للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عَنْهُ الْمُصَلِّي وَفِيمَا رُخِّصَ لَهُ فِي تَرْكِهِ مِنْ طُهْرٍ وَغَيْرِهِ وَقَدْ أَجْمَعَتْ الْعُلَمَاءُ وَالشَّافِعِيُّ مَعَهُمْ أَنْ لَا تُعِيدَ الْمُسْتَحَاضَةُ وَالْحَدَثُ فِي صَلَاتِهَا دَائِمٌ وَالنَّجَسُ قَائِمٌ وَلَا الْمَرِيضُ الْوَاجِدُ لِلْمَاءِ وَلَا الَّذِي مَعَهُ الْمَاءُ يَخَافُ الْعَطَشَ إذَا صَلَّيَا بِالتَّيَمُّمِ وَلَا الْعُرْيَانُ وَلَا الْمُسَافِرُ يُصَلِّي إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ يُومِئُ إيمَاءً فَقَضَى ذَلِكَ مِنْ إجْمَاعِهِمْ عَلَى طَرْحِ مَا عَجَزَ عَنْهُ الْمُصَلِّي وَرَفْعِ الْإِعَادَةِ وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ مَنْ كَانَ مَعَهُ مَاءٌ يُوَضِّئُهُ فِي سَفَرِهِ وَخَافَ الْعَطَشَ فَهُوَ كَمَنْ لَمْ يَجِدْ (قَالَ الْمُزَنِيّ): وَكَذَلِكَ مَنْ عَلَى قُرُوحِهِ دَمٌ يَخَافُ إنْ غَسَلَهَا كَمَنْ لَيْسَ بِهِ نَجَسٌ.

وَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَا يَتَيَمَّمُ صَحِيحٌ فِي مِصْرٍ لِمَكْتُوبَةٍ وَلَا لِجِنَازَةٍ، وَلَوْ جَازَ مَا قَالَ غَيْرِي: " يَتَيَمَّمُ " لِلْجِنَازَةِ لِخَوْفِ الْفَوْتِ لَزِمَهُ ذَلِكَ لِفَوْتِ الْجُمُعَةِ وَالْمَكْتُوبَةِ فَإِذَا لَمْ يَجُزْ عِنْدَهُ لِفَوْتِ الْأَوْكَدِ كَانَ مِنْ أَنْ يَجُوزَ فِيمَا دُونَهُ أَبْعَدَ وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ لَا يُصَلِّي عَلَى جِنَازَةٍ إلَّا مُتَوَضِّئًا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِنْ كَانَ مَعَهُ فِي السَّفَرِ مِنْ الْمَاءِ مَا لَا يَغْسِلُهُ لِلْجَنَابَةِ غَسَلَ أَيَّ بَدَنِهِ شَاءَ وَتَيَمَّمَ وَصَلَّى وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: يَتَيَمَّمُ وَلَا يَغْسِلُ مِنْ أَعْضَائِهِ شَيْئًا وَقَالَ فِي الْقَدِيمِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ لَا يُطَهِّرُ بَدَنَهُ (قَالَ الْمُزَنِيّ): قُلْت أَنَا هَذَا أَشْبَهُ بِالْحَقِّ عِنْدِي لِأَنَّ كُلَّ بَدَلٍ لِعَدَمٍ فَحُكْمُ مَا وَجَدَ مِنْ بَعْضِ الْمَعْدُومِ حُكْمُ الْعَدَمِ كَالْقَاتِلِ خَطَأً يَجِدُ بَعْضَ رَقَبَةٍ فَحُكْمُ الْبَعْضِ كَحُكْمِ الْعَدَمِ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا الْبَدَلُ وَلَوْ لَزِمَهُ غَسْلُ بَعْضِهِ لِوُجُودِ بَعْضِ الْمَاءِ وَكَمَالِ الْبَدَلِ لَزِمَهُ عِتْقُ بَعْضِ رَقَبَةٍ لِوُجُودِ الْبَعْضِ وَكَمَالِ الْبَدَلِ وَلَا يَقُولُ بِهَذَا أَحَدٌ نَعْلَمُهُ وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَأُحِبُّ تَعْجِيلَ التَّيَمُّمِ لِاسْتِحْبَابِي تَعْجِيلَ الصَّلَاةِ وَقَالَ فِي الْإِمْلَاءِ لَوْ أَخَّرَهُ إلَى آخِرِ الْوَقْتِ رَجَاءَ أَنْ يَجِدَ الْمَاءَ كَانَ أَحَبَّ إلَيَّ (قَالَ الْمُزَنِيّ): قُلْت أَنَا كَأَنَّ التَّعْجِيلَ بِقَوْلِهِ أَوْلَى لِأَنَّ السُّنَّةَ أَنْ يُصَلِّيَ مَا بَيْنَ أَوَّلِ الْوَقْتِ وَآخِرِهِ فَلَمَّا كَانَ أَعْظَمَ لِأَجْرِهِ فِي أَدَاءِ الصَّلَاةِ بِالْوُضُوءِ فَالتَّيَمُّمُ مِثْلُهُ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.

