانِيَّةٌ فَأَصَابَهَا مُسْلِمَةً فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّهَا وَإِذَا اشْتَرَاهَا عَلَى أَنَّهَا مُسْلِمَةٌ فَوَجَدَهَا نَصْرَانِيَّةً فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهَا.
بَابُ الْأَمَةِ تَغُرُّ مِنْ نَفْسِهَا مِنْ الْجَامِعِ مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ الْجَدِيدِ وَمِنْ التَّعْرِيضِ بِالْخِطْبَةِ وَمِنْ نِكَاحِ الْقَدِيمِ وَمِنْ النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ، إمْلَاءٌ عَلَى مَسَائِلِ مَالِكٍ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا وَكَّلَ بِتَزْوِيجِ أَمَتِهِ فَذَكَرَتْ وَالْوَكِيلُ أَوْ أَحَدُهُمَا أَنَّهَا حُرَّةٌ فَزَوَّجَهَا ثُمَّ عَلِمَ فَلَهُ الْخِيَارُ فَإِنْ اخْتَارَ فِرَاقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا نِصْفَ مَهْرٍ وَلَا مُتْعَةَ، وَإِنْ أَصَابَهَا فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا كَانَ أَكْثَرَ مِمَّا سُمِّيَ أَوْ أَقَلَّ؛ لِأَنَّ فِرَاقَهَا فَسْخٌ وَلَا يُرْجَعُ بِهِ فَإِنْ كَانَتْ وَلَدَتْ فَهُمْ أَحْرَارٌ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُمْ يَوْمَ سَقَطُوا وَذَلِكَ أَوَّلُ مَا كَانَ حُكْمُهُمْ حُكْمَ أَنْفُسِهِمْ لِسَيِّدِ الْأَمَةِ وَلَا يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الَّذِي غَرَّهُ إلَّا بَعْدَ أَنْ يَغْرَمَهَا فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ عَبْدًا فَوَلَدُهُ أَحْرَارٌ؛ لِأَنَّهُ تَزَوَّجَ عَلَى أَنَّهُمْ أَحْرَارٌ وَلَا مَهْرَ لَهَا عَلَيْهِ حَتَّى يُعْتَقَ.
(قَالَ الْمُزَنِيّ) وَقِيمَةُ الْوَلَدِ فِي مَعْنَاهُ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنْ لَا غُرْمَ عَلَى مَنْ شَهِدَ عَلَى رَجُلٍ بِقَتْلٍ خَطَأٍ أَوْ بِعِتْقٍ حَتَّى يَغْرَمَ لِلْمَشْهُودِ لَهُ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَإِنْ كَانَتْ هِيَ الْغَارَّةُ رَجَعَ عَلَيْهَا بِهِ إذَا أُعْتِقَتْ إلَّا أَنْ تَكُونَ مُكَاتَبَةً فَيَرْجِعَ عَلَيْهَا فِي كِتَابَتِهَا؛ لِأَنَّهَا كَالْجِنَايَةِ فَإِنْ عَجَزَتْ فَحَتَّى تُعْتَقَ فَإِنْ ضَرَبَهَا أَحَدٌ فَأَلْقَتْ جَنِينًا فَفِيهِ مَا فِي جَنِينِ الْحُرَّةِ.
(قَالَ الْمُزَنِيّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَدْ جَعَلَ الشَّافِعِيُّ جَنِين الْمُكَاتَبَةَ كَجَنِينِ الْحُرَّةِ إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ.