للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَخَرَجَ بَعْضُ وَلَدِهَا وَبَقِيَ بَعْضُهُ كَانَتْ رَجْعَةً وَلَا تَخْلُو حَتَّى يُفَارِقَهَا كُلُّهُ، وَلَوْ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ فَلَمْ يَدْرِ أَقَبْلَ أَوْلَادِهَا أَمْ بَعْدَهُ فَقَالَ وَقَعَ بَعْدَمَا وَلَدَتْ فَلِي الرَّجْعَةُ وَكَذَّبَتْهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الرَّجْعَةَ حَقٌّ لَهُ وَالْخُلُوُّ مِنْ الْعِدَّةِ حَقٌّ لَهَا وَلَمْ يَدْرِ وَاحِدٌ مِنْهُمَا كَانَتْ الْعِدَّةُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ وَلَا نُزِيلُهَا إلَّا بِيَقِينٍ وَالْوَرَعُ أَنْ لَا يَرْتَجِعَهَا.

وَلَوْ طَلَّقَهَا فَلَمْ يُحْدِثْ لَهَا رَجْعَةً وَلَا نِكَاحًا حَتَّى وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ فَأَنْكَرَهُ الزَّوْجُ فَهُوَ مَنْفِيٌّ بِاللِّعَانِ؛ لِأَنَّهَا وَلَدَتْهُ بَعْدَ الطَّلَاقِ لِمَا لَا يَلِدُ لَهُ النِّسَاءُ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَإِذَا كَانَ الْوَلَدُ عِنْدَهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ تَلِدَهُ مِنْهُ فَلَا مَعْنَى لِلِّعَانِ بِهِ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا غَلَطًا مِنْ غَيْرِ الشَّافِعِيِّ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: كُلَّمَا وَلَدَتْ وَلَدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَوَلَدَتْ وَلَدَيْنِ بَيْنَهُمَا سَنَةٌ طَلُقَتْ بِالْأَوَّلِ وَحَلَّتْ لِلْأَزْوَاجِ بِالْآخَرِ وَلَمْ نُلْحِقْ بِهِ الْآخَرَ؛ لِأَنَّ طَلَاقَهُ وَقَعَ بِوِلَادَتِهَا ثُمَّ لَمْ يُحْدِثْ لَهَا نِكَاحًا وَلَا رَجْعَةً، وَلَمْ يُقِرَّ بِهِ فَيَلْزَمُهُ إقْرَارُهُ فَكَانَ الْوَلَدُ مُنْتَفِيًا عَنْهُ بِلَا لِعَانٍ وَغَيْرُ مُمْكِنٍ أَنْ يَكُونَ فِي الظَّاهِرِ مِنْهُ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَوَضْعُهَا لِمَا لَا يَلِدُ لَهُ النِّسَاءُ مِنْ ذَلِكَ أَبْعَدُ وَبِأَنْ لَا يَحْتَاجَ إلَى لِعَانٍ بِهِ أَحَقُّ.

(قَالَ): وَلَوْ ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّهُ رَاجَعَهَا فِي الْعِدَّةِ أَوْ نَكَحَهَا إنْ كَانَتْ بَائِنًا أَوْ أَصَابَهَا وَهِيَ تَرَى أَنَّ لَهُ عَلَيْهَا الرَّجْعَةَ لَمْ يَلْزَمْهُ الْوَلَدُ وَكَانَتْ الْيَمِينُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ حَيًّا وَعَلَى وَرَثَتِهِ عَلَى عِلْمِهِمْ إنْ كَانَ مَيِّتًا، وَلَوْ نَكَحَ فِي الْعِدَّةِ وَأُصِيبَتْ فَوَضَعَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ نِكَاحِ الْآخَرِ وَتَمَامِ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ فِرَاقِ الْأَوَّلِ فَهُوَ لِلْأَوَّلِ، وَلَوْ كَانَ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ فِرَاقِ الْأَوَّلِ لَمْ يَكُنْ ابْنٌ وَاحِدٌ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُمْكِنْ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَهَذَا قَدْ نَفَاهُ بِلَا لِعَانٍ فَهَذَا وَاَلَّذِي قَبْلَهُ سَوَاءٌ.

(قَالَ): فَإِنْ قِيلَ: فَكَيْفَ لَمْ يَنْفِ الْوَلَدَ إذَا أَقَرَّتْ أُمُّهُ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ثُمَّ وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بَعْدَ إقْرَارِهَا؟ قِيلَ: لِمَا أَمْكَنَ أَنْ تَحِيضَ وَهِيَ حَامِلٌ فَتُقِرُّ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ عَلَى الظَّاهِرِ وَالْحَمْلُ قَائِمٌ لَمْ يَنْقَطِعْ حَقُّ الْوَلَدِ بِإِقْرَارِهَا بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَأَلْزَمْنَاهُ الْأَبَ مَا أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ حَمْلًا مِنْهُ وَكَانَ الَّذِي يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ وَلَا يَمْلِكُهَا فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّ كِلْتَيْهِمَا تَحِلَّانِ بِانْقِضَاءٍ لِلْأَزْوَاجِ، وَقَالَ فِي بَابِ اجْتِمَاعِ الْعِدَّتَيْنِ: وَالْقَافَّةُ إنْ جَاءَتْ بِوَلَدٍ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ يَوْمِ طَلَّقَهَا الْأَوَّلُ إنْ كَانَ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ دَعَا لَهُ الْقَافَّةَ، وَإِنْ كَانَ لَا يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ فَهُوَ لِلثَّانِي.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَجَمَعَ بَيْنَ مَنْ لَهُ الرَّجْعَةُ عَلَيْهَا وَمَنْ لَا رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا فِي بَابِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنْ تَحِلَّ فِي بَابِ اجْتِمَاعِ الْعِدَّتَيْنِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

لَا عِدَّةَ عَلَى الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا زَوْجُهَا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} الْآيَةَ قَالَ وَالْمَسِيسُ الْإِصَابَةُ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَشُرَيْحٌ وَغَيْرُهُمَا: لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا إلَّا بِالْإِصَابَةِ بِعَيْنِهَا؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ هَكَذَا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَهَذَا ظَاهِرُ الْقُرْآنِ فَإِنْ وَلَدَتْ الَّتِي قَالَ زَوْجُهَا: لَمْ أَدْخُلْ بِهَا لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ، أَوْ لِأَكْثَرَ مَا يَلِدُ لَهُ النِّسَاءُ مِنْ يَوْمِ عَقَدَ نِكَاحَهَا لَحِقَ نَسَبُهُ وَعَلَيْهِ الْمَهْرُ إذَا أَلْزَمْنَاهُ الْوَلَدَ حَكَمْنَا عَلَيْهِ بِأَنَّهُ مُصِيبٌ مَا لَمْ تَنْكِحْ زَوْجًا غَيْرَهُ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ.

(قَالَ): وَلَوْ خَلَا بِهَا فَقَالَ: لَمْ أُصِبْهَا وَقَالَتْ: قَدْ أَصَابَنِي وَلَا وَلَدَ فَهِيَ مُدَّعِيَةٌ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ، وَإِنْ جَاءَتْ بِشَاهِدٍ بِإِقْرَارِهِ أَحَلَفْتهَا مَعَ شَاهِدِهَا وَأَعْطَيْتهَا الصَّدَاقَ

<<  <   >  >>