(قَالَ): فَإِنْ لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ، ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ كَانَ فِي رَحْلِهِ أَعَادَ وَإِنْ وَجَدَهُ بِثَمَنٍ فِي مَوْضِعِهِ وَهُوَ وَاجِدُ الثَّمَنِ غَيْرُ خَائِفٍ إنْ اشْتَرَاهُ الْجُوعَ فِي سَفَرِهِ فَلَيْسَ لَهُ التَّيَمُّمُ وَإِنْ أُعْطِيَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يَشْتَرِيَهُ وَيَتَيَمَّمُ.

وَلَوْ كَانَ مَعَ رَجُلٍ مَاءٌ فَأَجْنَبَ رَجُلٌ وَطَهُرَتْ امْرَأَةٌ مِنْ الْحَيْضِ وَمَاتَ رَجُلٌ وَلَمْ يَسَعْهُمْ الْمَاءُ كَانَ الْمَيِّتُ أَحَبَّهُمْ إلَى أَنْ يَجُودُوا بِالْمَاءِ عَلَيْهِ وَيَتَيَمَّمُ الْحَيَّانِ؛ لِأَنَّهُمَا قَدْ يَقْدِرَانِ عَلَى الْمَاءِ وَالْمَيِّتُ إذَا دُفِنَ لَمْ يُقْدَرْ عَلَى غُسْلِهِ، فَإِنْ كَانَ مَعَ الْمَيِّتِ مَاءٌ فَهُوَ أَحَقُّهُمْ بِهِ، فَإِنْ خَافُوا الْعَطَشَ شَرِبُوهُ وَيَمَّمُوهُ وَأَدَّوْا ثَمَنَهُ فِي مِيرَاثِهِ

بَابُ مَا يُفْسِدُ الْمَاءَ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا وَقَعَ فِي الْإِنَاءِ نُقْطَةُ خَمْرٍ أَوْ بَوْلٍ أَوْ دَمٍ أَوْ أَيُّ نَجَاسَةٍ كَانَتْ مِمَّا يُدْرِكُهُ الطَّرَفُ فَقَدْ فَسَدَ الْمَاءُ وَلَا تُجْزِئُ بِهِ الطَّهَارَةُ.

وَإِنْ تَوَضَّأَ رَجُلٌ، ثُمَّ جَمَعَ وُضُوءَهُ فِي إنَاءٍ نَظِيفٍ، ثُمَّ تَوَضَّأَ بِهِ أَوْ غَيْرُهُ لَمْ يَجْزِهِ؛ لِأَنَّهُ أَدَّى بِهِ الْوُضُوءَ الْفَرْضَ مَرَّةً وَلَيْسَ بِنَجَسٍ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَوَضَّأَ وَلَا شَكَّ أَنَّ مِنْ بَلَلِ الْوُضُوءِ مَا يُصِيبُ ثِيَابَهُ وَلَا نَعْلَمُهُ غَسَلَهُ وَلَا أَحَدًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَعَلَهُ وَلَا يَتَوَضَّأُ بِهِ لِأَنَّ عَلَى النَّاسِ تَعَبُّدًا فِي أَنْفُسِهِمْ بِالطَّهَارَةِ مِنْ غَيْرِ نَجَاسَةٍ وَلَيْسَ عَلَى ثَوْبٍ وَلَا أَرْضٍ تَعَبُّدٌ وَلَا أَنْ يُمَاسَّهُ مَاءٌ مِنْ غَيْرِهِ نَجَاسَةٌ.

وَإِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي الْإِنَاءِ فَقَدْ نَجُسَ الْمَاءُ وَعَلَيْهِ أَنْ يُهْرِيقَهُ وَيَغْسِلَ مِنْهُ الْإِنَاءَ سَبْعَ مَرَّاتٍ أُولَاهُنَّ بِتُرَابٍ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

(قَالَ): فَإِنْ كَانَ فِي بَحْرٍ لَا يَجِدُ فِيهِ تُرَابًا فَغَسَلَهُ بِمَا يَقُومُ مَقَامَ التُّرَابِ فِي التَّنْظِيفِ مِنْ أُشْنَانٍ أَوْ نُخَالَةٍ أَوْ مَا أَشْبَهَهُ فَفِيهِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ لَا يَطْهُرَ إلَّا بِأَنْ يُمَاسَّهُ التُّرَابُ وَالْآخَرُ يَطْهُرُ بِمَا يَكُونُ خَلَفًا مِنْ تُرَابٍ، أَوْ أَنْظَفَ مِنْهُ كَمَا وَصَفْت كَمَا نَقُولُ فِي

<<  <   >  >>